Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

"إسرائيل" تدفع المنطقة إلى حافة الانفجار.. محمد خضر قرش

  المتابع والمراقب لتصرفات وسلوكيات وممارسات سلطات الاحتلال في القدس ضد الفلسطينيين وكل المؤسسات الدينية والاقتصادية والاجتماعية المقدسية بما فيها منظمات المجتمع المدني، يلاحظ تهوراً ولا مبالاة بالنتائج التي يمكن أن تتسبب بها. فسلطات الاحتلال تتصرف

وكأنها في سباق مع الزمن لتركيع المقدسيين وقضم ما تستطيع قضمه من العقارات والأملاك والأرض في محاولة يائسة ومجنونة منها لتهويد المدينة وتغيير معالمها الديموغرافية وسماتها المميزة لإظهار قدرتها على فرض أمر واقع يتعارض مع حقائق التاريخ والجغرافيا.

وفي سبيل تنفيذ هذا المخطط الشيطاني فقد أوعزت لقطعان المستوطنين وغلاة الحاقدين والكارهين لكل ما هو فلسطيني بالعمل ووضعت تحت تصرفهم الأموال اللازمة لإنجاح مخططاتهم الإجرامية بما في ذلك التسهيلات اللوجستية والأمنية والقضائية والمعلومات.

فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على إدارة الأرض التي احتلت عام 1967 تحديداً لم تشهد موجات هستيرية كالتي تجري حالياً بما فيها حكومات بيغن وشامير وشارون (على الرغم من عدائها كلها للشعب الفلسطيني) لفرض أمر واقع على المسجد الأقصى وتقسيمه مكانياً وزمانياً. فهي أكثر الحكومات لعباً بالنار. فالهجوم الشرس والوقح غير المسبوق الذي تمارسه الحكومة اليمينية الموغلة في التطرف والعنصرية والغطرسة والغرور التي يترأسها نتنياهو حالياً والمتكونة من شخصيات لا تفقه أو تفهم بأي شيء سوى الاستيلاء على الأرض وطرد أصحابها الفلسطينيين منها وتهجيرهم بكل الوسائل المتاحة وخاصة غير القانونية وفي مقدمتها التزوير، سيؤدي لا محالة إلى انتفاضة غير عادية وغير معروفة أو محسوبة النتائج.

فالحكومة الحالية التي يديرها الرباعي الموغل في التحريض والتطرف والعنصرية (نتنياهو وليبرمان ونفتالي بنيت ووزير "الدفاع" موشيه يعلون) لم يفوتوا أي فرصة إلا واستغلوها لتكريس الاستيطان وتهويد المدينة المقدسة ومصادرة الأراضي وتعطيل وإفشال وتخريب كل المبادرات والفرص التي طرحتها الأطراف الدولية بما فيها الولايات المتحدة الأميركية بغرض وضع حد لآخر وأبشع وأسوأ احتلال عسكري عرفته البشرية فالحكومة الإسرائيلية الحالية تعتقد – وبالأدق تتوهم استناداً إلى قوتها العسكرية- أن بإمكانها أن تفرض شروطها للحل الدائم معتمدة على عاملين أساسيين هما: الدعم الأميركي اللامحدود في كافة المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية وفي كافة المحافل والمنظمات الدولية. أما العامل الثاني، فهو ما يجري من عمليات تخريب وتجزئة متعمدة للعديد من الدول العربية (العراق وسوريا وليبيا واليمن ولولا يقظة ووطنية الجيش المصري المبكرة لأضيفت مصر) مما جعل "إسرائيل" غير مهددة جدياً من جيرانها لأول منذ قيامها.

وبسبب هذين العاملين بشكل أساسي أطلقت سلطات الاحتلال يد سعران وقطعان المستوطنين الحاقدين وممثلي الأحزاب اليمينية للعبث في المقدسات الإسلامية في الأقصى المبارك من خلال الزيارات الاستفزازية شبه اليومية التي يقومون بها بحماية الشرطة للاعتداء على المصلين بطريقة وحشية من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين معاً، بالإضافة إلى تلطيخ جدران الكنائس الفلسطينية بعبارات عنصرية وحرق المساجد ودور العبادة في أكثر من مكان في فلسطين.

ووفقاً للكاتب جدعون ليفي في جريدة هآرتس الإسرائيلية في مقاله المنشور يوم 23 أكتوبر الجاري "فإن الحكومة اليمينية حولت القدس إلى عاصمة للتمييز العنصري، فالعاصمة لم تعد عاصمة. والمدينة الموحدة حسب التعبير الإسرائيلي هي المدينة الأكثر انقساماً في الكرة الأرضية". ويضيف "أن المساواة هي طرفة والعدالة غائبة، فحرية الوصول إلى الأماكن المقدسة لليهود فقط ولكبار السن من الفلسطينيين". فالمستوطنون يحق لهم دهس المواطنين الفلسطينيين وحرق جثثهم وهم أحياء ومن كافة الأعمار وتدمير وهدم ممتلكاتهم وزيتونهم وحقولهم وتزوير وثائق وشهادات ملكية الأرض والعقار، فكل شيء مباح لهم ولا يخضعون للمساءلة بحجة أنهم يعانون من أمراض نفسية.

 

الانتفاضة والانفجار والطوفان في الطريق

لم تترك سلطات الاحتلال وسيلة قمعية غير إنسانية إلا واتبعتها في محاولة منها لقمع وإسكات مطالبة الشعب بوضع حد نهائي للاحتلال البغيض والقدس في مقدمتها. فمتطلبات ومستلزمات الانفجار والطوفان والانتفاضة قائم ومتوفر من خلال استمرار ممارسات هذه الحكومة العنصرية وخاصة عمليات القتل شبه اليومية للفلسطينيين واستفزاز المصلين في الأقصى وهدم البيوت أو مصادرتها مما يجعل الفلسطينيين أمام خيارين لا ثالث لهما: قبول العيش الذليل وفقدان الكرامة الوطنية والرجولة والقبول باستباحة الأقصى بما فيها التنازل عن الأرض والممتلكات أو مواجهة ومقاومة سلطات الاحتلال وقطعان المستوطنين. فسلطات الاحتلال لم تترك لشعب فلسطين خيارات أخرى.

وبذلك يصبح الاستشهاد هو الأقل كلفة بالنسبة إليهم والأكثر إيلاماً لسلطات الاحتلال. فالانتفاضة كما يطلق عليها جدعون ليفي قادمة في الطريق طبقاً لكل ما تقدم. فقد جربت سلطات الاحتلال على امتداد الـ47 عاماً الماضية كل أصناف ووسائل القمع والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني ولم تفلح أو تحقق نتائج تثبت وجهة نظرها.

فهدم البيوت مستمر منذ عام 1968 والاعتقالات والتعذيب والطرد لم يتوقف أبداً، وطبقاً لجدعون ليفي المنوّه عنه، فإن سلطات الاحتلال اعتقلت 760 فلسطينياً بعد حرق الفتى محمد أبو خضير من قبل المستوطنين المملوءة قلوبهم حقداً وكراهية ضد كل ما هو فلسطيني، منهم 260 من الأحداث. لا أعلم ماذا في بقي جعبة سلطات الاحتلال من وسائل القمع لم تقم بها أو تمارسها ضد الفلسطينيين! ورغم كل ذلك فالشعب صامد ومغروس في الأرض بل وما زال قادر على تقديم التضحيات.

حكومات "إسرائيل" المتعاقبة وخاصة الحالية منها لم تتعظ من دروس وعبر التاريخ ولم تتعلم أو تستفد من كل الأنظمة العنصرية والاحتلالية التي سبقتها في إفريقيا وغيرها رغم إدعائها عكس ذلك. ولعل من أبرز متطلبات ومستلزمات الانفجار أو الطوفان هو أن تستمر سلطات الاحتلال في ممارساتها الحالية ولا تتراجع عنها فهي البيئة الخصبة لتوليد روح الانتقام والتمرد.

ومن حسن الطالع وهو المتطلب الثاني الواجب توفره هو ضعف ومحدودية تأثير السلطة والأحزاب والقوى والفصائل على حركة الشارع الفلسطيني. فهو يتحرك بموجبات ما يرى ويشاهد وليس بأوامر، وهذا يعني أن الطوفان أو الانفجار القادم لن تتمكن السلطة والقوى من وقفه أو الحد من تداعياته أو التأثير على مجرياته. ومن المفيد هنا أن نقول لنتنياهو وليبرمان ونفتالي بينت وموشيه يعلون ما يلي: يمكن في يوم ما أن يلج الجمل في سم الخياط باستخدام وسائل تكنولوجية ويمكن أيضاً أن يتم تركيب حوافر مطاطية للإنسان تمكنه من المشي على رأسه أو السير على يديه كما يمكن أن تخترع وسائل تقنية تمكن الإنسان بالبقاء حياً في بطن الحوت كما يمكن جلب أو جر قارة أميركا إلى إفريقيا ونقل الأخيرة محلها كما يمكن أن تنتفي اللغة الإنكليزية وتنمحي وتصبح غير موجودة ويتحدث الشعب البريطاني بلغة الهنود الحمر أو بالإشارة أو باستخدام الصور،كل شيء ممكن بما في ذلك التحام الشمس والقمر معاً، لكن الذي لا يمكن أن يتم ومن سابع المستحيلات أن يحدث أو يحصل هو أن تتوهم سلطات الاحتلال للحظة واحدة أن بإمكانها أن تبقى تحتل الأرض وتهود القدس وتهدم البيوت وتدهس المواطنين بدون وجود مقاومة وشهداء.

القدس كانت فلسطينية منذ أن خلق الله البسيطة وستبقى كذلك ولن تكون أبداً عاصمة موحدة لـ"إسرائيل"، ذلك هو اليقين المبين. وما أتيت عليه هنا لم أنفرد به، فالصحفي الإسرائيلي بن كاسبيت كتب مقالاً في جريدة معاريف بعنوان "قطار الهاوية يقوده نتنياهو ونفتالي بينيت" واليكس فيشمان كتب في يديعوت آحرنوت يقول "القدس تشتعل و"إسرائيل" تدفن رأسها في الرمال" أما أسرة تحرير هآرتس فكتبت تقول "الاستقرار في القدس لن يتحقق بالقوة". كل هذه العناوين تؤشر بدقة ما ذهبت إليه من أن الانفجار قادم لا محالة.

وجملة أخيرة نقتبسها من الطوفان الذي حدث في زمن سيدنا موسى عليه السلام والمجموعة المؤمنة التي اتبعته حينما لحقهم فرعون وجنده فكان أن هلك الأخير ونجا موسى والقلة المؤمنة التي رافقته...