Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

نتنياهو وحلم "إسرائيل" الكبرى: من غزة إلى الأمم المتحدة وعدوان جديد على لبنان

فلسطين اليوم

في خضمِّ لهيب العدوان الصهيوني المتواصل على شعوب المنطقة، تتسارع الخطوات التوسعية لبنيامين نتنياهو، وهو مجرم حرب لا يخفي أطماعه التي تتجاوز حدود فلسطين لتشمل إعادة تشكيل جغرافيا الشرق الأوسط بأسره. ما يجري اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري عابر، بل هو جزء من مشروع أيديولوجي عميق يرتكز على خرافات "إسرائيل الكبرى" المزعومة، ويسعى إلى فرض واقع جديد على الأرض.

العدوان الصهيوني الذي يستهدف قطاع غزة وجنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت ما هو سوى انعكاس لأطماع نتنياهو المتجذرة في تلموديات توسعية، تدعمها قوى يمينية متطرفة داخل "إسرائيل" وخارجها.

إنه مشروع توسعي لا يعترف بالحدود، ويتغذى على ضعف الموقف الدولي وصمت الدول التي ارتضت التطبيع، ظنًا منها أن ذلك سيحميها من نيران هذا العدوان، ولكن الحقيقة المرة أن كل شبر من الأراضي العربية، من لبنان وسوريا إلى الأردن ومصر، وحتى شبه الجزيرة العربية، باتت هدفًا في مرمى نيران المشروع الصهيوني المدعوم أميركياً.

نحن أمام مفترق طرق خطير، إما أن تتحرك الأمة العربية والعالم لوقف هذه الأطماع التوسعية قبل فوات الأوان، وإما أن يشهد التاريخ كيف تُعيد "إسرائيل" رسم خرائط المنطقة وفقًا لرؤيتها التلمودية، ليغرق الشرق الأوسط في دوامة من الحروب والكوارث الإنسانية التي لن تنتهي.

في خضم تصاعد العدوان الهمجي لقوات الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة وجنوب لبنان والضاحية الجنوبية، ومع تصريحات بنيامين نتنياهو المتكررة حول "إسرائيل الكبرى" و"الشرق الأوسط الجديد"، بات واضحًا أن طموحات هذا الزعيم الصهيوني اليميني تتجاوز حدود الصراعات التقليدية في المنطقة. 

إن العدوان الصهيوني المتزايد على جنوب لبنان، والهجمات النوعية التي استهدفت الضاحية الجنوبية، تُظهر أن مخطط نتنياهو يتسارع لتحقيق رؤيته التوسعية، معتمدًا على تحالفه العضوي مع القوى الصهيونية الدينية المتطرفة والدعم اللامحدود من الإدارة الأميركية.

تكثيف الضغط وتوسيع النفوذ

في الأيام الأخيرة، شنت آلة الحرب الصهيونية عدوانًا متجددًا على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، مستهدفة قوات المقاومة اللبنانية، في محاولة لفرض سياسة الردع وإضعاف المقاومة اللبنانية. 

هذه الهجمات تمثل مرحلة جديدة من التصعيد في ظل تصاعد العدوان على لبنان، وتأتي كجزء من مشروع إسرائيل الكبرى الذي تسعى "إسرائيل" لتنفيذه عبر السيطرة على الأراضي الحيوية في لبنان. 

هذا التصعيد ليس مجرد رد فعل على تهديدات مباشرة، بل خطوة استباقية لترسيخ الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة الشمالية من فلسطين المحتلة المحاذية للبنان.

 

الطموحات التوسعية ومحور المقاومة

محور المقاومة الذي يمتد من إيران مرورًا بسوريا وصولًا إلى لبنان وفلسطين، يمثل العقبة الأبرز في طريق تحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى". العدوان الصهيوني المتكرر على الضاحية الجنوبية لبيروت يهدف إلى إضعاف المقاومة اللبنانية التي تشكل تهديدًا حقيقيًّا لمشروع الهيمنة 

في الوقت نفسه، يمثل هذا الهجوم محاولة لتوسيع نطاق العمليات العسكرية إلى المناطق التي تُعتبر خطًا أحمر بالنسبة إلى حزب الله.

الهدف ليس فقط تحجيم قدرات المقاومة اللبنانية، بل أيضاً تحجيم أي قوة تقف في وجه مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى نتنياهو إلى بنائه.

 

من "إسرائيل الكبرى" إلى الشرق الأوسط الجديد

إن التطورات الأخيرة، بما في ذلك تصعيد العدوان الصهيوني على جنوب لبنان وشماله والضاحية الجنوبية، تشير إلى أن المرحلة الحالية من الصراع ليست مجرد معركة حول الأراضي، بل هي جزء من رؤية نتنياهو الأوسع لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.

اليوم، يتجلى بوضوح أن أي تهاون أمام هذه الطموحات التوسعية سيقود المنطقة إلى كارثة لا تُحمد عقباها.

يجب على الدول العربية التي بادرت إلى تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني أن تدرك جيدًا أن طموحات مجرم الحرب نتنياهو لا تقف عند حدود فلسطين أو لبنان. إسرائيل الكبرى التي يتحدث عنها نتنياهو تشمل أجزاء من سوريا والأردن ومصر، وحتى شبه الجزيرة العربية. لذا فإن تحالفات التطبيع ليست سوى تهدئة مؤقتة قد تنقلب على تلك الدول إذا لم تواجه الطموحات التوسعية الصهيونية بكل حزم.

خريطة "إسرائيل الكبرى" في الأمم المتحدة: رمزية ودلالات

في خطابه أمام الأمم المتحدة، عندما رفع نتنياهو خريطة لإسرائيل تشمل الأراضي المحتلة والأجزاء المجاورة، كانت هذه الخريطة رسالة واضحة للعالم: "إسرائيل" ترى نفسها دولة ذات حدود موسعة، ولا تقبل بأي تسوية لا تحقق هذه الأهداف التوسعية.

هذا المشهد الرمزي الذي أثار قلق العديد من الدول لم يكن مجرد إشارة، بل كان إعلانًا عن نية "إسرائيل" لتطبيق سياسات الأمر الواقع.

 

العدوان على الجنوب: تصعيد نحو حرب شاملة؟

تصعيد العدوان الهمجي على جنوب لبنان والضاحية الجنوبية قد يقود إلى نزاع إقليمي أوسع يشمل أطرافًا أخرى في المنطقة. اليوم، المنطقة تقف على حافة مواجهة شاملة قد تقود إلى تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي والدولي. لا بد من تحرك عالمي لوقف هذه الأطماع التوسعية قبل فوات الأوان.

من خلال استعراض التطورات الأخيرة وتصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"، نرى أن العدوان المتواصل على قطاع غزة ولبنان يمثل جزءًا لا يتجزأ من رؤية الكيان الصهيوني لفرض هيمنته الإقليمية. الطموحات الصهيونية ليست أحلامًا بعيدة المنال، بل هي واقع يتحقق يومًا بعد يوم من خلال العدوان الهمجي والتوسع الاستيطاني والدعم الدولي المتزايد.

التحذير اليوم هو للدول العربية التي تتغاضى عن هذه الطموحات بدافع المصالح المؤقتة، فالتاريخ لا يرحم من تجاهل الأطماع التوسعية. لا بد من مواجهة هذا المشروع بقوة وحزم، وإلا فإن المنطقة بأكملها ستجد نفسها أمام واقع جديد قد لا يمكن عكسه.

المقاومة اللبنانية عقبة كأداء في وجه المشروع الصهيوأميركي

في ظل هذا التصعيد المتواصل، يجب أن يدرك العالم، وخصوصاً الدول العربية، أن محور المقاومة، وفي قلبه المقاومة اللبنانية، يمثل العقبة الرئيسية أمام تحقيق المشروع الصهيوأميركي المتمثل في "الشرق الأوسط الجديد". هذه المقاومة ليست مجرد قوة عسكرية، بل إرادة راسخة وشعلة مضيئة في مواجهة طموحات نتنياهو وأعوانه.

لقد أثبتت المقاومة اللبنانية مرارًا وتكرارًا، منذ عام 2000 مرورًا بحرب يوليو/ تموز 2006، وصولًا إلى يومنا هذا، أنها القوة التي لا يستطيع الاحتلال كسرها، مهما تكالبت عليها القوى العالمية والإقليمية.

إنها القوة التي تعيد التوازن في المنطقة وتقف حائط صد أمام مشروع "إسرائيل الكبرى"؛ مشروع يرتكز على وهم السيطرة وتدمير الهوية العربية.

هذا المشروع الذي يرمي إلى استعباد المنطقة وإخضاعها لأطماعه لن يمر ما دامت المقاومة صامدة، ثابتة على مواقفها، تحمي الأرض والعرض. في كل قذيفة تُطلق، وفي كل خطوة مقاومة، تُزرع بذور الثقة بقدرة الشعوب على إفشال مخططات الهيمنة والاحتلال.

اليوم، كما بالأمس، تقف المقاومة اللبنانية شامخة في وجه العدو، لتؤكد للعالم أن مشروع "الشرق الأوسط الجديد" لن يُبنى على ركام الشعوب وأطلالها، بل ستتحطم أحلامه على صخرة الصمود والمقاومة التي ستبقى إلى الأبد رمزًا للكرامة العربية وأملًا للنصر.

 

*صحفي وكاتب مصري