في هذا الإطار، يجري التطرّق إلى عدة نتائج أمست واضحة، في مقدمها نتيجتان: الأولى، وبحسب الوزير الإسرائيلي السابق حاييم رامون، لا تجرؤ المؤسّستان السياسية والعسكرية على الجهر بها، أنه بعد 11 شهرا على الحرب، لم تحقّق إسرائيل هدفا واحدا.
مع اقتراب حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة من إغلاق عامها، أمكن العثور على كمّ من المقالات الإسرائيلية الإجمالية لما آلت إليه حتى اللحظة، وليس من المبالغة القول إن ما تتسم به غالبيّتها حالة من شبه إجماع على أمريْن: أن الحرب لم تحقّق أيّا من نتائجها التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية لها، وأن تباهي الحكومة ورئيسها نتنياهو بأي مآلٍ مغاير ليس أكثر من مجرّد كذبٍ أو لفّ ودوران.
وحالة شبه الإجماع التي نصادفها لا تقتصر على أطياف المعارضة الإسرائيلية، وينبغي التنويه بأنها معارضة للحكومة الإسرائيلية الحالية، وليس للحرب بشكل مطلق، بل تتعدّاها إلى عدد آخذ بالازدياد من المحللين المداومين على الكتابة في صحيفة "يسرائيل هيوم" المؤيدة لنتنياهو واليمين الإسرائيلي الجديد. ومنهم مثلاً المستشرق إيال زيسر الذي كتب قبل أيام: "إننا نقف في مواجهة واقع مغاير، وفي مقابل عدو آخر، وربما جيش إسرائيلي مختلف، ومع قيادة غير قادرة على حسم وإنهاء الحرب المستمرّة، والتي تعدّ الأكثر فشلا من بين حروب إسرائيل كافة" (استخدم عبارة الأقل نجاحا للتمويه).
وفي الصحيفة نفسها، لمّح رئيس جامعة تل أبيب، البروفيسور أريئيل بورات، الذي شغل منصب عميد كلية الحقوق، إلى أنه في حال صدقت التسريبات عن وجود قناعة لدى رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية: هيئة الأركان العامة للجيش، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، وجهاز الموساد، فحواها أن نتنياهو يتخذ قراراتٍ خاطئة من شأنها أن تلحق أضرارا فادحة بأمن إسرائيل القومي وحياة سكّانها، فلا يجوز لهم بأي حال التزام الصمت، ومن واجبهم إسماع صوتهم، باعتبار ذلك نوعاً من الضغط على المؤسّسة السياسية لوقف الحرب.
وهي دعوة أسمعت في الماضي مرّات عديدة في مقابل المؤسّسة الأمنيّة، في سياق تواتر الكلام عن إخفاقات الحرب وواجبات هذه المؤسّسة على المستوى القومي. ونتوقّف هنا، (وفي مقالات لاحقة)، عند أبرز تلك المقالات الإجمالية، والتي تعكس الجدل الإسرائيلي الداخلي بشأن الحرب المستمرّة على غزّة.
من البديهي أن تشمل تلك المقالات وضع الحرب في الميزان. وفي هذا الإطار، يجري التطرّق إلى عدة نتائج أمست واضحة، في مقدمها نتيجتان: الأولى، وبحسب الوزير الإسرائيلي السابق حاييم رامون، لا تجرؤ المؤسّستان السياسية والعسكرية على الجهر بها، أنه بعد 11 شهرا على الحرب، لم تحقّق إسرائيل هدفا واحدا.
فعلى الرغم من أن الاعتقاد السائد في إسرائيل أن الحرب وجّهت ضربةً قويّة إلى حركة حماس، إلا أنها لم تدمّر سلطتها المدنية، ولم تقضِ على قدراتها العسكرية، ولم تفلح في إطلاق كل المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، ولم تستعد الأمن في المنطقة الجنوبيّة. ووفقاً لما يؤكّده المقدم عميت يغور، المسؤول السابق عن الحلبة الفلسطينية في شعبة التخطيط التابعة لهيئة الأركان العامة الإسرائيلية، بخلاف الضربة العسكرية القاسية التي تعرّضت لها "حماس" لم يتغير أيّ تفصيل في الواقع الاستراتيجي، مهما يكن ضئيلاً. وبرأيه، ربما فقدت الحركة بصورة آنيّة القدرة على تنفيذ عملية جديدة تشبه عملية 7 أكتوبر (2023)، ولكن دوافعها وظروفها لم تتغيّر حقّا.
النتيجة الثانية مرتبطة بتداعيات الحرب في أوساط المجتمع الدولي، فمع أن ردّة فعل المجتمع الدولي ما زالت مخيبّة للأمل، إلا إن محللين إسرائيليين كثيرين يروْن أن هناك تحوّلاً ذا أبعاد مهمّة انطوت عليه هذه الحرب، وهو تزامن الحملة على إسرائيل في الحلبتين الدبلوماسية والقانونية مع سير العمليات القتالية، في حين أن "تسلسل الأمور" في السابق كان على النحو التالي: أولاً، يُدار القتال في ساحة المعركة، ثم في الساحتين الدبلوماسية والقانونية، في انتظار الجولة القتالية التالية.
وفي ضوء ذلك، وجدت إسرائيل نفسها في خضم حملةٍ متزامنةٍ عليها منذ بدء الحرب، ما يشي بأنها، في معظم القراءات الإسرائيلية، تواجه حرباً متعدّدة الأبعاد.