اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، والمسؤول العسكري الكبير في حزب الله داخل بيروت، تحدي جدي للعالم ومنظومة الاستقرار والسلم الدوليين، ومس مباشر بأركان الامن الإقليمي الهش، وما جاءت هذه التحركات الخشنة إلا بعد التصفيق العاصف في الكونجرس الأمريكي والاحتفاء بقاتل النساء والأطفال بنيامين نتنياهو.
الواضح أن غرفة عمليات مشتركة ومتقدمة جدا تجمع المؤسسة الأمنية والعسكرية بين تل أبيب وواشنطن تعمل على تنفيذ خطة حربية لضرب " محور المقاومة"، وقادته وجره لمواجهة أو الجلوس على طاولة مفاوضات وفق الشروط الإسرائيلية الأمريكية.
الفارق الزمني البسيط بين اغتيال بيروت وطهران يكشف عن قرار سياسي خطير مدعوم بمنظومة أمنية حربية نشطة متأهبة لا تجد رادع لها، وتمتلك تفويض سياسي اقتصادي لا يخشى العالم مجتمعا أو كدول ومؤسسات منفردة.
الاغتيالات الأخيرة تم التحضير لها بالسكوت المتواصل منذ 10 أشهر على حرب الإبادة ضد الأطفال والنساء والمحاصرين المقهورين في غزة، والاستسلام لمسارها الدموي، وترك معركة الفلسطيني له وحده، في جهل كبير وخطير لمفهوم الصراع وفائض القوة والبطش لدى قادة تل أبيب الجدد،
إن من يحكمون الآن هم من أبناء العصابات الدينية الذين أصبحوا أحزاب ووزراء يخططون للأمن القومي ويسخرون موارد إسرائيل من خلال وزارة المالية التي يشر عليها متطرف آخر، مع جيش مجرم يفرح بتدمير البيوت وحرق المساجد وقتل الأطفال وهدم المستشفيات والمدارس، وممارسة القتل والتعذيب الوحشي بحق الأسرى والمعتقلين، فضلا عن سرقة البيوت وتخريبها.
المقايضة التي تطرحها الحكومة الإرهابية في تل أبيب بدعم أمريكي مكثف على كافة المستويات، تقوم على اعتبار فلسطين شأن داخلي إسرائيلي خاصة بعد قرار الكنيسيت بالأغلبية ضد قيام أي كيانية فلسطينية واعتبار الفلسطينيين سكان دون هوية سياسية او قومية او وطنية مقابل منحهم حق العمل ضمن المعايير الأمنية الإسرائيلية فقط، لا يملكون أرض أو إرادة سياسية.
ومطلوب ترسيم الحدود بالقوة مع لبنان وضمان ابعاد حزب الله عن الحدود بعد اضعافه وشل قدراته، وقبول لبنان بتقاسم لمستخرجات حقول الغاز وفق التصور الذي يطرحه المبعوث الأمريكي صاحب الأصول الصهيونية.
كذلك الأمر بالنسبة للجولان الذي عززت دولة الاحتلال سطوتها عليه خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
أمام حسم الصراع بالقوة وفي لحظة ضعف وتحول دولي تسعى دولة الاحتلال الى تثبيت واقع جديد لصالحها، السؤال كيف سيتم الضرب على يد غلاة المستوطنين من الكهنوت التلمودي وافشال مشروعهم، الجواب لدى المجموعة العربية والعالم الإسلامي والمجتمع الدولي الذي يقف تحت ظل المطرقة الأمريكية.