فجأةً، انتقلت مجدل شمس، ابنة الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، إلى مركز انفجاري يتهدّد بالانتقال إلى شنّ حربٍ شاملة من الجيش الصهيوني ضدّ حزب الله في لبنان.تشكّل السبب الذي نقل مجدل شمس إلى هذا المركز الانفجاري، من استشهاد 13 فتى عربياً سورياً، من طائفة الموحدين الدروز، نتيجة سقوط صاروخ، انفجر في ملعب كان يعجّ باللاعبين الصغار. وكان من الأكيد الواضح، أنّ سقوط هذا الصاروخ لم يكن مقصوداً لضرب مجدل شمس، الخارجة من المواجهة المباشرة، ومن قواعد الاشتباك، بين جيش الاحتلال الصهيوني والمقاومة التي يقودها حزب الله، مساندةً للمقاومة في غزة، ضدّ العدوان وحرب الإبادة في القطاع.
وكان من الطبيعي أن يفسّر سقوط الصاروخ بسبب اصطدامه بصاروخ مضادّ من القبّة الحديدية الصهيونية، ما يجعل المسؤولية عن ضحاياه في رقبة الجيش الصهيوني. وقد أكد حزب الله هذا، وبأن مجدل شمس لم تكن هدفاً أصلاً. وذلك على الضدّ من محاولة الكيان الصهيوني اعتبارها هدفاً مقصوداً ومتعمّداً من حزب الله.
وبهذا، بدأت الفبركة الصهيونية، لتشكيل حجّة مصطنعة، لتسويغ ردّ صهيوني كبير، بحجة شهداء مجدل شمس الـ13. وهنا دخل افتراءٌ وقحٌ آخر، وهو اعتبار هؤلاء الفتية من مواطني الكيان الصهيوني، وذلك بالاستناد إلى القرار الصهيوني عام 1981، بضم الجولان السوري إلى الكيان الصهيوني. علماً أنّ هذا القرار غير قانوني ويدخل ضمن إستراتيجية الكيان الصهيوني باغتصاب كلّ ما أمكنه من أرض فلسطينية، أو أرض عربية، وإعلانها جزءاً من الكيان الصهيوني، غير الشرعي، منذ دخول أوّل مهاجر يهودي مستوطن إلى فلسطين حتى اليوم، بما في ذلك إعلان إقامة «دولة إسرائيل» استناداً إلى القرار 181 لعام 1947، المخالف للقانون الدولي، ولميثاق هيئة الأمم المتحدة. وعلماً أنّ أهالي مجدل شمس تمسّكوا، وما زالوا متمسّكين، بجنسيّتهم السورية، ورفضهم الحازم للقرار الإجرامي، ونضالهم الشعبي لتحرير الجولان، انطلاقاً من مجدل شمس، وصولاً إلى التظاهر أمس لطرد نتنياهو.
على أنّ الكيان الصهيوني تجاهل كلّ هذا، وفبرك رواية مزوّرة، بادّعاء مجدل شمس جزءاً من الكيان، وأهلها «مواطنين إسرائيليين». ولذلك، اعتبر أنّ من «حقّه» الردّ على ما وقع من كارثة في مجدل شمس. ولكن هذه الفبركة سرعان ما انفجرت على قاعدتها، أمام ردّ الفعل السوري، وردّ فعل أبناء بني معروف في السويداء، وكذلك ردّ الأستاذ وليد جنبلاط، الزعيم الدرزي العربي اللبناني، ومثله الأستاذ طلال أرسلان. وباقي الشخصيات الدرزية العربية الأصيلة، على نطاق واسع.
وبهذا، وقبل أن يُهيّئ الكيان الصهيوني ضربته، استناداً إلى فبركة باطلة من أساسها، جاء الردّ الجماعي من أبناء طائفة الموحّدين الدروز، وزعمائها ومشايخها، ليعرّي الكيان من حجّته المفتعلة الكاذبة، وإنزال الخسارة السياسية به، قبل أن يبدأ العدوان، ما جعل العدوان يقف على أرجل خشبية. وذلك قبل أن يتلقّى الردّ المناسب بحجم عدوانه، وأكثر.
شكّلت مجدل شمس، وستشكّل، هزيمة سياسية وعسكرية أخرى، تُضاف إلى هزائم الكيان، وخصوصاً بعد السابع من أكتوبر، لعملية «طوفان الأقصى»، وما تلاها حتى اليوم. والنصر آتٍ غداً، بإذن الله.
* كاتب وسياسي فلسطيني