نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده جوليان بورغر نقل فيه عن مسؤول أمريكي استقال بسبب غزة أكد فيه أن حربا مدمرة بين إسرائيل ولبنان قد تجر الولايات المتحدة إليها. وقال هاريسون مان، الميجر في وكالة الإستخبارات الدفاعية الذي ترك العمل في الجيش الشهر الماضي بسبب الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل في حرب غزة، إن الحرب التي يريدها بنيامين نتنياهو مع حزب الله هي سياسية وتهدف إلى الحفاظ على مستقبله السياسي.
ورغم إعلان "إسرائيل" الشهر الماضي استكمال تحضيراتها لغزو لبنان واللغة الداعية للحرب التي يطلقها المسؤولون الإسرائيليون إلا أن المسؤولين الأمريكيين يقولون في أحاديثهم الخاصة إن حكومة نتنياهو تعي خطورة الحرب مع حزب الله ولهذا لن تخاطر أو تبحث عن فرصة للمواجهة العسكرية.
وكان مان، أبرز ضابط عسكري أمريكي حتى الآن يقدم استقالته بسبب غزة. وقد أكد أن التقييم كان متفائلا ويعتمد على كون دولة في حالة حرب، وأن هناك مخاطر عالية من دخول "إسرائيل" في حرب على حدودها الشمالية لأغراض سياسية داخلية ولتحصين نتنياهو من اتهامات الفساد.
وقال “نعرف بشكل محدد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد إطالة أمد حياته السياسية وليظل بعيدا عن المحكمة، فالدافع موجود”.
وأضاف أن أي حكومة إسرائيلية ستكون حساسة للضغط السياسي من عشرات الألوف من الإسرائيليين الذين شردوا من المناطق الحدودية هربا من صواريخ والقصف المدفعي لحزب الله. ويضاف إلى هذا، تعتقد القيادة العسكرية العليا للجيش الإسرائيلي أنه يجب مواجهة حزب الله إما عاجلا أو آجلا، إلا أن الإسرائيليين أساءوا تقدير ثمن الحرب الجديدة في لبنان، كما يقول مان. وأكد: “لا أعرف مدى واقعية تقييماتهم عن الدمار الذي ستلحقه "إسرائيل" بحزب الله إلا أنني متأكد بأنه ليست لديهم فكرة حول مدى نجاحهم ضد حزب الله”.
وجادل ضابط الاستخبارات السابق أن الجيش الإسرائيلي واع تماما بأنه غير قادر على توجيه ضربة حاسمة ضد ترسانة حزب الله من خلال غارات وقائية، حيث تم تحصين الصواريخ والمقذوفات الصاروخية والمدفعية في الجبال اللبنانية. وبدلا من ذلك ستلجأ "إسرائيل" إلى اغتيال قادة حزب الله وضرب التجمعات السكنية "الشيعية" لقتل الروح المعنوية، ضمن التكتيك المعروف بعقيدة الضاحية، على اسم حرب الـ 33 يوما في تموز/يوليو 2006.
وأضاف مان: “هذه ليست عقيدة حقيقية مكتوبة، لكنني أعتقد أنه لدينا قدرة على تقييم ضرب المراكز المدنية وكوسيلة لإجبار العدو، وهذا اعتقاد واضح ومقبول داخل قيادة الجيش والقيادة الإسرائيلية. ورأيناهم يفعلون خلال الأشهر التسعة الماضية في غزة”. ويؤكد مان أن خطة كهذه سترتد سلبا.. فهم يعتقدون أن شن غارة وقائية ستكون ناجحة في ردع حزب الله وجعل "إسرائيل" آمنة أكثر، وهو ما يظهر محدودية التفكير الإستراتيجي والتخطيط بشكل عام”.
وتوقع مان قيام حزب الله بهجمات صاروخية مكثفة، وبخاصة لو شعر أن وجوده مهدد و”من المحتمل أن لدى حزب الله القدرة، على الأقل ولو جزئيا على إغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية وضرب البنى التحتية المدنية حول البلد والتسبب بمستويات من الدمار على "إسرائيل"، ولا اعتقد أن "إسرائيل" جربته في تاريخها، وبالتأكيد في التاريخ القريب”.
ونظرا لعدم قدرة "إسرائيل" على تدمير ترسانة حزب الله من الجو، فستجبر على شن هجوم بري في جنوب لبنان والذي سيكون بثمن باهظ وضحايا إسرائيليين كثرا.
وحذر مان من أن ضرب حزب الله المدن الإسرائيلية سيجبر إدارة بايدن وفي عام انتخابي على تقديم المزيد من الدعم لحكومة نتنياهو. ولن تكون قادرة على تجاهل مطالبه بتدخل الولايات المتحدة في الحرب.
وقال مان “مشاركتنا في الحد الأدنى ستكون ضرب خطوط الإمدادات أو الأهداف المرتبطة بها في العراق وسوريا والمساعدة في قطع خطوط الإتصالات والتسليح التي تنقل إلى حزب الله” و “لكن هذا يعد مخاطرة في حد ذاته، لأننا لو بدأنا بعمل هذا فإننا قد نضرب بعض مقاتلي حزب الله وربما كانوا من الحرس الثوري الإيراني”.
ويعتقد مان أن إدارة بايدن ستحاول تجنب مواجهة مباشرة مع إيران، إلا أن مخاطر الحرب الإقليمية ستكون عالية.
وقال “أثق بأن الإدارة لن تفعل هذا، لكنني أعتقد أنه بيننا أو بين الإسرائيليين فإن ضرب أهداف إيرانية خارج إيران ستحمل مخاطر تصعيد عالية”.
وقدم مان استقالته أولا في تشرين الثاني/نوفمبر وأصبحت سارية المفعول في حزيران/يونيو. وفي أيار/مايو نشر رسالة الاستقالة على منصة التواصل “لينكد إن”، قال فيها إن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب غزة “ساعد وساهم في عملية قتل وتجويع عشرات الألاف من الأبرياء الفلسطينيين”.
وأكد مان وهو من أصول يهودية أوروبية في رسالته: “نشأت في مناخ غير متسامح عندما يتعلق الأمر بتحمل مسؤولية التطهير العرقي”. وقال “إن ردة الفعل من زملائه ومنذ استقالته كانت إيجابية بشكل عام و “تواصل معي الكثير من الناس الذين عملت معهم وعدد من الناس الذين لم أعمل معهم وقالوا إنهم شعروا بنفس الطريقة”، و”الأمر ليس جيليا بل هو أمر واضح بين الكبار الذين يشعرون بنفس الطريقة”.