نشرت صحيفة “الغارديان” تقريراً حصرياً قالت فيه إن إسرائيل تقدّمت بمقترح إلى الأمم المتحدة لحلّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أنروا، في وقت حذّر فيه مسؤولو الإغاثة أن نقل صلاحيات أونروا لمنظمة أخرى تابعة إلى الأمم المتحدة سيكون كارثياً، وخاصة وسط المجاعة التي تتشكّل في قطاع غزة.
وقال التقرير، الذي أعدّه مراسل الصحيفة في واشنطن جوليان بورغر، ومراسلة الصحيفة في إسطنبول روث مايكلصن: “قدمت إسرائيل مقترحاً إلى الأمم المتحدة لتفكيك أونروا، وكالتها في المناطق الفلسطينية، ونقل فريقها إلى وكالة بديلة لكي تقوم بإيصال شحنات الطعام، وعلى قاعدة واسعة إلى غزة، وذلك بحسب مصادر في الأمم المتحدة”.
وقال التقرير إن المقترح قدّمه، الأسبوع الماضي، رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الإسرائيلي الجنرال هيرتزل هاليفي لمسؤولي الأمم المتحدة في إسرائيل، والذين قاموا بتحويله إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيون غوتيريش، حسب مصادر مطلعة على الأمر.
ولم تكن أنروا مشاركة في المحادثات، حيث رفض الجيشُ الإسرائيلي التعامل معها، منذ الإثنين الماضي، وبناء على مزاعم، لم يتم إثباتها بعد، وأن بعضاً من العاملين في الوكالة مرتبطون بـ “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في غزة.
وتؤكد إسرائيل أنها مستعدة لإدخال كميات كبيرة من المساعدات إلى غزة، وأن العامل المحدّد أمام القيام بهذا هو قدرة الأمم المتحدة. مع أن قرارها عدم التعامل مع أونروا يؤثر، وبشكل كبير، على هذه القدرة.
وبناء على الشروط المقدمة، الأسبوع الماضي، سيتم نقل ما بين 300- 400 موظف في أونروا إلى واحدة من مؤسسات الأمم المتحدة، مثل برنامج الغذاء العالمي، أو منظمة تقام خصيصاً لتوزيع الطعام في غزة. أما بقية الموظفين في الوكالة فسيتم نقلهم على مراحل، ومن ثم تحويل أرصدتها.
ولم تقدم إسرائيل تفاصيل عن المقترح، ولم تجب على من أسئلة تتعلق بمن سيدير الخطة الجديدة، أو من سيوفر الأمن لقوافل الإغاثة.
وتعلق الصحيفة بأن أونروا، التي تقدّم الخدمات للفلسطينيين منذ عام 1950، تم تجاهلها في النقاشات، مع أنها أكبر لاعب في الخدمات الإنسانية في المناطق الفلسطينية.
وقالت مديرة الشؤون الخارجية في أونروا، تمارا الرفاعي، إن “أونروا لم تكن مطّلعة بشكل منهجي على الحوارات المتعلقة بتنسيق الإغاثة الإنسانية إلى غزة”.
ويرى مسؤولون في الأمم المتحدة أن الخطة الإسرائيلية هي محاولة لإظهار أنروا وكأنها العائق أمام وصول المساعدات، وأنها لا تريد التعاون حالة استحكمت المجاعة في غزة.
ويوم الخميس، أمَرَت محكمة العدل الدولية، التي تنظر في اتهامات ارتكاب إسرائيل إبادة في غزة، إسرائيل بـ “اتخاذ كل الإجراءات الضرورية والفعالة”، والتأكد من وصول مساعدات واسعة إلى غزة، و”بتعاون كامل مع الأمم المتحدة”.
ويرى مسؤولون داخل الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية أن المقترح هو ذروة حملة تشنّها إسرائيل لتدمير أونروا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الأمم المتحدة قوله: “لو سمحنا بهذا، فهذا منزلق يجعل إسرائيل تديرنا مباشرة، والأمم المتحدة متواطئة بتدمير أونروا، التي ليست فقط أكبر مزود للإغاثة الإنسانية، بل ومعقل مكافحة التطرف في غزة”، مضيفاً: “سنكون طرفا في الكثير من الأجندات السياسية لو سمحنا بهذا”.
وقالت الرفاعي إن حجم الكيان الصغير المقترح لتوسيع المساعدات سيعرقل من قدرته على تقديم العون لغزة، وبشكل فعال، وفي وقت تعتبر فيه الحاجة ماسة، و”هذا ليس انتقاداً لبرنامج الغذاء العالمي، لكنهم لو بدأوا بتوزيع الطعام في غزة غداً، فسيستخدمون شاحنات أونروا، وإيصال الطعام إلى مخازنها، ومن ثم توزيع الطعام ونقله إلى ملاجئ أونروا”، و”سيحتاجون بالتالي إلى نفس البنية التحتية التي نملكها، بما في ذلك القوى البشرية”.
وتعتبر أونروا من أضخم مؤسسات الإغاثة في غزة، بطاقم مكوّن من 13,000 موظف وقت اندلاع الحرب، منهم 3,000 يمارسون مهامهم اليوم، إلى جانب عشرات الآلاف من الموظفين في الضفة الغربية ومناطق أخرى في الشرق الأوسط.
وإلى جانب توزيع الطعام والحاجيات الأساسية، توفّر الوكالة المدارسَ والمراكزَ الصحية والملجأ.
وقالت الرفاعي: “لا نقدّم فقط الطعام، فلدينا مراكز صحية عاملة في غزة، ونقدم استشارة يومية لـ 23,000 شخص، وقدمنا 53,000 لقاح للأطفال منذ بداية الحرب. وهذا بحد ذاته مجال لا يمكن لأيّ وكالة أخرى تقديمه الآن”. وأضافت: “من المهم أننا نركّز على الطعام بسبب المجاعة، ونحن نحذّر من فقر التغذية، لكن أونروا هي أكبر من مجرد توزيع الطعام”.