أكد نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين د. محمد الهندي أن حكومة الاحتلال تمارس المماطلة والعرقلة بشأن أي تفاهمات يُجريها الوسطاء لوقف إطلاق النار، وذلك بهدف كسب الوقت، واستعادة الأسرى الإسرائيليين دون ثمن، ودون إنهاء العدوان الإسرائيلي كلياً عن قطاع غزة.
وأوضح الهندي في مقابلة خاصة مع "قناة الجزيرة"، أن "إسرائيل تراجعت عن اتفاق إطار باريس والتفاهمات التي جرت في القاهرة، فيما قدّمت المقاومة ردها عليه بالتفصيل لجهة وقف العدوان والانسحاب من داخل المدن كمرحلة أولى، وعودة المدنيين إلى بيوتهم وكيفية تقديم المساعدات".
وأشار إلى أن "نتنياهو أرسل وفداً الى القاهرة؛ لكن هذا الوفد لم يكن مفوضاً للتوصل لأي اتفاق، مبيناً أن فصائل المقاومة لم تشارك في تلك المباحثات وكانت غائبة كطرف، بينما كانت المحادثات تجري بين مصر وقطر من جهه وبين الإسرائيلي والأمريكي من جهه أخرى".
ولفت الهندي في معرض حديثه، أنه ومع غياب الطرف الأخر (في إشارة إلى المقاومة)، فيكون هناك حالة من الإنحياز من قبل الوسطاء للطرف الأقوى (إسرائيل).
وأكد أن "مسألة وقف الحرب لدي المقاومة هي أساسية والمحددات لأي صفقة تبادل أسرى جديدة تقوم على: وقف العدوان كلياً، وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، مشدداً على أنه لا قبول بأي هدنة إنسانية كما جرى سابقاً، دون عودة المواطنين إلى منازلهم حتى لو كانت مهدومة".
وأوضح أن "واشنطن وتل أبيب هدفهما واحد متمثل باستعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة دون تقديم أي ثمن وذلك من خلال كسب المزيد من الوقت، ولذلك هذا يشير إلى أن "إسرائيل" لا تُقيم اعتباراً إلا للوضع الداخلي في الكيان، وللإدارة الأمريكية فقط، فيما يعرقلون أي مساعي تمكن الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم، أو وقف العدوان".
وجدد الهندي التأكيد على أن "الشعب الفلسطيني لا يُعول على الإدارة الأمريكية في وقف العدوان على غزة؛ كون واشنطن تنحاز إلى الصهيونية بشكل واضح وفق ما عبر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن وغيره من المسؤولين في الإدارة الأمريكية في تصريحات سابقة".
كما أكد أن "ورقة الأسرى لدى فصائل المقاومة لا زالت تؤرق أمريكا وإسرائيل، وتشكل حالة من الضغط على حكومة الاحتلال من خلال استمرار المطالبات والمظاهرات التي ينظمها أهالي الأسرى الإسرائيليين الذين يتهمون نتنياهو بأنه من يعرقل ويماطل تنفيذ صفقة تبادل تفضي إلى إطلاق سراح أبنائهم".
ولفت نائب الأمين العام للجهاد لوجود محاولات إسرائيلية لأخذ ورقة الأسرى من يد المقاومة عبر إبرام هدنة إنسانية مؤقتة قد تستمر شهر أو أكثر ومن ثم العودة لاستئناف العدوان على الشعب الفلسطيني وقصف المدنيين وارتكاب جرائم في غزة، مشدداً على أن أي اتفاق جديد لن يتم إلا من خلال ضمانات حقيقة تمنع الاحتلال من تكرار تنفيذ أي مجازر ضد أهلنا في القطاع".
وكشف في سياق حديثه أن "الإسرائيلي يضع فيتو على بعض الأسرى الفلسطينيين، وهي كما قال الدكتور الهندي، بمثابة محاولة جديدة في كسب الوقت، كما أشار لوجود أصوات إسرائيلية أخرى بدأت تخرج وتهدد بعودة الاستيطان إلى غزة، والضفة وكل الأرض الفلسطينية".
واعتبر الهندي أن "ما يجري في غزة بمثابة إبادة جماعية، وهمجية غير مسبوقة تستهدف المدنيين، وتكشف عن غياب الأخلاق، والضمير الإنساني، في سلوك جيش الاحتلال، مستدركاً؛ "بالرغم من استمرار القصف وقتل الشعب الفلسطيني في غزة، ما زلنا نسمع منهم كلمات الصمود والصبر والاحتساب".
وأضاف: "هناك حملة تضليل وخداع كبيرة؛ وسائل الإعلام الغربية في معظمها تمارس التضليل، وتعتبر أن لإسرائيل حق "الدفاع عن النفس".
وأشار الهندي إلى أن "إسرائيل" فوق القانون والمحاسبة، وهي تُجوع الناس، وتُدخل 1٪ من احتياجاتهم، ثم تقصف من جاؤوا لأخذ الطعام لأبنائهم الجائعين، وعليه نؤكد أنه لا يوجد أي وجهة آمنة للمدنيين في غزة".
وبشأن وجود مخاطر من دخول جيش الاحتلال لمحافظة رفح المكتظة بالنازحين، أوضح الهندي أن "هناك إجماع إسرائيلي على تنفيذ الهجوم، وهذا الأمر ساعد نتنياهو على الاستمرار في العدوان، متسائلاً: هل ستحقق هذه العملية العسكرية أهدافها؟ وهل سيستعيدون الأسرى أحياءً؟ وهل سيُفلحون في سحق المقاومة؟.
وأكد أن "إنهاء المقاومة مسألة أصبحت وراء ظهر نتنياهو، وتحقيق أهدافهم المعلنة لن يتم، مشيداً ببسالة رجال المقاومة الذين يخوضون المعارك بكل رجولة وشجاعة رغم كل هذا الوقت ومرور الشهر الخامس على التوالي للعدوان".
وأضاف الهندي أن "المقاومة ممثلة في سرايا القدس وكتائب القسام تُوقع خسائر كبيرة في صفوف الاحتلال ضمن عمليات يتم توثيقه بالصوت والصورة، وكثير منها لا يتم توثيقه لظروف واعتبارات ميدانية وأمنية".
وتابع: "أعداد القتلى والجرحى في صفوف ضباط وجنود العدو في المشافي الإسرائيلية وإحصائيات جيش الاحتلال التي يعلنان عنها لا تعكس الأرقام الحقيقية".
وبشأن التحركات العربية والإسلامية نصرةً لغزة ورفضاً للعدوان، أكد نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أن "الأمة العربية والإسلامية لديها الكثير من وسائل الضغط التي لم تُفعلها بعد، مشدداً على أن استمرار الصمت هو بمثابة مشاركة في الجريمة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني".
وتساءل الهندي: لماذا لا تخرج الجماهير وتغضب؟ ولماذا لا يُوقف التطبيع؟ ولماذا لا تُقطع العلاقات مع الاحتلال؟ ، لافتاً إلى أن الكيان الإسرائيلي يستغل هذا الصمت لمسح القضية الفلسطينية.
ويرى أن " ما يجري اليوم لا يستهدف غزة وحدها، مستدركاً؛ إذا نجح المخطط الإسرائيلي فإن الدور سيكون على الضفة الغربية، وعليه فإن الإقليم كله سيتأثر بنتائج هذه الحرب، ولن تكون العواصم العربية أيضاً بعيدة عن الهيمنة الإسرائيلية والإخضاع كما هي الآن وفي المستقبل، ومن لا يتحرك الآن لن يستطيع أن يتحرك مستقبلاً".
وثمن الدكتور محمد الهندي في ختام حديثه "العمليات التي تقوم به جماعة أنصار الله اليمينة ضد مصالح العدو رغم كل الظروف التي يعاني منها اليمن، قائلاً: إنهم استخدموا الجزء المتاح لديهم، وحققوا تأثيراً كبيراً على العدو الإسرائيلي وعلى الدول الغربية الداعمة له، لافتاً أن اليمن سيكون لها وزنها ومكانتها أكثر من دول كبيرة وغنية في المنطقة، لأنها صنعت مجداً خلال معركة طوفان الأقصى".