قال المرصد "الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" (حقوقي مستقل مقره جنيف) إنه تلقى شهادات جديدة حول عمليات تعذيب ممنهجة ومعاملة قاسية وغير إنسانية يتعرض لها معتقلون فلسطينيون، من قطاع غزة داخل معسكرات للجيش الإسرائيلي.
وأوضح "الأورومتوسطي" في بيان له اليوم السبت، أن شهادات تلقاها من أشخاص اعتقلهم الجيش الإسرائيلي لعدة أيام، وأفرج عنهم تظهر أن الجيش ومحققي الشاباك (جهاز الأمن الداخلي للاحتلال) تعاملوا مع المعتقلين كـ "حيوانات غير بشرية" وفق ما أبلغوهم خلال التحقيق معهم وتعذيبهم.
ووفق الشهادات، فإن "معظم عمليات التعذيب القاسية تبدأ من لحظة اعتقال الأفراد من داخل منازلهم أو مراكز اللجوء، حيث يباشر الجنود بضربهم وإجبارهم على التعري الكامل إلاّ من اللباس الداخلي السفلي، قبل إجبارهم على الجلوس في الشارع على ركبهم لساعات، وسط شتائم وإهانات حاطة بالكرامة".
وبحسب البيان، فإن "بعض المعتقلين المفرج عنهم إنهم أُجبروا على شتم أنفسهم وشتم فصائل وشخصيات فلسطينية، قبل أن ينقلوا داخل شاحنات في ظروف مرعبة إلى أماكن احتجاز في العراء وسط ضرب وتنكيل شديدين".
وقال معتقل أفرج عنه (فضل عدم الكشف عن اسمه) إن أغلب المعتقلين يجري احتجازهم لاحقًا في معسكرات للجيش الإسرائيلي، وليس لإدارة السجون الإسرائيلية، ومن ثم لا تطبق معهم أي تعليمات خاصة بظروف الاحتجاز القانوني.
وأضاف أنه بمجرد نقلهم، يُجبر المعتقلين على البقاء داخل أقفاص حديدية وسط أجواء باردة، "في كثير من الحالات، تعرض معتقلون لعمليات الشبح أو التعليق من الأيدي والأرجل في أوضاع مختلفة، وعُذبوا بالصعقات الكهربائية، أو الحرق المتعمد بأعقاب السجائر، فضلًا عن الضرب الوحشي في جميع أنحاء الجسد".
وأشار المرصد "الأورومتوسطي" إلى أن معسكر "سديه تيمان"، الذي يديره جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويقع بين مدينتي بئر السبع وغزة جنوبًا، ويُحتجز فيه غالبية المعتقلين من قطاع غزة تحول إلى سجن "غوانتنامو" (إشارة إلى المعتقل الأمريكي الذي في جزيرة بالبحر لمعتقلي تنظيم القاعدة) جديد تمتهن فيه كرامة المعتقلين، وتمارس بحقهم أعتى أشكال التعذيب والتنكيل في ظل حرمانهم من الطعام والعلاج.
وأبرز المرصد أنه تلقى شهادات عن وفاة اثنين من المعتقلين داخل معسكر "سديه تيمان"، أحدهما مبتور القدم، ولم تعلن إسرائيل رسميًّا - حتى وقت نشر البيان - عن وفاتهم.
ووثّق المرصد اعتقال مسنين من الرجال والنساء، مشيرًا إلى أنه "توثق من اعتقال امرأة يزيد عمرها عن 80 عامًا، ومسنين آخرين تزيد أعمارهم عن 70 عامًا".
وفي إفادة لفريق المرصد "الأورومتوسطي"، قال "جهاد زقوت" (75 عامًا)، إن القوات الإسرائيلية اعتقلته من منزله في مدينة غزة بتاريخ 12 كانون الثاني/ديسمبر الماضي، حيث "ضربه الجنود وركلوه بأقدامهم، وقيدوه بالسلال الحديدية، قبل أن يستخدموه كدرع بشري بوضعه في بيت سكني داخل منطقة تشهد عمليات عسكرية لهم" بحسب البيان.
وأفاد "زقوت" إنه خلال نقله من المنطقة مع معتقلين آخرين في شاحنة، "استمر الجنود بضربهم طوال الطريق على رؤوسهم بأعقاب البنادق وبأيديهم".
وأضاف "وحين وصلوا إلى معسكر للجيش كان به مئات المعتقلين، جُردوا من ملابسهم، وأجبروا على النوم على الأرض دون فراش، فيما كان يُسمح لهم بالذهاب لدورات المياه مرة واحدة كل يومين أو ثلاثة أيام، مع حرمانهم من الأدوية وتعريضهم للضرب بين الحين والآخر".
وطالب المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان إسرائيل بـ "الكشف الفوري عن مصير المعتقلين المخفيين قسريًا، بما في ذلك الإفصاح عن أسمائهم وأماكن تواجدهم، وبتحمل مسؤولياتها كاملةً تجاه سلامتهم والوقف الفوري لعمليات التعذيب وسوء المعاملة".
كما دعا "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" بتحمل مسؤولياتها "والتحقق من أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وظروف احتجازهم".
وطالب "الأورومتوسطي" المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والفريق العامل في حالات الاحتجاز التعسفي بـ "إجراء تحقيق فوري ومحايد في ظروف وفاة المعتقلين جميعهم الذين قضوا في السجون الإسرائيلية منذ بدء إسرائيل حربها على قطاع غزة (قبل نحو 3 أشهر)، واتخاذ الخطوات المناسبة لمحاسبة المسؤولين وإنصاف الضحايا".