شارك عشرات الآلاف من الفلسطينيين، اليوم الجمعة، في مهرجان "الشهداء بشائر الانتصار، والذي نظمته حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بمناسبة الذكرى الـ36 لانطلاقتها.
ورفع المشاركون في المهرجان المركزي الذي أقيم بالتزامن مع احتفالات في دمشق وبيروت وطولكرم وغزة، أعلام فلسطين بجانب أعلام حركة الجهاد، ورددوا هتافات داعمة للمقاومة ومؤكدة على مواصلة طريق الشهداء.
وتأتي الذكرى الـ 36 لانطلاقة الحركة في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك، من اقتحامات وتدنيس وتقسيم زماني ومكاني، إلى جانب اشتداد العدوان على المقدسيين وأهالي الضفة المحتلة بشكل عام.
وتتصدر سرايا القدس الانتفاضة المسلحة المشتعلة في الضفة الغربية ويتصدى مقاتلوها بشكل يومي لاقتحامات جيش الاحتلال لمدن وقرى ومخيمات الضفة.
المعركة مستمرة
وفي كلمة له خلال المهرجان، أكَّدَ الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة أنَّ حركته ماضية في طريق الجهاد والمقاومة رغم كل التحديات، وأنَّ المعركة مع العدو ستظل مستمرة حتى الانتصار على المشروع الصهيوني.
وشدد النخالة على ضرورة أنْ تكون قوى المقاومة على مستوى التحدي القائم، وعلى مستوى طموح شعبنا، وبعيداً عن أي شعارات لا تعبر عن طموح وآمال شعبنا، أو مثل اللقاءات التي تعقد على مستوى الأمناء العامين التي وصفها بأنها لـ"ملء فراغ الوقت"، ولا تعدو لكونها جلسات لإصدار فرمانات تتناقض جوهريًّا مع طموحات شعبنا الفلسطيني.
وأكد النخالة على ضرورة التمسك بوحدة شعبنا وقوى مقاومته من أجل تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والانتصار، مع ضرورة أن تكون تلك الوحدة على برنامج وطني أصيل متماسك، قائلاً: "إننا نرى أن وحدتنا الواجبة تقوم على مواجهة الاحتلال، وعدم القبول به، وذلك من خلال برنامج وطني متماسك، لا يعرف المساومة أو المجاملة، ولا يعرف التناقض، لا في داخله، ولا مع شعارات حامليه، ولا مع ممارساتهم الخاصة والعامة".
وأوضح النخالة في سياق حديثه عن الكتائب المقاتلة في الضفة الغربية، أنَّ المقاومة بكتائبها المقاتلة وشعبها البطل، ستظل تمثل رأس حربة في مشروع المقاومة واستمرارها، مشدداً على أنَّ المقاومة بكل قواها، في قطاع غزة، ستبقى سندًا حقيقيًّا لشعبنا، وجزءًا أصيلاً من مقاومته، وامتدادًا للمقاومة في الضفة الغربية الباسلة، وكتائبها المقاتلة.
وعن الأسرى في سجون العدو، حثَ النخالة قوى المقاومة مجتمعة بضرورة أنْ تكون قضية الأسرى وحريتهم همًّا يوميًّا لدى قوى المقاومة حتى تحريرهم.
ولم ينسَ النخالة أنْ يؤكد على ضرورة الاهتمام بالحاضنة الشعبية للمقاومة، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وتقدير صمودهم وتضحياتهم.
وأشار النخالة في كلمته إلى أهمية وحدة قوى المقاومة في المنطقة، في مواجهة المشروع الصهيوني، وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية في إيران، وسوريا، وحزب الله.
ولفت إلى أنَّ العلاقة مع حركة حماس، وقوى المقاومة في فلسطين، قائلاً: "نؤكد أنَّنا والإخوة في حركة حماس، وقوى المقاومة في فلسطين، سنبقى صفًّا واحدًا، حتى تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والتحرير".
الرهان على العدو
ودعا النخالة السلطة الفلسطينية إلى الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين والمقاومين، والتي بسببهم أفشلت لقاء الأمناء العامين، مشيراً إلى أنَّ عدداً من عناصر الكتائب المقاتلة في الضفة تعرضوا للاعتقالات والإصابات، من العدو ومن السلطة.
وانتقد النخالة تمسك المنظمة والسلطة بمسارات التسوية مع العدو، قائلاً: "جميعنا يدرك ما مرت به القضية الفلسطينية، منذ النكبة حتى أوسلو، ذلك الاتفاق اللعين الذي اعترف بإسرائيل، وقبل بوهم التفاوض على ما بقي منها، مقابل الاعتراف بأن منظمة التحرير تمثل الشعب الفلسطيني، تمامًا كالأم التي قتلوا طفلها، وأعطوها دمية بدلاً منه، وأصبحت الدمية هي الطفل، وفقدت الأم عقلها، لأنها أصبحت تعتقد أن الدمية هي طفلها الحقيقي".
وأضاف: "هذه المفارقة ما زلنا ندفع ثمنها حتى الآن، ثلاثون عامًا مضت، وما زلنا نراوح في نفس المكان، وما زلنا نختلف على توصيف المنظمة ودورها. وما زال من يرأس المنظمة وغيره يعتقد أن الدمية هي الطفل الحقيقي".
وتابع: "ماذا تعني المنظمة أو السلطة، والاستيطان يملأ الضفة كالسرطان، والقدس تهود مدينة ومسجدًا، والقتل متواصل، والاعتقالات لم تتوقف، وهدم البيوت بحجج واهية ما زال مستمرًّا".
وعن وهم الدولة، أشار إلى انَّ الساحة الفلسطينية أصبحت متخمة من الأكاذيب والفهلوة والقرارات الوهمية التي ما زالت قائمة، مضيفا " أن "إسرائيل" تقول: لا دولة فلسطينية، وكذلك من يدعمونها، وكل ما يجري على الأرض شاهد على ذلك. يجب أن يتوقف الخداع، ونواجه الحقيقة كما هي، ونتحمل مسؤولياتنا، وننهض جميعًا بدون استثناء. فشعبنا قادر على المقاومة، وما زال يقاوم، ويستطيع أن يغير".
في الوقت نفسه انتقد التطبيع القائم بين الكيان والأنظمة العربية، مشدداً على أن ما تقوم به الأنظمة العربية، من خضوع وتسليم للمشروع الصهيوني، بدعاوى الواقعية، هو اصطفاف إلى جانب العدو، في مواجهة شعبنا ومقاوميه الشجعان. لذلك يجب ألا نتردد في تسمية الأشياء بأسمائها".
وأضاف في هذا الصدد: "نحن نؤكد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أننا لسنا ضد التطبيع فقط، ولكننا ضد كل هذا المسار الذي بدأ باتفاقية كامب ديفيد، وما ترتب عليها، مرورًا بوادي عربة، واتفاقية أوسلو، وقرارات القمة العربية التي قدمت ما سمي بمبادرة السلام العربية".
وسرَدَ النخالة جملة من المعارك التي خاضتها المقاومة وفي مقدمتهم سرايا القدس، مشيراً إلى أنَّ سرايا القدس في كل معركة كانت تحقق انجازاتٍ مهمة على طريق التحرير والصمود والثبات.
وبيَّن أنَّ معركة "ثأر الأحرار" كانت واحدة من أهم المعارك التي خاضتها الجهاد الإسلامي واستمرت على مدار خمسة أيام متواصلة، كانت فيها كل مدن العدو ومستوطناته تحت مرمى صواريخ سرايا القدس، موضحاً أنَّ قادة ومقاتلي سرايا القدس خرجوا من هذه المعركة مرفوعي الرأس، وأكثر قوة، وأكثر بأسًا، وسلاحهم بأيدهم، على الرغم من فقد ثلة من الصف القيادي.
عوائل الشهداء
من جهته، قال محمد عزالدين نجل الشهيد القائد طارق عزالدين في كلمةٍ له نيابة عن أهالي الشهداء: "منحازون الى خيار الدم والشهادة، الى البنادق المصوّبة نحو المشروع الصهيوني الآثم، التحية لكل عوائل الشهداء، أولئك الشهداء الذين أسلموا نفوسهم في سبيل الله، وأكملوا طريق النصر وشيدوه بدمهم، أولئك الذين ألقَوا الدنيا وراء ظهورهم، وبرزوا بصدورهم للسماء معلنين تجارةً مع الله لن تبور".
وأضاف: "في مقام الشهادة العظيم، والانحياز إلى الشهداء تحيتنا لمن قاتلوا كالبنيان المرصوص، فشفى الله بهم صدور المؤمنين، تحية لمن عقدوا لواء وحدة الساحات وثأر الأحرار، وبأس جنين وثأرها، ومضوا قُدماً ولم يعرفوا خسارةً بقتالهم وقتلهم، لأن شعارهم إن الموتَ للمؤمنين عادة، وكرامتنا من الله الشهادة".
وتابع: " صحيح أننا بوداع أحبابنا الشهداء قلوبنا تحزن، وعيوننا تدمع، وكلمة الوداع تتعلق في الحناجر عند آخر نظرة، ولكن العزاء حين تصعد الروح، فينزل النور منكم أيها الشهداء؛ يضيء طريقنا ويمسح غشاوتنا".
وأردف قائلاً: "إننا على موعد مع النصر، الذي يتفتح في جنين وغزة ونابلس، وطولكرم وقلقيلية، ورام الله والخليل وأريحا، وفي القدس وكل ربوع الوطن".
ودعا عزالدين أمة الإسلام لأداء واجبها في الدفاع عن أقصاها ومقدساتها والوقوف في خندق واحد ضد المشروع الصهيوني ومشروع التطبيع المحرم دينا وأخلاقا.
كلمة الأسرى
أكد الأسير المحرر والقيادي في حركة الجهاد الإسلامي، رامز الحلبي، أن السجون التي خرَجت طارق عز الدين وخضر عدنان ومحمود العارضة وغيرهم من الفرسان الأبطال، لن تركع أمام السَّجان، وأن كل قوانينه العنصرية ومخططاته الإرهابية ستتحطم على صخرة تحدي الأسرى.
ودعا الحلبي، في كلمةٍ ممثلاً عن الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة الجهاد الإسلامي، خلال مهرجان الانطلاقة الجهادية الـ36، الفصائلَ الفلسطينية إلى التوحد حول برنامج سياسي واحد يستظل بظل البندقية، ويجعل من قانون المشاغلة قانونه الأول والأخير.
كما دعا مقاتلي محور المقاومة والمقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم سرايا القدس أن "يعملوا بجد لتحرير الأسرى وتحديد سقف زمني لكسر قيدهم، لأنه من العيب والعار على أمة المليار أن يبقى أكثر من خمسة آلاف من الأطفال والنساء والرجال يسامون العذاب على أيدي الصهاينة".
وطالب فصائل المقاومة، إلى ألا يدخروا جهداً في الحفاظ على جذوة المقاومة المشتعلة في جنين القسام وباقي أرجاء الضفة، مشيراً إلى أن "الضفة الباسلة هي رأس حربة المقاومة، والتي بانكسارها ستنكسر المقاومة كلها".
وجدد الحلبي "البيعة لعاقد لواء الجهاد سيدنا محمد في يوم مولده، وللأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة (أبو طارق) في قيادته للمواجهة، وللشهداء والمجاهدين أبناء شعبنا".
وبارك الحلبي باسم الهيئة القيادية العليا، ذكرى الانطلاقة الـ36 لحركة الجهاد الإسلامي بأمينها العام وقيادتها ومجاهديها وأسراها، التي حافظت على خطها الأوضح، وفكرها الأصوب، وسلاحها الأطهر".
وأشار –مخاطباً الحشود الهادرة لمهرجان الانطلاقة في أرض الكتيبة بغزة- إلى أنه "في هذه اللحظات التي تسمعون صوتكم لكل الدنيا بأنكم ما زلتم على عهد الشهداء، ودرب الشهادة، نقول لكم بأننا نحن إخوانكم وأبنائهم من أسرى الجهاد الإسلامي، صدى لصوتكم وصوت حق يهتف باسمكم".
وشدد على أن الأسرى ما زالوا يخوضون معركة حقيقية بعد انتصارهم على منظومة أمن السجان عبر نفق الحرية، وما زالوا يُجالدون السجان بالعزيمة والصبر والتوكل على الله، والإيمان بأن خلف الأسرى شعبٌ حرٌ، وسرايا للقدس منتصرة، وقائدٌ فدائيٌّ (القائد زياد النخالة) يقود جحافل المجاهدين.
وأوضح الحلبي على لسان "أسرى الجهاد" أن "العدو ظنَّ بأنه بأسرنا، وتغييب أبطالنا في السجون، سيكسر سيف مقاومتنا، ويسكن الإحباط في قلوبنا، ولكننا قلناها بدم قائدنا الأسير المحرر المبعد الشهيد طارق عز الدين بأن السجن لن يزيدنا إلا قوة وثباتاً".
وأضاف: "وما هذا التقدم الأروع لطارق عز الدين وأطفاله شهداء على مذبح الحرية إلا خير دليل على ما نقول، وسيزيدنا السجن عناداً، واسألوا روح الشهيد القائد أيقونة الصبر ومدرسته خضر عدنان، واسألوا مهندس الحرية محمود العارضة".
وقال الحلبي على لسان "أسرى الجهاد": "نقسم بالله بأننا لن نبقى في سجوننا وستكسر قيودنا، أتعرفون لماذا؟ لأن لدينا سرايا القدس التي أشعلت المقاومة من جديد في ضفة طارق عز الدين وخضر عدنان، لدينا رجال المغارم وحراس القضية زياد النخالة وأكرم العجوري".
وفي رسالته إلى أهالي الشهداء والأسرى والمجاهدين وأبناء الشعب الفلسطيني حاضنة المقاومة، لفت الحلبي إلى أننا "نراكم بعيون قلوبنا وأنتم ترفعون صور قادتنا الشهداء، وتهتفون بكل الصدق بالدم بالروح نفديك يا أسير، فنعلم علم اليقين بأننا سينتهي ليلنا ويشرق فجرنا، فأنتم القوة والأمل التي نحيا بها بعد توكلنا على الله".
ونبَّه إلى أنه "كيف تطيب الحياة وحرائرنا وأطفالنا ما زالوا معلقين في زنازين القهر، كيف تطيب الحياة وما لا يقل عن خمسين أسيراً أمضوا أكثر من ربع قرن في السجون وما زالوا؟ ماذا نقول لأبو شادي الطوس الذي بلغ من العمر سبعين وما زال في قيده منذ 40 عاما؟ ماذا نقول لشيخ الجهاد الإسلامي أبو إياد جبارين الذين تجاوز السبعين، وأنهى ثلاثين عاماً في السجون وما زال؟ ماذا نقول لذوي الأسرى لأمهاتهم الباكيات، لزوجاتهم المفجوعات، لعيون أبنائهم وبناتهم الدامعات، ردوا عليهم عندما يسألون أين ابني الأسير أين أبي الأسير أين زوجي الأسير؟".
وأبرق الحلبي بالتحية للمرابطين في باحات المسجد الأقصى، داعياً إياهم للمزيد من الصبر والإصرار حتى ينبلج ضوء النهار، كما توجَّه بالتحية لأهالي فلسطين المحتلة عام 48 والضفة وغزة والشتات على صمودهم أمام المشروع الصهيوني.
ودعا الحلبي، في ختام كلمته، "جماهيرَ أمتنا التي ما زالت تحمل فلسطين في قلبها عشقاً وقضية إلى أن تحارب التطبيع وأهله، وألا تبخل بدعم المقاومة الفلسطينية ولو بالدعاء".
صحيفة الإستقلال /