بقلم / حمزة البشتاوي
تعتبر المسألة النووية من أبرز التحديات الوجودية التي تطرحها الحكومات الإسرائيلية مع الإدارة الأمريكية، وهذه التحديات التي يتحدثون عنها، لا تتعلق فقط بالدول المعادية لـ (إسرائيل) بل أيضاً بالدول الحليفة والصديقة للولايات المتحدة الأمريكية.
ويتحدث اليوم مسؤولون في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عن مؤشرات مقلقة حول ما قد يفعله السعوديون في برنامجهم النووي، رغم أن التعاون فيه يتم مع الأمريكيين وليس مع روسيا أو الصين، وهذا التعاون بالنسبة للإسرائيليين لا يعني القبول أو الرفض، بل يعني ضرورة الحفاظ على التفوق النووي والاستراتيجي للإسرائيليين الذين يرفضون أي تغيير فيه حتى مع الدول المطبعة، وذلك بسبب تخوفهم من حدوث تغيير يطال الأنظمة ذات العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
ويعتبر الإسرائيليون أن تفعيل البرنامج النووي السعودي مقابل التطبيع، سيؤثر على مسار المفاوضات في الملف النووي الإيراني، الذي يمكن من وجهة نظر إيران الوصول فيه إلى توافقات دون المس بما حققته إيران من إنجازات.
وينظر الإسرائيليون لمسألة تفعيل البرنامج النووي السعودي، على أن الأمريكيون ما زالوا يضعون أمن (إسرائيل) في سلم الأولويات، وقبولهم الحالي بتفعيل البرنامج مرتبط بمنع الصينيين والروس من الاستثمار في هذا الملف الذي يمكن أن يتحول من مدني إلى عسكري.
وقد عاد الحديث عن البرنامج النووي السعودي مع توقع عدم اعتراض بنيامين نتنياهو على تخصيب اليورانيوم في السعودية مقابل توقيع اتفاق تطبيع مع السعودية، على الرغم من اعتبار مسؤولين إسرائيليين هذا الأمر يتناقض مع الاستراتيجية الإسرائيلية التي تضع بعين الاعتبار احتمال وصول مركبات نووية إلى أيدي معادية.
وفي سياق الضغوط على السعودية لعدم التوجه نحو الصين أو التقارب مع روسيا أو استكمال خطوات استئناف العلاقات مع إيران وسوريا، يتوقع حصول تقدم في البرنامج النووي السعودي، وعدم ممانعة أمريكية إسرائيلية، بشروط من أبرزها ركوب السعودية قطار التطبيع، من دون أن يعني ذلك تحقيق أي خطوة تتعلق بالقضية الفلسطينية.
ويقول الإسرائيليون بأن السعوديون يعلمون ان الطريقة الوحيدة لتفعيل برنامجهم النووي، وغض النظر عن عدم قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات تفتيش، تكون عبر إنشاء تحالف إسرائيلي سعودي يدعم السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
وبعيداً عن ما يقال حول احتمال تطوير قنبلة نووية تحت غطاء البرنامج المدني، وبهدف تسهيل صعود السعودية إلى قطار التطبيع ، يتحدث الإسرائيليون عن تنازلات وفق ضوابط وشروط محددة، للسماح بما هو مسموح به أصلاً، مقابل التطبيع الذي سيدفع ثمنه السعوديون والفلسطينيون وغيرهم من الذين يعلمون بأن السعودية قد حجزت مسبقا بطاقة ركوب القطار، وكل ما يجري من حديث حول وجود مطالب وشروط، ما هو إلا تعبير عن المخاوف التي لا تعني رفض التطبيع، وركوب قطاره بل هو خوف من النتائج و من خروج القطار عن مساره داخلياً وخارجياً.