بينت سيطلب من بايدن في لقائه معه اليوم الجمعة عدم سحب قواته من العراق وسوريا، لكي لا تملأ إيران الفراغ، كما سيدعو واشنطن إلى إقامة حلف إقليمي من أجل منع وصد التمدد والتوسع الإيراني في المنقطة، وخاصة على ضوء التطورات الحاصلة في أفغانستان، والانسحاب المذل للقوات الأمريكية من هناك، وفشل المشروع الأمريكي بأهدافه المعلنة غير الحقيقية بالقضاء على الإرهاب وبناء دولة أفغانية قوية، حلف تشترك فيه إلى جانب دولة الاحتلال وأمريكا، مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، يضاف لهم حلف "ابراهام" التطبيعي، وبينت سيدعو كذلك إلى شراكة استراتيجية بين دولته وأمريكا، وإلى توسيع دائرة حلف التطبيع العربي، في مواجهة المد لمحور المقاومة... بينت يعرف حدود قدراته في التأثير على بايدن في قضية الملف النووي الإيراني، فأمريكا ليس بواردها خيار المواجهة العسكرية، بل هي ترغب في العودة لإحياء الاتفاق النووي مع طهران، ولا تريد مناكفات في هذا الجانب، فهذه الحكومة الإسرائيلية جاءت بضوء أخضر منها، لكي لا تعود إلى المناكفة مع نتنياهو.. وما يجب أن نلحظه من انفجاري مطار كابول، أنهما قالا بشكل واضح ان المكانة لدولة الاحتلال في الإستراتيجية الأمريكية في تراجع مستمر، فلقاء بايدن- بينت تأجل من الخميس للجمعة، فأمريكا لها مصالح وأهداف على المستوى الكوني، تتعدى الأهداف والمصالح الإسرائيلية.
إسرائيل هاجسها الأول إيران ومحورها الممتد من طهران وحتى اليمن.. فالسيد من بعد جلب النفط الإيراني لكسر الحصار الاقتصادي على لبنان، وسع من معادلات الردع لكي تشمل البحر بعد البر والجو.. وإسرائيل بين نارين، نار قصف ناقلات النفط الإيرانية، وما يستتبع ذلك من رد لحزب الله، لا تحتمله جبهة الاحتلال الداخلية، وقد تتدحرج الأمور نحو حرب إقليمية، لا تريدها ولا تريدها واشنطن أيضاً، وبالمقابل السماح لناقلات النفط الإيرانية بالوصول وإفراغ حمولتها في موانئ لبنان صيدا أو بيروت، أو عبر ميناء بانياس السوري، ومن ثم نقل النفط براً، يعني كسر للحصار الاقتصادي على لبنان وسوريا، وسقوط مدوٍ لقانون "قيصر" ومشروع بومبيو لإسقاط لبنان في فلك الدول العربية المطبعة مع دولة الاحتلال، والعمل على اضعاف كبير لحزب الله وقوى المقاومة، بعد كل حملات التحريض على الحزب وشيطنته وشيطنة قيادته، واعتبار كل ما حل ويحل بلبنان من مصائب من صنع حزب الله وبسببه.
صحيح بأن بينت سيطلب مساعده خاصة بمليار دولار من اجل تعويض الخسائر في القبة الحديدية، وله خلافات في جوانب تفصيلية مع إدارة بايدن في الملف الفلسطيني، ولكن هناك اتفاق في الجوهر، بأنه في المدى المنظر لا أفق لحل سياسي، والمطلوب هو العمل على إدارة الصراع وليس حله، ومفاوضات من أجل المفاوضات، فبينت يدرك تماماً بأن أي موافقة على حل الدولتين، من شأنه أن يطيح بحكومته الأيله للسقوط، ولذلك قال بشكل واضح أنه لا دولة فلسطينية في عهد حكومته ولا مفاوضات سياسية ولا ضم ولكن مواصلة الاستيطان من اجل تحقيق الضم بشكل فعلي، وهناك مقترح بديل، من أجل منع تصاعد وانفجار الأوضاع، ما اصطلح على تسميته ب" تقليص الصراع"، عبر تقليل الاحتكاك مع الفلسطينيين وتسهيل التنقل والحركة وحركة البضائع والأفراد، وزيادة تصاريح العمل للعمال والتجار، وتحسين شروط وظروف حياة المقدسيين تحت الاحتلال، مشروع ما يسمى بالسلام الاقتصادي، يرافقه بعض الرشى السياسية للسلطة من أجل منع انهيارها واعادة جزء من الثقة بها، فهي باتت مأزومة وعاجزة وأقرب إلى الانهيار، ولذلك لا بد من تقويتها كما قال غانتس، ولا بد من دعمها كما قال وزير خارجية أمريكا بلينكن، فانهيار السلطة، يعني وجود قوة أكثر راديكالية تحل محلها، وهذا من شأنه خلق متاعب لدولة الاحتلال ومحور التطبيع والاعتدال العربي الرسمي.
رشى من طراز العمل على إعادة افتتاح القنصلية الأمريكية في القسم الشرقي من المدينة، وإعادة فتح مكتب المنظمة في واشنطن، والسماح بالبناء بشكل محدود جداً في المنطقة (جيم)، وفي مناطق معزولة، لا تؤثر على التمدد والتوسع والتواصل الاستيطاني، والعمل كذلك على تقوية أجهزة الأمن الفلسطينية ودعمها مالياً، وتوثيق علاقاتها وتنسيقها وتعاونها مع أجهزة الأمن الإسرائيلية والأمريكية، وعودة وكالة التنمية الأمريكية للعمل في الضفة الغربية، والمساهمة في العديد من المشاريع الاقتصادية ومشاريع البنى التحتية.
بينت يدرك تماماً بأن إيران و حزب الله أطراف أساسية في جبهة قطاع غزة، ولذلك هو في القريب العاجل إذا لم يلمس سكان قطاع غزة، بأن هناك تغير جذري في الأوضاع لجهة رفع الحصار وإعادة الإعمار وتوسيع مساحة الصيد وادخال البضائع وفتح المعابر، فإن الأمور ذاهبة نحو جولة جديدة من التصعيد، جولة قد تكون أكثر مدى وأشد خسائر لدولة الاحتلال، من معركة" سيف القدس " التي هشمت دولة الاحتلال عسكرياً وسياسياً، والمعركة قد تخرج تداعياتها عن السيطرة لتشمل أوسع جغرافيا إقليمية، ناهيك عن خطر تصاعد حالة الاشتباك الشعبي على طول وعرض جغرافيا فلسطين التاريخية، وبما يربك الجبهة الداخلية لدولة الاحتلال، وبينت رغم كل التهديدات والعنتريات الفارغة والفاضية، كما ادرك سلفه نتنياهو، بأنه لا حل عسكري لقطاع غزة، والحل فقط يكمن عبر التوصل الى هدنة طويلة الآجل، لن توافق فصائل المقاومة عليها بشروط بينت، عودة جنوده ومواطنيه المأسورين عند حماس بشروط ابتزازية، ربط القضايا الإنسانية والحياتية والاقتصادية والحصار بقضية الجنود.
بينت يدرك بأن الملف النووي الإيراني وصواريخ إيران الباليستية بعيدة المدى ودورها الإقليمي وتموضعها في سوريا ولبنان والعراق ودمها العسكري والمادي لجماعة أنصار الله "الحوثيين" في اليمن وقوى وفصائل المقاومة في قطاع غزة، سيبقى هاجسه المستمر، وسيواصل العمل بالتحريض على إيران، عبر منعها من امتلاك القنبلة النووية، أو الوقوف على أبواب امتلاكها، رغم قناعتي بأن الحرب الإعلامية والسياسية التي تشنها إسرائيل وأمريكا وتوابعهما من قوى غربية أوروبية ومشيخات خليجية، تستهدف عدم السماح لطهران بالقيام بعمليات التطور العلمي والبحثي والتكنولوجي والصناعي، الذي من شأنه ان يشكل منافس قوي لدولة الاحتلال على صعيد المنطقة، وبما يمنع من تفوقها وتفردها في المنطقة.