بقلم/ خالد صادق
لم تكن الخمسون ساعة من العدوان الصهيوني على قطاع غزة الذي استهدف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وقيادتها العسكرية مجرد حدث عابر, فقد أسس لمصطلح بات يمثل شعارا لكل فصائل المقاومة الفلسطينية, فالمعركة التي خاضها الجهاد الإسلامي قبل عام اطلق عليها اسم وحدة الساحات, لتمثل هذه المعادلة قلقا كبيرا "لإسرائيل" حيث ربطها نتنياهو بأهم التحديات التي تواجهها "إسرائيل", حيث قال رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو، إن "إسرائيل" ملزمة بالتحرك ضد النووي الإيراني, وضد النووي الإيراني وضد الهجمات الصاروخية وضد إمكانية توحيد الساحات". وتابع:" مستعدون للتعامل بأنفسنا مع أي تهديد وعلى جميع الجبهات" فسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين خاضت معركة "وحدة الساحات" للتعبير عن وحدة فلسطين أرضاً وقضيةً ومقاومةً، وبهدف إحباط مشاريع "إسرائيل" الهادفة إلى التغوّل على ساحة دون أخرى, والاستفراد بساحة دون أخرى, لكن الجهاد الإسلامي الذي خبر نوايا الاحتلال الصهيوني جيدا فرض معادلة وحدة الساحات قولا وفعلا على الأرض, واستطاع ان يوحد الميدان الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني, واعتبرت الفصائل الفلسطينية أن معركة وحدة الساحات مثلت نقطة تحول تاريخية تجسَّدت في ترابط وتلاحم ساحات النضال في غزة والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، وكانت استكمالًا لنجاح معركة سيف القدس، حيث نفذت الفصائل الفلسطينية استراتيجية وحدة الصفوف وتعزيز التنسيق الميداني، مكرّسة لمبدأ أن جميع ساحات الوطن هي جبهة واحدة مترابطة في مواجهة الاحتلال, وانه سيواجه بوحدة ميدانية وجغرافية لا يمكن فصلها عن بعضها, لان العدو واحد, والمستهدف واحد, والشعب واحد وموحد.
هذا الامر أزعج الاحتلال وجعله يتيقن ان محاولاته الدائمة لتفريق الساحات الفلسطينية والاستفراد بها، فشلت امام حالة الوعي الفلسطيني، وثقافة المقاومة التي باتت سلوكا طبيعيا في حياة الفلسطيني، الذي ينظر الى العدو الصهيوني على انه يسعى لتفريق شعبنا والاستفراد بساحة على حساب أخرى، وقرر ان يواجه هذه المؤامرة بمسؤولية كبيرة ليفشل مخططات الاحتلال، وقد تجسدت وحدة الساحات بالدماء والتضحيات الكبيرة التي قدمتها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، ففي الخامس من أغسطس/ آب في عام 2022، أطلقت حركة الجهاد الإسلامي على عملية التصدّي للاحتلال الصهيوني اسم "وحدة الساحات"، فيما أطلق جيش الاحتلال الصهيوني على عدوانه على الحركة اسم "الوعد الصادق". وبدأ العدوان بعمليات اغتيال متزامنة استهدفت قادة في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، واستُشهد خلاله قائد المنطقة الشمالية تيسير الجعبري، وقائد المنطقة الجنوبية خالد منصور، والشهيد القائد رأفت صالح إبراهيم الزاملي لواء رفح, والشهيد القائد/ سلامة محارب عبد الله عابد لواء غزة, والشهيد القائد/ زياد أحمد خليل المدلل لواء رفح, الشهيد المجاهد/ محمد حسن موسى البيوك لواء خانيونس, الشهيد المجاهد/ فضل مصطفى زعرب لواء خانيونس, الشهيد المجاهد/ تميم غسان حجازي لواء خانيونس, الشهيد المجاهد/ أسامة عبد الرحمن الصوري لواء خانيونس, الشهيد المجاهد/ أحمد مازن محمود عزام لواء غزة, والشهيد المجاهد/ يوسف سلمان محمد قدوم لواء غزة, والشهيد المجاهد/ محمد أحمد عبد الفتاح نصر الله "المدهون" لواء شمال غزة, انهم الشهداء الاطهار الذين صنعوا وحدة الساحات بالدم والتضحيات, حتى باتت وحدة الساحات معادلة ترهق إسرائيل, وتفرز معادلة جديدة هي "وحدت الجبهات".
المعادلات التي تعبد بدماء الشهداء الاطهار تتحول الى ثابت من الثوابت الفلسطينية التي لا يمكن التخلي عنها, وان كان الاحتلال الصهيوني يظن انه باستهدافه لثلة من قادة سرايا القدس وقادة المقاومة يمكن ان يؤدي لوأدها او اضعافها فهو واهم, انما يكون الحصاد الفلسطيني كبير, بقدر كبر التضحيات التي يقدمها, فدماء الشهداء انبتت وحدة الساحات, ووحدة الجبهات, وباتت "إسرائيل" تتحدث عن قرب نهايتها, واندثارها والعقد الثامن الذي لا تستطيع تاريخيا ان تتجاوزه, لذلك حذر خبراء عسكريون صهاينة، من خطورة تسليم حكومات الاحتلال بواقع "وحدة الساحات" بين فصائل المقاومة في غزة والضفة الغربية المحتلة, فالمقاومة زادت حسابات الاحتلال تعقيدًا عبر ترسيخ معادلة الربط بين الساحات بل وتعزيزها بساحات أخرى، وهو حسب محللين سياسيين يمثل نقلة نوعية في أداء المقاومة، ويجسد حقيقة استمرار تآكل قوة الردع ويمنع "إسرائيل" من التفرد بأي ساحة من الساحات, وباتت "إسرائيل" تخشى القيام بعملية عسكرية واسعة حتى في مدن شمال الضفة، لأنها تخشى من ردة فعل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة, التي قالت انها لن تسمح للاحتلال بالاستفراد باي ساحة فلسطينية, وانها سترد على جرائمه, وبات واضحا اليوم ان "إسرائيل" تحاول ان تتجنب معركة كبيرة مع المقاومة سواء الفلسطينية او اللبنانية, لأنها تعيش مأزقا حقيقيا من خلال التظاهرات الاسرائيلية التي تخرج بشكل يومي احتجاجا على التعديلات القضائية, والأداء السياسي لحكومة الصهيونية الدينية, والفشل المتتالي للعمليات العسكرية وعدم قدرة الجيش على تحقيق اهداف العدوان, فالاحتلال الذي يعجز عن دخول جنين ويستنجد بالسلطة لإنقاذه من كتائبها, والذي يخشى صواريخ غزة ومقاومتها, ويعجز عن إزالة خيمه لحزب الله على الحدود الشمالية, هو احتلال واهن وضعيف وهو اوهن من بيت العنكبوت, فلتتوحد الساحات والجبهات لتحقيق وعد الله بزواله, فزوال "إسرائيل" حتمية قرآنية.