بقلم: قسام الزعانين
صباح يوم الثلاثاء 9_مايو_2023م، أطلقت حكومة الاحتلال المتطرفة اسم"درع وسهم" على عمليتها العسكرية في قطاع غزة، حيث بدأت هذه العملية باغتيال ثلاثة قادة بارزين في سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وقد تعددت أهداف هذه العملية بالنسبة لحكومة نتنياهو، ما بين الأهداف السياسية المتمثلة في محاولة تخفيف حدة الأزمة السياسية داخل الكيان، وأهداف عسكرية متمثلة في استعادة الردع وتحديداً بعد إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان في بداية إبريل الماضي رداً على الإقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى المبارك.
والهدف العسكري الأهم من وجهة نظري لهذه العملية كانت "كسر حلقة الوصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة"، حيث صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بتاريخ 9_5_2023م، والذي قال فيه :"لقد نجحنا في اغتيال طارق عز الدين القائد في الجهاد الإسلامي والمسؤول عن الدعم المباشر للمسلحين في جنين، وهذا النجاح سيضعف المسلحين هناك"، لكنّ المفاجأة الكبرى التي هزت أوساط الكيان وداعميه هو نجاح المقاومة في الضفة الغربية وفي جنين تحديداً بتجاوز عملية اغتيال القائد طارق عز الدين ومن قبله عشرات القادة المؤثرين وذلك من خلال عملية التصدي الكبيرة للعملية العسكرية في جنين والتي استخدمت فيها كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس "عبوات التامر الناسفة "، حيث أصيبت المؤسسة العسكرية والأمنية في الكيان بالصدمة والذهول من حجم الضرر والخسائر الذي تسببت فيه هذه العبوات، التي اعطبت أكثر من 5عربات ناقلة للجنود، وأصابت 7من جنود الاحتلال اصابات مختلفة، في مشهدٍ أعاد للكيان صورة مجزرة الدبابات في وادي الحجير جنوب لبنان في حرب تموز عام 2006، على أيدي مقاتلي حزب الله، كما أعادت الصور مشهد تدمير ناقلة الجند على حدود قطاع غزة مع مصر" محور فيلادلفيا" في مايو عام 2004، والتي أعلنت عنها سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وأدت لمقتل 5جنود أغلبهم من وحدة الهندسة، وقد عبّرت قناة كان العبرية عن ذلك بوضوح فقالت:" في المؤسسة الأمنية يتصورون بأن هدف المسلحين في شمال الضفة هو تحويل المنطقة لما يشبه واقع غزة ولبنان بتوجيهات من إيران بهدف ردع "إسرائيل" عن العمل في المنطقة".
إن وصول مقاتلي كتيبة جنين إلى هذا التطور النوعي في صناعة العبوات الناسفة والتي وصل وزن الواحدة فيها40كجم،وإحداث هذا الدمار الواسع في ناقلة "النمر" المصفحة يعني أن محاولة كسر حلقة الوصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة أو حتى الخارج على اعتبار توجيه الإتهامات الدائمة لحزب الله وإيران بما يحدث في الضفة المحتلة باءت بالفشل، وأن هذا النجاح الذي أراد يوآف غالانت تسويقه على جبهته الداخلية وجيشه ما هو إلا وهماً في وهم ظهرت نتائجه في جر عرباته المدمرة وجيشه المصاب وطائرته المتضررة على أبواب مخيم جنين.
مع دخول عبوات"التامر الناسفة" الخدمة العسكرية في الضفة المحتلة أدرك الجيش الإسرائيلي بأن قواعد الإشتباك قد تغيرت، وبأن مرحلة جديدة من المواجهة قد بدأت فعلاً، وبأنّ أمر تطوير السلاح في الضفة المحتلة ليس مرتبطاً بالضرورة بالتواصل مع غزة أو الخارج، وهذا ما دفع الإحتلال للمصادقة على استخدام تكتيكات جديدة في مواجهة المقاومين في جنين ومنها الطائرات المسيرة، والتي أقدمت من خلالها على اغتيال 3عناصر من سرايا القدس وكتائب الأقصى في جنين مساء الأربعاء21_6_2023م، مما يعني أن الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية تحديداً ستشهدُ تصاعداً كبيراً، حيث أن الوصول إلى صناعة عبوات" التامر الناسفة" وتفجيرها عن بُعد يعني قدرة مهندسي كتيبة جنين على تصنيع الأحزمة الناسفة وعودة العمليات الإستشهادية إلى حلبة الصراع، والتي ستقلب المشهد رأساً على عقب، حيث عندها ستنتهي الحقبة السياسية لنتنياهو ووزير دفاعه غالانت كما كانت نهاية شارون ووزير دفاعه موفاز.