Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

قلق المستقبل... العنوان الحقيقي لمؤتمر هرتسيليا الـ 23

عامر خليل

عقد معهد السياسات والاستراتيجيا في جامعة رايخمان بهرتسيليا مؤتمره الثالث والعشرين يومي ٢٢ و٢٣ من شهر أيار الماضي، تحت عنوان "رؤية واستراتيجيا في عصر اللايقين" وتم نقل جميع جلسات المؤتمر مباشرة على صفحة المعهد في منصة اليوتيوب 

انعكس هذا العنوان في جلسات المؤتمر النقاشية على غرار الحوار الذي اجراه اللواء احتياط عاموس غلعاد مدير عام اسبق لوزارة الحرب الإسرائيلية مع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" اهارون حليفا او الكلمات التي ألقيت فيه كما فعل وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالنت ورئيس اركان جيش الاحتلال هيرتسي هليفي ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي وغيرها من عشرات الحوار والكلمات التي شاركت فيها شخصيات اكاديمية واعلامية وسياسة من خارج فلسطين.

كان واضحا في مداولات المؤتمر نقل الموضوع الايراني الى صدارة الاهتمام الاسرائيلي والعالمي لأهداف سياسية أرادها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بتحويل أنظار الإسرائيليين نحو الموضوع الأمني بدلا من المعضلات الداخلية الا ان ذلك لم ينجح سوى لأيام معدودة سرعان ما انتقل بعدها المشهد نحو المظاهرات ضد الإصلاحات القضائية ومشاكل ائتلافه الحكومي والقوانين التي يريد تشريعها.

لم يكن جديدا في اقوال المسؤولين الإسرائيليين في الشأن الإيراني فقد كرروا ما قيل سابقا حول الموضوع النووي الايراني ودعم طهران لقوى المقاومة في المنطقة حيث ركز غالنت في جانب كبير من كلمته على ما تقدمه إيران من مال وسلاح لدعم العمل المقاوم بشكل مباشر وغير مباشر بل وطرح ارقاما بهذا الشأن بمليار دولار سنويا تقدم للمقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا.

بشأن المواجهة القادمة يمكن الاستنتاج ان هناك تحسبا اسرائيليا من امكانية اندلاع قتال في نفس الوقت على اكثر من جبهة فيما يسمى حربا متعددة الجبهات وبرز قلق اكبر من مبادرة حزب الله لتنفيذ عمليات على غرار ما حدث في تفجير عبوة مجدو في شهر آذار الماضي، وفي ضوء ذلك كانت تهديدات إسرائيلية واضحة من رد فعل عليها سيؤدي الى حرب واسعة وهو ما ورد على لسان اهارون حليفا الذى يتبدى من كلامه حيرة إسرائيلية في التعامل مع الواقع الجديد الذي تفرضه المقاومة وتآكل مقولة الردع الإسرائيلية، وواضح ان تهديدات الزعماء الاسرائيليين وزيارة نتنياهو لمقر "أمان" وتصريحاته خول القدرات العسكرية الخارقة تأتي في سياق استعادة الردع، وأكد كل ذلك مناورة الجيش الإسرائيلي السنوية للتدريب على حرب متهددة الجبهات بما في ذلك هجوم إسرائيلي على إيران.  

لم تقتصر أعمال مؤتمر هرتسيليا الثالث والعشرين على محور المقاومة فقد نوقشت العديد من المحاور السياسية والاجتماعية والاقتصادية على صعيد علاقات الكيان الإسرائيلي مع الولايات المتحدة في وقت تتجدد الاتصالات الأمريكية الإيرانية للتوصل إلى اتفاق حول الموضوع النووي ما يثير قلقا كبيرا لدى القيادة الإسرائيلية.

اخذ الانقسام السياسي الداخلي حول التعديلات القضائية والعلاقة بين الحريديم والعلمانيين حيزا مهما في مداولات المؤتمر من جهة انعكاساته على مستقبل المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي ومواجهة الكيان الإسرائيلي للتحديات الخارجية المتمثلة في محور المقاومة من جهة تأثير الانقسام على قدرة تل ابيب في ان تكون موحدة في مواجهة هذه التحديات.

يمكن التلخيص انه رغم القوة الهائلة لجيش الاحتلال والتدريج المرتفع للاقتصاد الإسرائيلي عالميا الا ان كل ذلك لم يعن استقرارا  وأمنا للكيان الإسرائيلي فقلق المستقبل والخوف من الاندثار يهيمن على كل مستويات التأثير والتفكير في الكيان الإسرائيلي نتيجة ان الطرف الآخر يعاظم قدراته ويتحدى قوة جيش الاحتلال في كل الجبهات فيما التطورات السياسية بما فيها التطبيع لم تسعف الكيان في تأمين المستقبل وهو ما يدل عليه عنوان المؤتمر "رؤية واستراتيجيا في عصر اللايقين"  .