إنهم الشهداء، فوارس فلسطين، يولدون في أجمل الأزمنة والأمكنة، يعطرون البلاد بروحهم وريحانهم، ويسيرون في صفوف الجهاد، قافلة من العاشقين لا تنتهي، ويرتقون شهداء على طريق القدس.
كان مخيم جنين على موعد مع فارسه طه محمد زبيدي في 30 أغسطس 1977م، لعائلة مجاهدة من عوائل شعبنا التي قدمت التضحيات على طريق الحرية، فقد استشهدت خلال اجتياح مخيم جنين، واستشهد شقيقه القائد داود الزبيدي العام الماضي 15-5-2022م، بعد رحلة مقاومة برفقة مجاهدي كتيبة جنين – سرايا القدس حيث يعد صاحب فضل كبير في إشعال جذوة المواجهة، ولا يزال شقيقه المناضلين زكريا وجبريل في سجون الاحتلال.
أنهى الفارس طه دراسته الثانوية العامة في مدارس المخيم، ثم التحق بمعهد أكاديمي لدراسة الصحافة والإعلام، قبل أن ينتقل للعمل في جهاز الشرطة الفلسطينية في مدينة رام الله. وكان ذا خيال أدبي واسع، فكتب في الرواية والمقالة والشعر والقصص، كما ظهرت موهبته في الرسم.
مع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة عام 2000م، اَثر المجاهد طه التفرغ للعمل الجهادي المقاوم، ولذلك انسحب من الجهاز الشرطي ليلتحق بصفوف مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي وليصبح بعدهاً قائداً ميدانياً في سرايا القدس.
على إثر ذلك، قامت أجهزة أمن السلطة بملاحقته واعتقاله، وقد تمكن من الفرار من سجن جنين المركزي برفقة عدد من إخوانه المعتقلين، وواصل عمله الجهادي، ملاحقاً من أجهزة الاحتلال وأجهزة السلطة.
عمل الفارس طه مرافقاً للشهيد القائد محمود طوالبة، ومساعداً للأسير القائد ثابت مرداوي، كما استلم مهمة توزيع السلاح في مخيم جنين حين اشتداد المعارك مع جيش الاحتلال. وقاد الفارس طه سرية "جند الله" في منطقة حي الدمج في المخيم.
خاض المجاهد طه حرباً نفسية ضد الاحتلال، حيث كان يوجه الرسائل باللغة العبرية لجنود الاحتلال عبر مكبرات الصوت. ما حدا بقوات الاحتلال إلى قصف مكبرات الصوت، لما لها من أثر كبير على معنويات الجنود المنهارة.
شهيداً على طريق القدس:
في 6 أبريل 2002م، اشتدت المواجهات بين المقاومين وجنود الاحتلال، وفي حي الدمج بمخيم جنين، وخلال المواجهة العنيفة تمكن قناص صهيوني من إطلاق رصاصة باتجاه الشهيد المجاهد طه الزبيدي ما أدى إلى إصابته بجراح خطيرة، واستشهد عقب إطلاق طائرة أباتشي صهيونية قذائفها تجاه مكانه ليلتحق بقافلة الشهداء مستبشراً بما أعد الله من جنات وعيون.