لا تزال العديد من المنظّمات المؤيّدة للقضية الفلسطينية تواجه حملة عنصرية صهيونيّة شرسة في أوروبا، وتمثّل آخرها في ندوة استضافها البرلمان الأوروبي، أمس الأربعاء، حيث حشدت المنظمات الصهيونية والفاشية أنصارها وأحزابها وممثليها في مقر البرلمان الأوروبيّ في بروكسل بهدف حظر «شبكة صامدون للدفاع عن الأسرى»، وذلك في أعقاب إصدار «المنتدى القانوني الدولي» (ILF) تقريراً من 22 صفحة يدعو أوروبا إلى تصنيف «صامدون» كـ«منظمة إرهابية».
وليست هذه المرة الأولى التي تُستهدف فيها شخصيات ومنظمات مناصرة للقضية الفلسطينية في الغرب، إلا أن هذه الحملات تزداد شراسة في كل الميادين، بذريعة كاذبة هي «معاداة السامية» و«الصلة بإيران»، تلبيةً للرغبات والمزاعم الصهيونية.
ووفق التقرير المُقدّم من قبل «ILF»، فإن الشبكة تأسست في عام 2012، وتعمل بصفتها «فرعاً تابعاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (PFLP)». ويضيف التقرير أنه «في عام 2021 ، صنفت الحكومة الإسرائيلية صامدون منظمة إرهابية على أساس أدلة دامغة ومقنعة على علاقة الجماعة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي تم حظرها أيضاً كجماعة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي، وكذلك الولايات المتحدة وكندا وإسرائيل».
وفي الندوة التي استضافها أمس البرلمان البرلمان الأوروبي، حول «مكافحة التطرف والإرهاب»، وحضرها حوالى 100 شخص، استمع أعضاء البرلمان الأوروبي وحلفاء بارزين إلى مزاعم هذا التقرير، في مساعٍ لحظر الشبكة.
وقال الرئيس التنفيذي لـ«المنتدى القانوني الدولي»، أرسين أوستروفسكي، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية، ويصف نفسه عبر «تويتر» بأنه «صهيوني فخور»، إن «صامدون وإيران وجهان لعملة الجهادية نفسها».
وأضاف أوستروفسكي أن «قرار تصنيفهم كمنظمة إرهابية، سواء من قبل الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، لا ينبغي أن يتم على أنه تفضيل لإسرائيل، ولكن لأن الاستمرار في تجاهل معاداة السامية القاتلة وصلتهم التي لا تنفصم مع إيران سيكون بمثابة إهمال لا يغتفر وتهديد أمني مباشر وواضح، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث تنشط صامدون أيضاً ويتواصل جمع الأموال لعملياتهم العالمية».
ورأى أن هناك «أدلة دامغة على وجود علاقة عميقة الجذور ومنهجية بين صامدون وجمهورية إيران الإسلامية، التي لا تزال تنشر مخالب الإرهاب عبر أوروبا، من خلال مجموعات تعمل بالوكالة مثل صامدون»، قائلاً إن الشبكة تمثّل «تهديداً أمنياً مباشراً وواضحاً لا لبس فيه للاتحاد الأوروبي والمواطنين». وحثّ الاتحاد الأوروبي أن يتخذ «خطوات فورية» إزاء ذلك عبر وضع «صامدون» في «قائمة الإرهاب»، كما «هو مطلوب بموجب قانون الاتحاد الأوروبي».
كذلك، شارك أوستروفسكي مع رئيسة الحركة الدولية للسلام والتعايش (IMPAC)، ومقرها بروكسل، باتريسيا تيتلبوم، في كتابة مقال رأي لمجلة «نيوزويك»، بعنوان «كيف تصل مخالب إيران إلى أوروبا»، وذلك في إطار الحملة الصهيونية التي تشنّ على هذه المنظمات.
وكتب الاثنان، في مقالهما المشترك، إن «معظم السجناء الذين يدافع عنهم صامدون ليسوا مجرد مجرمين عاديين»، قائلين إنهم «قتلة وإرهابيون مدانون على صلة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بمن فيهم أحمد سعدات، الذي اغتال في عام 2001 وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي في القدس، وجورج إبراهيم عبدالله، الذي يقضي عقوبة بالسجن المؤبد في فرنسا لدوره عام 1982 في مقتل ديبلوماسيين أميركيين وإسرائيليين في باريس».
وفي السياق، قالت تيتلبوم إنها حضرت تجمعاً لـ«صامدون» باسم «مسيرة العودة والتحرير» في بروكسل في 29 تشرين الأول 2022، وقالت إنها «صدمت مما شاهدته وسمعته» حيث أشاد المنسق الأوروبي للشبكة، محمد الخطيب، الذي قاد التجمع، بـ«الإرهابيين القتلة» ودعا إلى الإبادة الجماعية «بكل الوسائل الضرورية»، وكذلك «استخدام الرصاص والصواريخ لهزيمة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة».
من جهته، اتّهم أنجيل ماس، رئيس منظمة «العمل والاتصال الإسبانية غير الحكومية في الشرق الأوسط » (ACOM)، إن «صامدون» بـ«دعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، هدفها استيراد أساليب متعصبة إلى أوروبا»، مما يجعلها «تهديداً واضحاً للأمن العام».
أما إيتاي ريوفيني، مدير الاتصالات في منظمة «NGO Monitor»، فقال إن «أوروبا يجب أن تضمن عدم توفير أموال دافعي الضرائب للجهات الفاعلة المرتبطة بالإرهاب، وأن هؤلاء الفاعلين لا يسيئون استخدام حرية التعبير الأوروبية القوية والقيمة، لا سيما على الأراضي الأوروبية».
وأضاف أن «عدم القيام بذلك لا يعرض حياة الناس وسلامتهم للخطر فحسب، بل إنه يمكّن العناصر المتطرفة المتشددة على حساب المعتدلين».
وفي المقابل، أكّد المنسّق الأوروبي لشبكة «صامدون»، محمد الخطيب، في حديث لـ«الأخبار»، «التمسك بالأهداف التي انطلقت من أجلها هذه الشبكة وأهداف حركتنا»، مشيراً إلى أنه «لا مكان للتعايش مع الصهيونية والعنصرية، ولا مكان للكيان الصهيوني ومؤسساته ومنظومته الاستعمارية فوق شبر واحد من أرضنا المحتلة من النهر إلى البحر».
ورأى أن «الحشد من الصهاينة وأنصارهم» في ندوة الأمس يُشير إلى أنهم «يعيشون حالة أزمة وقلق من تصاعد المقاومة في فلسطين المحتلة وحاضنتها الشعبية في الشتات، هذا القلق الصهيوني كان واضحاً في كل الكلمات والخطابات والعبارات التي قيلت وحاولوا تسويقها ضد صامدون»، قائلاً إن «الحشد الصهيوني وجموع المرتزقة من اليمين الفاشي الأوروبي جاؤوا إلى بروكسل للانتقام من الحركة الأسيرة والنيل من موقعها الثوري في ضمير شعبنا ولكنهم فاشلون».
وأضاف: «نحن لا نخجل من حقيقة أن صامدون تشكل العمود الفقري لعدد واسع من التحالفات في الشتات بما في ذلك حركة المسار الثوري البديل ونؤكد على كل المواقف التي صدرت عنا وأزعجت الصهاينة».
وتابع: «لم يقدم الصهاينة سبباً واحداً حقيقياً أو دليلاً واحداً يدعو الاتحاد الأوروبي لوضع صامدون على ما يسمى قوائم الإرهاب»، مشيراً إلى أن ذلك يشير إلى أن «الكيان الصهيوني يتحول إلى عبء كبير على كاهل المجتمعات والدول التي شاركت في صناعته وتأسيسه».
وعن الردّ على «سلسلة الأكاذيب والافتراءات والاتهامات الفارغة التي جرى تسويقها»، فقال: «نردّ عليها بطريقتنا من خلال سلوكنا وعملنا ولن نرد عليها وفق مزاجهم، نحن لسنا في موقع الدفاع بل في موقع الهجوم وليظل الصهاينة يكرروا أكاذيبهم».
المصدر: صحيفة الأخبار