نسلّط الضوء في هذه القراءة على جزء من المنشآت الحيوية الإسرائيلية، التي تحظى بأهمية فائقة لدى الكيان، والتي سيشكّل استهدافها، ضربة قاسية تنجم عنها نتائج كارثية على "إسرائيل".
مقدمة:
تحدثنا في الجزء الأول من هذه "الدراسة" عن جزء من المراكز الحيوية والحسّاسة التي تملكها "إسرائيل"، مثل المراكز السيادية، والمفاعلات النووية، والمطارات والقواعد العسكرية، وعرّجنا على النتائج والتبعات التي يمكن أن تترتّب على استهدافها، في حال نشوب حرب إقليمية تكون "إسرائيل" أحد أطرافها.
في هذا الجزء الثاني والأخير، سنسلّط الضوء على جزء آخر من تلك المنشآت، التي تحظى بأهمية فائقة لدي دولة الكيان، والتي سيشكّل استهدافها أيضاً، ضربة قاسية تنجم عنها نتائج كارثية على "دولة إسرائيل".
أولاً: الموانئ البحرية
تعتمد "إسرائيل" اعتماداً كبيراً قد يصل إلى نسبة 90% على الموانئ البحرية لاستيراد البضائع وتصديرها، وقد قامت ببيع ض منها للقطاع الخاص الذي طورها بدوره وحدّثها لتصبح قادرة على استيعاب أكبر قدر ممكن من البضائع في وقت قياسي، ما يساهم في ترشيد النفقات وزيادة الأرباح، واستقبال السفن الكبيرة التي تأتي من مختلف دول العالم.
وتمتلك "إسرائيل" 5 موانئ، 4 منها تطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والخامس يطل على البحر الأحمر، 3 من هذه الموانئ تعد شرياناً مهماً للتجارة الإسرائيلية، أما الآخران وهما مرفآ عكا ويافا فقد أهملا وبقيا على حالهما منذ عشرات السنين، ويقتصر العمل فيهما على قوارب الصيادين الصغيرة والمتوسطة فقط.
لذلك سنركز في العرض التالي على الموانئ الثلاثة التي تحظى برعاية "الدولة" في "إسرائيل"، وهي حيفا وأسدود وإيلات..
1- ميناء حيفا:
يقع ميناء حيفا في خليج طبيعي ومحمي، ما يسمح بدخول السفن وخروجها منه من دون انقطاع على مدار العام، وتسمح محطات ميناء حيفا بدخول سفن الحاويات الضخمة ونقل أي نوع من البضائع مثل الحاويات والحبوب والمواد الكيميائية والمركبات والوقود.
يقع الميناء بجوار أكثر طرق الشحن البحرية ازدحاماً في العالم، سواء القادمة إلى قناة السويس أو المغادرة منها، كما يعد الأكثر ابتكاراً وتقدماً في "إسرائيل"، وتجرى إدارته على نحو محوسب وفعّال ومتسارع، مع التركيز على تحسين عمل تفريغ وتحميل البضائع.
ولا تقتصر أهمية ميناء حيفا على دوره الاقتصادي فحسب، بل تمتدُّ لتشمل ما يمثّله الميناء من موقع عسكري مهم جداً، حيث يحتوي على أسلحة نووية وغير تقليدية، ففي الجانب الشرقي منه، تقع قاعدة "بولونيوم" للأسلحة البحرية، وتحتوي على صواريخ برؤوس نووية، وهي القاعدة التي تُعد مقراً للغواصات الحربية وخصوصاً من نوع "الدلفين"، المعدّة لحمل صواريخ ذات رؤوس نووية.
ويُعد الميناء منطقةً حيوية لتفقُّد السفن الحربية الإسرائيلية، ويحتوي كذلك على حوض لصناعة السفن الحربية، حيث تجهز في تلك الأحواض بالأنظمة القتالية والتقنية واللوجستية بما يتكيّف ومهام سلاح البحرية الصهيوني.
2- ميناء أسدود:
يُعد هذا الميناء الثاني على مستوى الأهمية في "إسرائيل"، ويقع في مدينة أسدود الساحلية (إحدى مدن فلسطين التاريخية المُهجّرة بفعل النكبة)، على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، دخل الخدمة عام 1965، وأدخلت تعديلات كبيرة على جميع أقسامه وأماكن رسو السفن، بحيث بات بإمكانه الآن استقبال السفن الكبيرة التي تنقل البضائع التجارية في حاويات ضخمة.
3- ميناء إيلات:
هو الميناء الإسرائيلي الوحيد المطل على البحر الأحمر، حيث يقع على رأس الجهة الشمالية لخليج العقبة، وقد افتتح عام 1955 ويستخدم حالياً للأغراض التجارية ولا سيما للتبادل التجاري مع دول الشرق الأقصى، وهو يسمح للشحن الإسرائيلي بالوصول إلى المحيط الهندي من دون الاضطرار إلى الإبحار عبر قناة السويس، وتعد حركة السفن في إيلات منخفضة نسبياً مقارنة بمرفأي حيفا وأسدود، ومن أسباب ذلك الانخفاض أن إيلات تقع على مسافة كبيرة من وسط البلاد، وهذا الأمر يساهم في زيادة التكلفة على البضائع التي تصل من خلاله بسبب الحاجة إلى نقلها إلى المدن الرئيسة في شمال ووسط "إسرائيل"، فضلاً عن معارضة قطاع السياحة الساحلية لأي احتمالات لتوسيع مرافق الميناء.
الخلاصة:
يمكن لأي عملية تعطيل كلي أو جزئي للمرافئ البحرية الحيوية، أن تشل الحركة الاقتصادية والتجارية في "إسرائيل"، ويمكن أيضاً أن تؤدي إلى تراجع وانكفاء الدور المستقبلي الذي تطمح "إسرائيل" إليه، انطلاقاً من الخدمات التي تقدمها موانئها لا سيما ميناء حيفا، الذي يُراد له أن يصبح عقدة مركزية لحركة السفن، وبوابة لدول الخليج على البحر المتوسط بدلاً من ميناء بيروت.
ثانياً: حقول النفط والغاز
ظهر الاهتمام الإسرائيلي الواضح في التنقيب عن النفط منذ مطلع الخمسينيات؛ إذ سُنّ قانون النفط عام 1952 لتشجيع الشركات المحلية والمؤسسات الأجنبية على الاستثمار في القطاع النفطي. ولخدمة هذه الأغراض نفسها، جرى تأسيس شركة نفط وطنية عام 1958، وشركات متفرعة منها في مجالات الاستكشاف والحفر والاستثمار والأبحاث والخدمات والتوزيع والتخزين.
لكن النتائج كانت مخيبة، ولم يُعثر إلا على بعض الآبار التي لا تمثل إلا نسبة ضئيلة جداً من الاحتياطي العالمي، حيث جرى اكتشاف 5 آبار تركزت في النقب الغربي والبحر الميت.
كل ذلك الإخفاق في العثور على حقول النفط انقلب إلى نجاح باهر بالنسبة إلى حقول الغاز، إذ جرى اكتشاف أكثر من 10 حقول تحوي مليارات الأمتار المكعبة من الغاز داخل مياه البحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى حقول أخرى أصغر منها في مناطق اليابسة.
وسنركز في هذا العرض التالي على حقول الغاز فقط لأهميتها البالغة لـ "إسرائيل"، ولطاقتها الإنتاجية الكبيرة على عكس حقول النفط، وتحديداً تلك التي تحوي كميات كبيرة منها.
1- حقل "لفياثان":
يُعد حقل "لفياثان" للغاز الطبيعي، أكبر حقل غاز طبيعي بحري في البحر المتوسط، وتبلغ مساحته نحو 324 كيلومتراً، وتشير التقديرات إلى أن احتياطي الغاز فيه يصل من 22 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
ومع أن هذا الحقل يقع في منطقة اقتصادية مصرية خالصة، إلا أن "إسرائيل" وضعت يدها عليه، وتتولى شركة "نوبل إنرجي" تطوير الحقل لمصلحة "إسرائيل"، اكتشف الحقل في حزيران/يونيو عام 2010، ويقع على بعد 200 كيلومتر غرب حيفا على عمق ألف و500 متر في جبل "إراتوستينس" البحري، وتعد هذه المنطقة الغنية بالهيدروكربونات من أغنى مناطق العالم بالغاز الطبيعي، وقد حول هذا الاكتشاف "إسرائيل" من بلد مستورد للغاز إلى بلد مصدر.
2- حقل تمار:
يقع هذا الحقل في شرقي البحر الأبيض المتوسط مقابلاً لسواحل سوريا ولبنان وقبرص وفلسطين و"إسرائيل" ومصر، حيث اكتشف عام 2009، ويبعد نحو 80 كيلومتراً من حيفا على عمق نحو 1700 متر تحت سطح البحر، ويُعد أكبر حقل للغاز الطبيعي يُكتشف في تلك المنطقة التي يقول الخبراء إنها يمكن أن تحوي على حقول أخرى.
3- حقل "شمن":
هو حقل غاز طبيعي في البحر المتوسط، اكتشف في آب/أغسطس 2013، ويقع على بعد 16 كيلومتراً من ميناء أسدود، في مقابل قاعدة "بلماخيم" العسكرية، على عمق 5.800 متر تحت سطح البحر، وتقدر احتياطات الغاز فيه بنحو 2 ترليون قدم مكعب.
4- حقل نوا:
يقع حقل نوا على بعد 36 كيلومتراً من شاطئ قطاع غزة، في عمق مياه 700 متر تقريباً، وتشترك "إسرائيل" وقطاع غزة في بنيته الجيولوجية، وقد اكتشف عام 1999، وقد يصل الإنتاج المتوقع للحقل بعد تطويره 3 تريليونات قدم مكعب من الغاز، ويعد حقل نوا من اكتشافات الغاز الأولى في "إسرائيل"، حيث اكتشفته شركة نوبل إنرجي عام 1999 وبدا استخراج الغاز منه عام 2012.
5- حقل "تنين":
يقع هذا الحقل على بعد 120 كيلومتراً في مقابل شواطئ فلسطين المحتلة، وقد اكتشف عام 2012 على عمق 5500 متر، وتشير التقديرات إلى أن حجم الغاز الطبيعي في هذا الحقل قد يصل إلى 1.5 ترليون قدم مكعب من الغاز.
6- حقل مارين:
حقل "غزة مارين" أول الحقول المكتشفة للغاز الطبيعي، في المناطق الساحلية الفلسطينية في بحر قطاع غزة، من قبل شركة بريتش غاز عام 1999، التي أجرت مسحاً زلزالياً لاكتشافه وحفرت بئرين استكشافيتين في المنطقة، ويشتمل هذا الحقل على احتياطي غاز يقدر بـتريليون قدم مكعب، ومنذ اكتشافه، لم يجر استخراج الغاز منه حتى اليوم، بسبب رفض "إسرائيل" طلبات فلسطينية من أجل استغلاله.
7- حقل زوهار:
اكتشف هذا الحقل في شمال غربي البحر الميت وذلك في الفترة ما بين عامي 1958 و1961، ويقدر الاحتياطي فيه بحدود 6 مليارات قدم مكعب، ويوفر هذا الحقل الوقود لمصانع البوتاس والفوسفات في شمالي البحر الميت، والمنطقة الصناعية في شمالي النقب.
8- حقل غونين:
حقل غازي ضحل يقع في منطقة الحولة شمال فلسطين المحتلة، ويقدر احتياطي الغاز فيه بنحو ملياري قدم مكعب.
الخلاصة:
في المجمل يمكن أن تتحول هذه الثروة الكبيرة من الغاز تحديداً إلى نقمة على دولة صغيرة مثل الكيان الصهيوني، فأي استهداف لتلك الآبار التي تحوي مليارات الأمتار المكعبة من الغاز الطبيعي سيؤدي إلى نتائج كارثية على غير صعيد، حيث تعتمد "إسرائيل" على هذا المنتج في مجال توليد الطاقة، وتشغيل المصانع، والتصدير إلى الخارج بما يدر عليها ملايين الدولارات، وربما أهم من كل ذلك الضرر الذي سيلحق بصورة "إسرائيل" على الصعيد العالمي، التي يُراد لها أن تصبح من الدول الرائدة في هذا المجال الحيوي والحساس، خصوصاً في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من أزمات لا سيما على صعيد إنتاج الطاقة.
ثالثاً: محطات توليد الطاقة
تعتمد "إسرائيل" في الحصول على الطاقة على مجموعة من محطّات التوليد، التي يعمل بعضها على الفحم، وبعضها الآخر على الغاز، وسنستعرض فيما يلي أكبر 5 محطات لإنتاج الطاقة نظرا إلى أهميتها الإستراتيجية.
1- محطة كهرباء أوروت رابين "أضواء رابين":
وعُرفت بهذا الاسم بعد اغتيال إسحق رابين رئيس مجلس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، وهي محطة توليد كهرباء بخارية تعمل بالفحم، وتقع على ساحل البحر المتوسط في مدينة الخضيرة داخل أراضي فلسطين المحتلة، وهي مبنية على الشاطئ لأنها تستخدم مياه البحر للتبريد، وبُني بجانبها حوض خاص لتفريغ الفحم اللازم لتشغيلها من سفن الشحن.
بدأ تشييد المحطة عام 1973 وبدأت عملها عام 1981، وتبلغ القدرة التوليدية الإجمالية للمحطة 2590 ميغاواطاً من الكهرباء، وتُعد من كبريات محطات توليد الطاقة الكهربائية، إذ تشارك بنسبة 23٪ من قدرة شركة الكهرباء الإسرائيلية، وهناك إمكانية لتشغيل المحطة بالوقود أو باستخدام النفط الخام، وتحتوي على 4 مداخن بارتفاع 300 متر ويمكن رؤيتها من بعد.
2- محطة كهرباء روتنبرج:
تقع المحطة على ساحل البحر الأبيض المتوسط قرب مدينة عسقلان، وتديرها شركة الكهرباء الإسرائيلية، وهي ثاني أكبر محطة في "إسرائيل" من حيث إنتاج الطاقة، وتعد أحدث محطة بخارية من بين المحطات الخمس الأخرى، تشكل الطاقة الإنتاجية للمحطة نحو ربع الطاقة الإنتاجية لشركة الكهرباء.
المحطة مبنية على الشاطئ لأنها تعمل بتقنية البخار وتستخدم مياه البحر للتبريد كما هي الحال في محطة "أوروت رابين"، كما تجري تغذيتها بالفحم الذي يفرغ من سفن الشحن في رصيف خاص قربها، وتضم المحطة 4 وحدات لتوليد الطاقة.
3- محطة كهرباء "أشكول":
تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال مدينة أسدود، سُميت المحطة باسم ليفي إشكول، رئيس مجلس وزراء "إسرائيل" الأسبق، ودخلت الخدمة اعتباراً من عام 2013، تبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة نحو 1600 ميغاواط، وتشكل نحو 7.3 في المئة من الطاقة الإنتاجية لشركة الكهرباء، وتضم بضع وحدات لتوليد الكهرباء والبخار.
4- محطة كهرباء ردينغ:
تقع في شمال مدينة "تل أبيب" في حي "رمات هشارون"، بجوار مصب نهر اليركون، سُميت باسم ماركيز ريدينغ، الذي كان رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.
قبل إنشاء المحطة كانت تغذّى مدينة "تل أبيب" بالكهرباء من خلال محطة "نهاريم" في غور الأردن، ومحطة حيفا بسعة إجمالية تبلغ نحو 47 ميغاواطاً، وكان يجري إيصال الكهرباء من خلال خط جهد عالي بين المحطتين والمدينة، ولكن بعد التطور السريع لـ"تل أبيب" في ثلاثينيات القرن الماضي، كانت هناك حاجة إلى إنشاء محطة في قلب "تل أبيب"، بسبب الطلب المتزايد على الكهرباء من جهة، وارتفاع التكلفة الناتج عن نقل التيار من محطات الطاقة البعيدة من جهة أخرى، إضافة إلى ذلك تزايد الأضرار التي كانت تلحق بالشبكة خلال الثورة العربية الكبرى، ما أضر باستمرارية وصول التيار الكهربائي، واستلزم بناء محطة كهرباء قريبة قدر الإمكان من "تل أبيب".
5- محطة كهرباء حيفا:
تابعة لشركة حيفا للكهرباء، وهي أول محطة بخارية في "إسرائيل"، وتعمل بالغاز.
إضافة إلى المحطات الخمس التي أشرنا إليها سابقاً، هناك محطات عدة أخرى ولكنها أصغر من حيث الحجم والإنتاج أيضا مثل "جازر وهاجيت وميشور روتم ورمات هوفاف وتزافيت ومحطة داليا".
الخلاصة:
في حال جرى مهاجمة محطات الطاقة الإسرائيلية وإخراجها عن العمل ستدخل الدولة اليهودية في أزمة لم يسبق لها مثيل، فالجبهة الداخلية والمستوطنون الصهاينة لم يعتادوا هذا النوع من الأزمات، فانقطاع الكهرباء سيعطل كثيراً من مناحي الحياة، كالمصانع والمؤسسات والمحال التجارية والاتصالات والمصارف وغيرها الكثير، ومهما كانت الموارد الأخرى التي يمكن أن تمد الدولة بالكهرباء، فإنها لن تكون في أي حال من الأحوال بقدرة محطات الطاقة، ولن تساهم في حل الأزمة إلا بالقدر اليسير.
رابعاً: المدن الصناعية الكبرى
تعتمد "إسرائيل" على المدن الصناعية لإنتاج معظم احتياجاتها، سواء الخاصة بالاستهلاك الداخلي أو المعدّة للتصدير إلى الخارج، وقد عملت منذ عام 1967 على إقامة معظم تلك المدن على أراضي الضفة الغربية المحتلة في داخل المستوطنات التي جرى إنشاؤها فيها، هذا الأمر كان يهدف إلى تجنب الأضرار الناتجة عن انبعاثات الغاز والبخار من المصانع من جهة، ولجعل تلك المدن الصناعية عامل جذب وإغراء للمستوطنين اليهود للقدوم إلى تلك المناطق لاستيطانها والسيطرة عليها، هذا إضافة إلى وجود مناطق صناعية كبيرة في مدن حيفا و "تل أبيب" وأسدود وعسقلان، وجميعها مقامة قرب شاطئ البحر لتكون بعيدة من الكتلة السكانية التي يمكن أن تتضرر من انبعاثات المصانع والشركات.
وسنعرض فيما يلي لبعض المدن الصناعية على أراضي المحافظات الشمالية من فلسطين المحتلة تحديداً، التي يقع على كاهلها معظم عمليات التصنيع والإنتاج في مجالات شتى.
1- المنطقة الصناعية "شاحاك":
تقع ضمن أراضي محافظة جنين، وتتبع لمستوطنة "شاكيد"، وتبلغ مساحتها نحو 311 دونماً. وتضم هذه المنطقة تسعة مصانع لصناعة الجلود، والحديد، والكرتون، وصناعة الحقائب والمحافظ المدرسية، وغيرها.
2- المنطقة الصناعية "نيتساني شالوم":
تقع هذه المنطقة غرب مدينة طولكرم، تبلغ مساحتها نحو 169 دونماً؛ ويقع جزء صغير منها داخل الأراضي المحتلة عام 1948 والجزء الأكبر داخل أراضي الضفة الغربية في محافظة طولكرم. وفي هذه المنطقة عدد من المصانع والصناعات، أهمها: مصنع "جيشوري" الذي ينتج مبيدات حشرية وأسمدة زراعية ومواد طلاء، ومصنع "شاحف" الذي ينتج مواد تستخدم للعزل الحراري، ومصنع "لينوي إسخوخيت" الذي يصنع الزجاج على أنواعه، باستخدام الرمل المضغوط.
3- المنطقة الصناعية "بارون اون كدوميم":
تقع على أراضي محافظة قلقيلية، وتتبع هذه المنطقة لمستوطنة كدوميم، وتقع شمال شرقي مستوطنة كدوميم في محافظة قلقيلية، وجنوب غربي مستوطنة شافي شمرون في محافظة نابلس، القسم الأكبر من هذه المنطقة الصناعية مقام على أراضٍ تتبع إدارياً محافظة نابلس؛ والقسم الآخر يتبع لمحافظة قلقيلية، وتبلع مساحتها نحو 513 دونماً.
4- المنطقة الصناعية "بركان":
تقع في أراضي محافظة سلفيت، تتبع هذه المنطقة لمستوطنة "بركان" وتقع في الجنوب الشرقي للمستوطنة، وتبلغ مساحتها نحو 1130 دونماً.
5- المنطقة الصناعية "معالي أفرايم":
تقع على أراضي محافظة أريحا، تتبع هذه المنطقة لمستوطنة "معالي أفرايم"، وتبلغ مساحتها نحو 133 دونماً، تصنع فيها أقنعة ضد الغازات والأسلحة الكيميائية، ومنتجات صناعية حربية، وصناعة الكياس البلاستيكية، وتعبئة منتجات غذائية، ويصنع المطاط والبلاستيك، والمواد الطبية، وغيرها.
6- المنطقة الصناعية "موديعين عيليت":
تقع على أراضي محافظة رام الله والبيرة، وتتبع لمستوطنة نتنياهو، وتبلغ مساحتها نحو 128 دونماً.
7- المنطقة الصناعية "مافو حورون":
تقع على أراضي محافظة رام الله والبيرة، وتتبع لمستوطنة "مافو حورون"، وتبلغ مساحتها نحو 320 دونماً.
8- المنطقة الصناعية "ميشور أدوميم":
تقع على أراضي محافظة القدس، وتتبع لمستوطنة "معاليه أدوميم"، وتبلغ مساحتها نحو 2335 دونماً.
9- المنطقة الصناعية "كريات أربع":
تقع على أراضي محافظة الخليل، وتتبع لمستوطنة "كريات أربع"، وتبلغ مساحتها نحو 74 دونماً.
10- المنطقة الصناعية "غوش عتصيون":
تقع أيضاً على أراضي محافظة الخليل، تتبع هذه المنطقة لمستوطنة "مجدال عوز" وتقع في الجهة الشرقية للمستوطنة، تبلغ مساحتها نحو 248 دونماً.
الخلاصة:
تُعد المدن الصناعيّة من أهم المشروعات الاقتصاديّة التي تنفّذها "إسرائيل" بهدف تطوير القطاع الصناعيّ فيها، ومعالجة المشكلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة عموماً، إذ يعد القطاع الاقتصادي من أكثر القطاعات الاقتصادية استيعاباً للأيدي العاملة من مختلف مستوياتها الفنيّة والعلميّة، وتكمن أهمية المدن الصناعية أيضاً في أنها تشكّل عامل جذب للمستثمرين المحليين والأجانب لكونها توفّر البنية التحتية الأساسية لأي استثمار، وبالتالي استهداف تلك المدن وتعطيل العمل فيها سيلحقان خسارة اقتصادية فادحة بـ"إسرائيل"، وسيزيد البطالة وما يتبعها من مشكلات اجتماعية وسياسية، وسيدفع المستثمرين إلى سحب رؤوس أموالهم والدفع بها في مناطق أكثر أمناً واستقراراً.
الخاتمة:
يمكننا أن نخرج بخلاصة عامة تفيد بأنه في حال جرى استهداف المراكز الحيوية والحساسة التي أشرنا إليها آنفاً في "إسرائيل" فإن هذه الدولة التي اعتادت الرخاء الاقتصادي، والتفوق العسكري، والتقدم التكنولوجي، والسماوات المفتوحة ستجد نفسها أمام واقع جديد لم تشهده من قبل، واقع سيترك آثاراً كارثية على مختلف مجالات الحياة فيها، وسيشكل انتكاسة حقيقية للمشروع الصهيوني في المنطقة، انتكاسة قد تدفع المستوطنين الصهاينة إلى هجرة عكسية في اتجاه مناطق أكثر أمناً واستقراراً في مناطق أخرى من العالم، وهذه الهجرة في حال حدوثها ستكون بداية النهاية للمشروع الصهيوني في المنطقة، إضافة إلى ذلك فإنّ صورة "إسرائيل" القوية والمقتدرة والمتفوقة على جميع أعدائها ستتعرض لهزة عنيفة لم تشهدها من قبل.
بالتأكيد نحن نعرف أن الوصول إلى هذا الشيء ليس بالأمر الهيّن، ويحتاج إلى إمكانات وقدرات كبيرة وهائلة، فـ""إسرائيل"" لن تكون وحدها عند حدوث مواجهة من العيار الثقيل، فهي تملك حلفاء أقوياء في مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية، ولكن هذا الأمر يجب ألا يمنع قوى المقاومة، دولاً وفصائل وجماعات أن تفكر وتخطط لذلك اليوم الذي تستطيع فيه كسر شوكة هذا الكيان، وتدمير قوته أو على أقل تقدير تعطيلها، وفي اعتقادي أن هذا الأمر ممكن إذا توافرت الإرادة، وتوحّدت الجهود، وخلصت النيّات.
المصدر: الميادين