Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

الثبات على الأهداف في مسيرات العودة

عامر خليل

راهن الاحتلال منذ بداية مسيرات العودة في الثلاثين من آذار الماضي في تلاشيها وانتهائها على الزمن من جهة ان قوة الردع الإسرائيلية ستجبر الفلسطينيين على الامتناع عن المشاركة في المسيرات وهي لن تحقق نتائج لهم وبالتالي سيتراجعون بعد أسابيع قليلة في حين ان العنف والإرهاب الإسرائيلي كفيل بان يبعدهم عن الحدود ويمنعهم من اختراقها إلا ان ستة شهور من عمرها فرضت واقعا مختلفا لم يكن محط استشراف إسرائيلي فالحدود أضحت مشتعلة وكسرت معادلة فرض المنطقة العازلة فتجاوزها الفلسطينيون بل واقتحموا الحدود واقتلعوا السلك الشائك وباتت أنشطة وفعاليات المسيرات المتجددة تشكل حالة عدم استقرار وخوف على تجمعات المستوطنين القريبة من غزة  إلا ان التحول الأهم كان في المسار السياسي فقد نقلت غزة إلى مائدة العالم وأظهرت حقيقة الواقع الصعب لمليوني فلسطيني يحاصرهم الاحتلال ويمنع عنهم سبل الحياة.

الجدال الإسرائيلي حول مسيرات العودة كسر الحصار يدلل على عمق تداعياتها السياسية وكونها أصبحت حاضرة بقوة على المائدة الإسرائيلية وتعكس تبدد الردع الموهوم فتحولت المسيرات إلى مأزق داخلي وامني للاحتلال فقد استخدم كل أشكال القوة والعقوبات والحرب النفسية عبر صفحة المنسق الإسرائيلي ولكنها جميعا لم تفلح في وقف المسيرات أو الحد من زخمها الجماهيري الأمر الذي جعل الاحتلال يلجأ إلى مسار سياسي يحاول من خلاله تنفيسها وسط ضجيج إعلامي واسع بين المستوطنين وشكاوى من مشهدها وفعالياتها التي وصلت إلى كل المستوطنات المحيطة بقطاع غزة وكانت الخديعة الإسرائيلية واضحة في طرح وعود برفع الحصار مقابل وقف المسيرات الأمر الذي لم ينطل على احد وانكشفت المراوغة الإسرائيلية من إتباع سياسة الخطوة بخطوة لرفع الحصار دون تحديد وقت محدد وإجراءات واضحة في هذا الاتجاه في حين سقط الشرط الإسرائيلي الذي طرح في البداية بالإفراج عن الجنود الأسرى لدى المقاومة ولم يعد يذكر الآن.

مسيرات العودة جلبت العديد من الأطراف لغزة إدراكا منها لخطورة المشهد الذي خلقته المسيرات وتداعياتها المحتملة ليس فلسطينيا وإسرائيليا بل لأبعادها الإقليمية وانعكاساتها على أكثر من طرف وهو ما يفسر حضور الأمم المتحدة وقطر ومصر ودعم الولايات المتحدة للحراك لذي تقوم به هذه الأطراف بحيث باتت غزة قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر لتصل شظاياها إلى أكثر من مكان ورغم ما حملته هذه الاطراف من معطيات إلا أنها لم تكن كافية بما يجعل رفع الحصار حقيقيا ودائما  وهو ما يفسر التعثر الذي حدث في الأيام الأخيرة في الحراك تجاه غزة والعودة إليه مجددا في وقت يردد الاسرائيلييون تراجعا في مسيرات العودة وفعالياتها دون ان تستند على حقائق ملموسة على الأرض.

لجأت إسرائيل في خطوة تعبر عن الإفلاس السياسي الى رفع لواء التهديد بضربات عنيفة وقاسية ضد غزة وهو ما جاء على لسان ليبرمان ونتنياهو لكن في ضوء حسابات الربح والخسارة وموقف المستوى الأمني والعسكري جرى التراجع عن هذا الخيار واستمرت مسيرات العودة الجمعة الماضية والحراك البحرى والارباك الليلي دون ان يؤثر ذلك على مسار فعاليات المسيرات المختلفة فواضح للمستويات الإسرائيلية المختلفة ان أي عدوان على غزة لن يوقف المسيرات وستعود إسرائيل إلى نفس النقطة التي انتهت إليها الحروب السابقة في ظل معطيات تشير إلى ان المقاومة ازدادت قدراتها وباتت تمتلك من الوسائل والأدوات ما يمكن ان تلحق به  إصابات واسعة في العمق الإسرائيلي وهو ما أظهره صاروخ بئر السبع الذي لم يتبنه احد.

مسيرات العودة أضحت سلاحا استراتيجيا مهما بيد الشعب الفلسطيني نقل رسائله إلى الجميع وأحيت قضيته أمام العالم وتقاطر المبعوثين العرب والأجانب إلى غزة يؤكد على ذلك وهي بشكلها السلمي الشعبي في الاشتباك مع الاحتلال ممتدة ومتواصلة لا ترتبط بزمن محدد ومن يحاول استنفادها سريعا تحت دعاوى مختلفة تعكس قصر نظر سياسي فان يستعجل قطف ثمارها التي تتأتى في إدارة صحيحة للموقف السياسي مع جميع الاطراف وعدم الوقوع في الخديعة الإسرائيلية أو الدولية التي تريد وقف المسيرات دون خطوات واضحة وملموسة تتعلق بإنهاء حقيقي للحصار.