لا يمكن لأحد أن يشكك بالموهبة التي يتمتع بها مهاجم ميلان ماريو بالوتيللي الذي يعلق عليه الإيطاليون آمالا كبيرة في نهائيات كأس العالم البرازيل 2014 FIFA لكن مزاجية هذا اللاعب تشكل مصدر قلق لأبطال العالم أربع مرات.
"على بالوتيللي أن يتعلم متى يقفل فمه"، هذا كان موقف المدرب السابق لميلان ماسيميليانو أليجري من "سوبر ماريو" بعد أن تلقى الأخير إنذارا ثانيا إثر انتهاء المباراة التي خسرها فريقه أمام نابولي (1-2) في المرحلة الرابعة من الدوري المحلي لهذا الموسم ما أدى لاحقا إلى إيقافه لثلاث مباريات.
وجسدت تلك المباراة أمام نابولي الازدواجية والمزاجية اللتين تحيطان بلاعب إنتر ميلان ومانشستر سيتي السابق، إذ كان يومه حافلا تماما حيث أضاع أول ركلة جزاء في 22 محاولة قام بها خلال مسيرته الكروية، ثم سجل هدفا من تسديدة صاروخية في الوقت بدل الضائع من المباراة قبل أن يتلقى بطاقة حمراء بعد صافرة النهاية لحصوله على إنذار ثان بسبب اعتراضه على الحكم.
وكانت تلك المرة الثامنة التي يحصل فيها المهاجم البالغ من العمر 23 عاما على بطاقة حمراء خلال مشواره الكروي، ما أثار حفيظة أليجري الذي رأى بان على "سوبر ماريو" تحسين سلوكه.
ولم يكن أليجري الشخص الوحيد الذي يحث "المشاغب" على المحافظة على رباطة جأشه إذ قال زميله الظهير الدولي إينياتسيو أباتي: "على ماريو أن يتعلم كيفية السيطرة على نفسه لأنه جزء هام جدا في فريقنا، وخسارته لمباراتين أو ثلاث ستشكل مشكلة بالنسبة لنا. عليه تعلم كيفية السيطرة على أعصابه".
وهذه فقط لمحة عن المشاكل العدة التي واجهها بالوتيللي خلال مسيرته الشابة التي وضعته في موافق حرجة مع رفاقه وفريقه السابق مانشستر سيتي الذي عاقب الإيطالي خلال موسم 2011-2012 بعد أن اضطر إلى خوض الكثير من المباريات من دونه بسبب إيقافه لحصوله على بطاقات كثيرة من اللونين الأحمر والأصفر، ما دفعه إلى تغريم لاعب إنتر ميلان السابق بمبلغ 340 ألف جنيه إسترليني.
ونصح مدرب سيتي السابق الإيطالي الآخر روبرتو مانشيني مواطنه بأن يحترم نفسه أكثر من أن يحترم مدربه.
من المؤكد أن بالوتيلي هو من أكثر اللاعبين إثارة للجدل، إنه موهوب وقادر على تحقيق أكبر الإنجازات كما أنه قادر على ارتكاب أكبر الهفوات.
يعتبر بالوتيللي مهاجم قوي يتمتع بفنيات عالية لدرجة تجعل من يشاهده يعتقد بأن ما يقوم به سهل للغاية، وبإمكانه أن يغير وجهة المباراة بلحظة واحدة كما انه خطر في الكرات الثابتة.
فرض بالوتيلي نفسه الخيار الأول في هجوم المنتخب الإيطالي بقيادة المدرب تشيزاري برانديلي، خصوصا بعد تألقه في كأس أوروبا 2012 حيث قاد بلاده إلى النهائي بتسجيله أربعة أهداف، بينها ثنائية في الدور نصف النهائي أمام ألمانيا، كما أنه تميز في تصفيات نهائيات كأس العالم البرازيل 2014 FIFA بتسجيله سبعة أهداف وهو يأمل أن يخوض العرس الكروي العالمي بالمستوى ذاته وبعيدا عن "صبيانته" التي دفعته في أوائل العالم الحالي إلى تحذير وسائل الإعلام المحلية بضرورة احترام خصوصيته وحياته الشخصية إذا ما أرادوا رؤيته يقدم أداء جيدا مع بلاده في المونديال.
وتصدر بالوتيللي العناوين هذا العام أيضا لكن لأسباب مختلفة بعدما اعترف بأبوته لطفلة تبلغ من العمر سنة واحدة أنجبها من صديقته السابقة رافاييلا فيكو.
وبعد أيام معدودة على اعترافه بأبوته لبيا في حسابه على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، تصدر بالوتيللي العناوين مجددا بعدما انهار بكاء على مقاعد الاحتياط إثر استبداله أمام نابولي (1-3)، وذلك لأنه أراد تسجيل هدف من أجل إهدائه لابنته التي تقيم مع والدتها في نابولي بالذات، بحسب تخمينات وسائل الإعلام.
ونجح بالوتيلي في التعويض عندما سجل ما اعتبرته وسائل الإعلام أجمل هدف في الدوري للموسم، لكنه لم يحتفل به كثيرا ثم قام بعدها بتحذير وسائل الإعلام من التطفل في حياته الشخصية لأن هذا الأمر قد يؤثر سلبا على أدائه مع منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم البرازيل 2014 FIFA.
"الناس يبالغون في تطفلهم على حياتي الشخصية"، هذا ما قاله "سوبر ماريو"، مضيفا "أنصحهم (لوسائل الإعلام) بأن لا يفعلوا ذلك لأني مهاجم المنتخب الإيطالي ويجب عليهم تركي بسلام لكي أعيش حياتي كما أريد لأتمكن من تقديم أفضل ما لدي على أرضية الملعب".
وانضم بالوتيللي إلى ميلان العام الماضي بعد أربعة مواسم "مضطربة" مع مانشستر سيتي بسبب تصرفاته المثيرة للجدل داخل وخارج الملعب، لكنه عاش موسما صعبا مع "روسونيري" الذي فشل حتى في التأهل إلى الدوري الأوروبي.
ويأمل جمهور منتخب إيطاليا أن تكون الوتيرة الصاخبة لحياة بالوتيللي قد أخذت منحى أكثر رصانة مع زوجته الجديدة فاني نيجويشا التي أعلن قرانه بها قبل أيام من انطلاق العرس الكروي.
ولد ماريو بالوتيللي في باليرمو في 12 أغسطس/أب 1990 من والدين غانيين هما توماس وروز بارواه. وبعد فترة قصيرة من ولادته، عانى من عواقب تشوه معوي اضطره للخضوع إلى عدة عمليات جراحية.
لم يتحمل والداه المقيمان في لومبارديا، كلفة العلاج ما اضطرهما إلى أن يعهدا بابنهما البالغ من العمر ثلاثة أعوام الى عائلة حاضنة مكونة من فرانشيسكو وسيلفيا بالوتيلي. لكن وبحسب القانون اضطر ماريو للانتظار حتى بلوغ الثامنة عشرة من عمره من أجل الحصول على الجنسية الايطالية وذلك في 13 أغسطس/آب 2008.
سجل بالوتيلي بدايته في دوري الدرجة الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2007 مع انتر ميلان حين كان في السابعة عشرة من عمره. وخلال ثلاثة أعوام بقميص نيراتزوري، توج بالوتيلي بثلاث بطولات هي مسابقة دوري أبطال أوروبا وكأس إيطاليا وكأس السوبر الإيطالية، مسجلا 28 هدفا في 86 مباراة.
لكن مشواره مع الفريق لم يتواصل بسبب مشاكله مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو والتي فتحت الباب أمامه للانضمام إلى مانشستر سيتي في أوائل موسم 2010.
لكن علاقته بمدربه ومواطنه مانشيني كانت متأرجحة بسبب مزاجية اللاعب وصبيانيته، فقرر العودة إلى بلاده وهذه المرة للدفاع عن ألوان ميلان في أواخر يناير/كانون الثاني 2013.
أما بالنسبة لمشواره مع المنتخب الوطني، فكانت أقل جدلا، وقد استدعاه برانديلي إلى التشكيلة للمرة الأولى في 10 أغسطس/آب 2010، أي قبل يومين من عيد ميلاده العشرين، لمواجهة كوت ديفوار وديا (0-1)، ثم وبعد مشاركة ناجحة في كأس أوروبا 2012 أصبح "سوبر ماريو" ركيزة أساسية في المنتخب الوطني الذي سجل له هدفين في كأس القارات العام الماضي في البرازيل وساهم بقيادته حتى نصف النهائي (حيث خسر أمام أسبانيا بركلات الترجيح) قبل أن يضطر للعودة إلى ميلانو بسبب إصابة في فخذه.
أ.ف.ب