Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

في انتظار ساعة الصفر

وكالات

من الصعب عزل التهديد بالقتل الذى تلقاه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية نفتالى بينيت عن مناخ التوتر والتصعيد الذى تعمدته الجماعات اليمينية المتطرفة طيلة شهر رمضان المبارك بدعم من قوات الأمن والجيش ضد المصلين والمعتكفين في رحاب المسجد الأقصى، ولا عن الاستقالة المدوية للنائبة عيديت سيلمان من حزب (يميناً) الذى يتزعمه رئيس الحكومة بينيت وهى الاستقالة التي وصفت بأنها زلزال سياسي لكون هذه النائبة هي رئيسة كتل الائتلاف الحاكم البرلمانية من ناحية ولأن استقالتها من حزب يميناً وخروجها من كتلة الائتلاف الحاكم الهشة، تعنى من ناحية أخرى أن هذا الائتلاف أضحى معرضاً للسقوط في حالة انسحاب أي نائب آخر، وربما تكون مثل هذه الاستقالة الثانية هي ساعة الصفر لإسقاط التحالف الحاكم، ومن ثم وضع إسرائيل أمام أحد احتمالين: إما أن ينجح بنيامين نيتانياهو زعيم المعارضة في تشكيل حكومة يمينية بديلة أكثر تشدداً وإما أن يتجه الإسرائيليون إلى خوض غمار انتخابات عامة جديدة.

التهديد بالقتل الذى تلقته أسرة بينيت (25 أبريل الماضي) جاء عبر تلقى مظروف بريدى يحوى رصاصة داخله حسب معلومات قناة (كان) الرسمية عقب تلقى هذه الرسالة قامت أجهزة الأمن بتشديد الحراسة والإجراءات الأمنية على أسرة بينيت الذى كتب على حسابه بـ (تويتر) يقول: يجب ألا يصل الصراع السياسي، مهما يكن عميقاً، إلى العنف والبلطجة والتهديدات بالقتل.

هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها بينيت للتهديد بالقتل والإيذاء الجسدي. ففي أغسطس الماضي تم تقديم لائحة اتهام ضد رجل (45 عاماً من كريات جات) اتصل بمركز الشرطة وهدد بإيذاء بينيت، واعترف لاحقاً أنه كان يخطط لذلك بالفعل وفق صحيفة إسرائيل اليوم، وسبق أن اعتقلت الشرطة إسرائيلياً آخر من جنوب البلاد هدد بينيت بحرق منزله، واصفاً إياه بالدكتاتور. فهم بينيت لتلك التهديدات هو فهمه لتصعيد اليمين المتطرف ضد الفلسطينيين في القدس المحتلة خاصة في المسجد الأقصى وفى الكثير من المدن الفلسطينية مثل جنين ومخيم جنين ونابلس وغيرها. فقد أكد بينيت أن هدف المتطرفين من كل ذلك التصعيد هو إشعال حرب كما حدث العام الماضي في نفس التوقيت، أي تكرار عملية حارس الأسوار، كما يسميها الإسرائيليون أو سيف القدس كما يسميها الفلسطينيون بكل ما تضمنته من مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال الإسرائيلية وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. يرى بينيت أن الهدف من وراء كل ذلك هو فقط إسقاط الحكومة.

الكاتب الإسرائيلي بن كاسبيت حذر من الصعود القوى للتيار الكاهانى (نسبة إلى الحاخام المتطرف مائير كاهانا) وموجة الكاهانية التي تجتاح إسرائيل ويقودها النائبان إيتمار بن غفير الذى يقود دائماً مظاهرات الأعلام كل عام ويسعى لاقتحام المسجد الأقصى من أجل تهويده، وبتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية اليهودية، وأشار إلى أن الإستراتيجية التي تحكم توجهات الحركة الكاهانية التي تؤدى دوراً رئيسياً في إثارة المشاكل والاستفزازات في القدس المحتلة والمسجد الأقصى تتمثل بوجوب العمل على تكريس الفوضى من منطلق أنه كلما كانت الأمور أسوأ توافرت الظروف التي تسمح لهذه الحركة بتحقيق أجندتها. ويشير بن كاسبيت في مقال نشره بصحيفة معاريف الى أن تلك الأجندة تتلخص في هدم الأقصى وتشييد هيكل سليمان (المزعوم) على أنقاضه.

الواضح أن هذه الأجندة باتت تركز على ضرورة أن يسيطر اليمين المتطرف على الحكم بكيان الاحتلال، وأن تحقيق ذلك يمكن أن يتم عبر طريقين إما الدفع بمجموعة من الاستقالات من حزب يميناً الذي يتزعمه بينيت ما يمكن أن يؤدى إلى سقوط الحكومة والاتجاه إلى تشكيل حكومة بديلة برئاسة نيتانياهو وعضوية زعماء اليمين اليهودي المتطرف، وإما التوجه إلى انتخابات برلمانية جديدة عقب إسقاط حكومة بينيت. هذا يعنى أن إسقاط الحكومة أضحى السبيل الممكن لتحقيق أي من الوسيلتين وهذا ما فهمه جيداً بينيت عندما أشار إلى أن هدف الجماعات المتطرفة من التصعيد في الأقصى هو إسقاط الحكومة.

من هنا تأتى الأهمية الكبرى لاستقالة النائبة عيديت سيلمان التي كانت قد تعرضت لضغوط شرسة من نشطاء في اليمين المتطرف طيلة الشهور الماضية، وكانت قد تقدمت بعشرات الشكاوى إلى الشرطة حول تلقيها تهديدات بالقتل وتهديدات لأولادها وعائلتها. الملفت في استقالة تلك النائبة أنها نشرتها في وسائل الإعلام قبل أن ترسلها إلى رئيس الحكومة زعيم الحزب الذى تنتمى إليه، ما يعنى أن توظيف الاستقالة سياسياً هو الهدف، وأن خلق مناخ من الاضطراب السياسي يحفز نوابا آخرين من حزب يميناً على الاستقالة أضحى مستهدفاً للتعجيل بإسقاط الحكومة، خاصة أن سيلمان وعدت بأن تقنع نواباً آخرين بالانسحاب من الائتلاف والعودة إلى معسكر اليمين. كما أنها بررت استقالتها بحرصها على الدفاع عن الهوية اليهودية التي تراها أضحت مهددة في ظل الائتلاف الحاكم حالياً وقالت في عريضة انسحابها أرفض إلحاق الضرر بالهوية اليهودية لإسرائيل وشعب إسرائيل فالهوية اليهودية لدولة إسرائيل هي سر وجودنا هنا. وتأكيداً لذلك تبين أن انسحاب سيلمان تم بحملة مكثفة أدارها رئيس حزب الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش، وعندما اكتمل الأمر واستقالت سيلمان اقترح سموتريتش على بنيامين نيتانياهو مفاوضتها على ضمان مستقبل لها في الحكومة القادمة.

أما نيتانياهو فقد رحب في شريط مسجل بانسحاب النائبة عيديت سيلمان من الائتلاف الحاكم وقال: أهلاً بك في البيت (في المعسكر الوطني).. وأدعو كل من تم انتخابه بأصوات المعسكر الوطني (هكذا يسمى نيتانياهو تكتله الليكودي) للانضمام إلى عيديت والعودة إلى بيتنا.

هكذا تسير الأحداث وفق ما يخطط له زعيما التطرف اليمينى إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش عبر العمل على إسقاط حكومة بينيت وتشكيل حكومة جديدة يكونان في قلبها وبالتحديد في المجلس الوزاري المصغر لقيادة إسرائيل نحو الهدف الذى يخططان له، ولم يبق لهما لتحقيق ذلك غير انتظار ساعة الصفر .