تجد إسرائيل نفسها في موقف يدفعها لمواجهة التداعيات المحتملة للحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا، وذلك على الصعيدين السياسي - الدبلوماسي، والأمني - العسكري.
وفي حين تتعامل حكومة الاحتلال بحذر مع الأحداث المتصاعدة، مفسحة لنفسها المجال للعب دور الوسيط، إذا ما تسنى لها ذلك، مع الحرص على مراعاة توجهات حلفائها في واشنطن؛ يرتفع منسوب الحساسية لدى القيادات في جيش الاحتلال.
تبعات الغزو الروسي على التنسيق في سوريا
وفي هذا السياق، أفاد المراسل العسكري في موقع "واللا" الإلكتروني، أمير بوحبوط، بأنه على الرغم من حالة "عدم التأثر" التي تحاول إسرائيل بثها، إلا أن القيادات في جيش الاحتلال يؤكدون في محادثات مغلقة، أن التطورات في أوكرانيا والمواجهة بين موسكو وواشنطن، "تزيد من حساسية العمليات وتحد من حرية سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا".
ونقل الموقع عن قيادات في جيش الاحتلال، قولهم: "نحن بحاجة إلى توضيح هذه المسألة للقيادات السياسية، والتصرف بحكمة وحذر نظرًا لحساسية الموقف"، مشددين على أنه "لا يمكن تجاهل التغييرات".
وإلى هذه الأثناء، بحسب التقرير، لم يرصد الجانب الإسرائيلي "أي تغيير ملحوظ" قد يؤثر على "حرية عمل جيش الاحتلال في سوريا". وللاطلاع على آخر التطورات، استعرض قيادات جيش الاحتلال أمام المسؤولين في حكومة الاحتلال، التغييرات على الأرض، خصوصًا في ما يتعلق بانتشار القوات في سوريا والسيناريوهات المحتملة التي قد تتيح لإيران تغيير أنماط أنشطتها وتعزيز عمليات نقل الأسلحة.
وتتسع مخاوف جيش الاحتلال لتشمل كذلك تأثر أنشطة سلاح البحرية من جراء الهجوم الروسي على أوكرانيا، وسط تقديرات بأن تصاعد الاحتكاك بين القوات الأميركية والسفن الروسية في الشرق الأوسط، قد يؤثر على الموقف العام لانتشار القطع البحرية في المنطقة، بما في ذلك على إسرائيل التي تُعد أبرز حليف عسكري للولايات المتحدة.
في غضون ذلك، تترقب وزارة الأمن الإسرائيلية، بفارغ الصبر، استلام مليار دولار من الولايات المتحدة خلال الشهر المقبل، لتمويل إنتاج صواريخ "القبة الحديدية"، وذلك في ظل العوائق الداخلية التي تعرقل نجاح إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالحصول على دعم الكونغرس لميزانية الدفاع.
ضغوط أميركية
وعلى الصعيد السياسي، كشف تقرير إسرائيلي، مساء الأحد، أن السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس- غرينفيلد، عبّرت عن استيائها من رفض إسرائيل دعم إقرار مشروع قرار أمريكي يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا، يوم الجمعة الماضي.
ولفت التقرير إلى ضغوطات تمارسها واشنطن على تل أبيب في هذا الإطار، في ما يتناقض مع تصريحات رئيس حكومة الاحتلال، نفتالي بينيت، ووزير خارجيته يائير لبيد، حول "تفهم" الولايات المتحدة للموقف الإسرائيلي، ومزاعم أنها "لم تمارس ضغوطًا عليها" بشأن موقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأشار التقرير إلى أن المجريات وراء الكواليس، مخالفة للصورة التي تعكسها تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، مشددًا على أن "هناك بالفعل ضغوطًا أميركية واستياء من جانب إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تجاه الموقف الإسرائيلي".
وفي محاولة لاسترضاء واشنطن، قررت حكومة الاحتلال، دعم تمرير القرار الذي سيطرح لتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تقعد "جلسة طارئة"، اليوم الإثنين، ليتخذ أعضاؤها الـ193 موقفًا حيال الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأكد بينيت، خلال جلسة المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، الذي عقد مساء أمس الأحد، أن إسرائيل تعتزم دعم القرار الذي يدعو إلى وقف الحرب ويدين روسيا؛ في أعقاب التقديرات التي طرحت في الكابينيت، وتستبعد "حدوث مواجهة مع روسيا نتيجة لذلك"؛ والتي تفيد بأن روسيا ستتفهم الموقف الإسرائيلي، إذا ما تجنبت تل أبيب "الحديث عن الحرب في أوكرانيا".
وخلال اجتماع الكابينيت، شددت وزيرة الداخلية الإسرائيلية، أييليت شاكيد، على ضرورة "التزام إسرائيل الصمت وعدم الحديث عن الحرب على الإطلاق". كما طلب بينيت من وزارئه، عدم التحدث إلى وسائل الإعلام في هذا الشأن.
وبحث الكابينيت الإسرائيلي "تقديم مساعدات إنسانية إضافية لأوكرانيا وتقديم المساعدة للمواطنين الإسرائيليين الذين يعيشون في أوكرانيا".
وفي هذا السياق، كشف تقرير لصحيفة "هآرتس"، نشر يوم الجمعة الماضي، طولبت فيه القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية بعدم التحدث إلى وسائل الإعلام حول الغزو الروسي لأوكرانيا، وذلك تحسبًا من أن تؤثر تصريحات معينة على التنسيق الأمني بين روسيا وإسرائيل في سوريا، ووقف هجمات الأخيرة هناك.
وأفادت الصحيفة بأنه في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) رصدت التحولات لدى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وحاولوا جاهدين إدراك وجهته وتحليل تأثيره على استمرار الهجمات الإسرائيلية المتتالية ضد إيران وحزب الله وحركة حماس.
وخلال مداولات في إسرائيل بمشاركة ضباط استخبارات، لتقييم الوضع في "الجبهة الشمالية"، أي سوريا ولبنان، في العام 2018، جرى تحليل الأداء الروسي وكيفية النظر إليه في السنوات القريبة التالية. وذكرت الصحيفة ان ضابط استخبارات كبير قدم في هذه المداولات تقديرًا، قال فيه إن بوتين يُبدي طموحًا إمبرياليًا ويبني نفسه كزعيم الأمة بشكل مشابه لزعماء في روسيا في الماضي غير البعيد. وأضاف الضابط أن بوتين يضع نفسه على أنه "وجه الشعب، وجه روسيا، أمنا روسيا".