بقلم: راسم عبيدات
الخطاب الذي ألقاه الرئيس عباس أمام دورة المجلس المركزي الأوسع جدلا وخلافاً..وتركزت على الخروقات والتجاوزات السياسية والتنظيمية والقانونية..وهذا عكس نفسه على الحضور السياسي لهذا المجلس،حيث قاطعته الشعبية والقيادة العامة والصاعقة والمبادرة ..ولحق بهم حزب الشعب بعد حضوره للجلسة الإفتتاحية واحتجاجه على جدول الأعمال ،وكذلك ما سماه الأمين العام للحزب الصالحي ب" العوار القانوني".
الرئيس في خطابه أعاد تكرار نفس الإنشاء السابق في خطابات سابقة امام المجلسين المركزي والوطني والجمعية العامة للأمم المتحدة،بالتركيز على المظلومية التاريخية للشعب الفلسطيني وما ارتكبه الإحتلال من مجازر بحق الشعب الفلسطيني..وكان يفترض ان يكون خطابه لكي يوحد الساحة الفلسطينية ويشكل مدخل للم الشمل الفلسطيني ودوران عجلة المصالحة وانهاء الإنقسام ان يعلن عن تنفيذه لقرارات المجلسين المركزي والوطني ومخرجات الإجتماع القيادي ولقاء الأمناء العامون بالعمل على التحلل من التزامات اوسلو الأمنية والسياسية والإقتصادية ،وقف التنسيق الأمني وسحب الإعتراف بدولة الإحتلال والغاء اتفاقية باريس الإقتصادية،ولكن بدلا من ذلك وجدنا أنه يتمسك بإتفاق اوسلو،ويقول بأنه اتفاق مؤقت،لم نتنازل فيه عن ثوابتنا الوطنية،وسمح لنا بعودة ابناء شعبنا وبناء سلطتنا ومؤسسات دولتنا...وكذلك اكد على ان اللقاءات الأمنية والإقتصادية مع قادة دولة الإحتلال،ليست بديلاً عن قرارات الشرعية الدولية...وهنا الرسالة واضحة التمسك بأوسلو والتزاماته الأمنية والسياسية والإقتصادية...والتأكيد على الإستمرار في نهج وخيار المفاوضات ولا بديل عن ذلك ...وكذلك فيما يخص الإنتخابات التشريعية والرئاسية التي جرى التوافق عليها في اذار /2020 وأقدم الرئيس على الغائها من طرف واحد،تحت ذريعة عدم التمكن من اجرائها في مدينة القدس،وهو يعلم جيداً وكل الفريق المحيط به،بأن ما أقصى ما يسمح به الإحتلال من مشاركة المقدسيين في الإنتخابات التشريعية والرئاسية،لن يكون مغاير لما جرى الإتفاق عليه في برتوكول رقم (2) إتفاقية اوسلو الإنتقالية (1995 )،حيث شارك المقدسيون في الإنتخابات التشريعة عام 1996 ،عدد محدود جداً لا يزيد عن (5327 ) مقدسي بالإقتراع في ستة مراكز بريد اسرائيلية،بدون وجود لجنة الإنتخابات المركزية وحضورها وبدون اجراء دعاية انتخابية،وباقي المقدسيين من حملة الهوية الزرقاء انتخبوا في صناديق انتخابية في ضواحي مدينة القدس،خارج حدود بلدية الإحتلال،وفي الإنتخابات الرئاسية والتشريعية تشرين ثاني/2005 وكانون ثاني /2006، شارك المقدسيون في تلك الإنتخابات في سبع مراكز بريد اسرائيلية بعدد لا يزيد عن (6000 ) مواطن،والبقية صوتوا في مراكز اقتراح في ضواحي مدينة القدس...ولحل مشكلة منع الإنتخابات في المدينة،طرحت حلول من طراز خوض اشتباك سياسي وجماهيري مع الإحتلال حول العملية الإنتخابية،بإجرائها في الأندية والمؤسسات التعليمية والدينية ،او أن تجري في مقرات الدول والهيئات الدولية التي لها قنصليات ووجود من دول الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في القدس...ولكن لغاية في نفس يعقوب،وفي كلمة حق يراد بها باطل ،جرى جعل القدس" الشماعة" التي استخدمت من اجل الغاء الإنتخابات،ونحن ندرك بأن عملية الإلغاء لها علاقة بأوضاع فتح الداخلية والرفض من قبل امريكا ودولة الإحتلال والمحيط العربي،وعدم قدرة من "يغتصبون" تمثيل الشعب الفلسطيني وقيادته من الفصائل الصغيرة على تشكيل قوائم انتخابية أو القدرة على تجاوز نسبة الحسم.
اما في إطار المصالحة وانهاء الإنقسام،فواضح بان الشرط التعجيزي بربطها بالموافقة على قرارات الشرعية الدولية،تعني بأن الرئيس والدائرة المحيطة به، لا يريدون ان يكون هناك انهاء انقسام،فهم يدركون تماماً بان ذلك ترفضه اغلب القوى الفلسطينية،وليس فقط حماس والجهاد والجبهة الشعبية
وبدلاً من العبارات العائمة والمبهمة والتي تفتح باب الإجتهاد والتحليل السياسي من طراز " "لن يبقى صامتا" امام أفعال دولة الاحتلال، وكل الخيارات مفتوحة، فتلك عبارات لا تترك أثرا بل لا تزيل "غبرة" من جسد العدو القومي، الذي بات يدرك تماما أنها كلمات محشوة برصاص صوت وألعاب نارية احتفالية، لتجديد شرعيته التي أصابها العطب والتاكل.
من بعد هذا الخطاب وبدون إنتظار للبيان الختامي الذي سيصدر عن المجلس،فمن الواضح ان هذا الخطاب،ليس كما قال الأخ عباس زكي عضو اللجنة المركزية لفتح، بأن ما سيصدر عن المجلس او يطرح فيه سيعبر وجهة نظر وموقف الحاضرين للجلسة والمقاطعين لها،بل هذا الخطاب اتى لكي يقول بشكل واضح،ان الساحة الفلسطينية مقبلة على المزيد من الشرذمة والإنقسام والمخاطر الجدية على المنظمة ومؤسساتها وبالذات مجلسها الوطني، الذي جرى " السطو" على صلاحيته من قبل المجلس المركزي بطريقة فيها مخالفات وتجاوزات سياسية وقانونية وتنظيمية.
من بعد اللقاءات التي حدثت ما بين قادة دولة الاحتلال وقادة السلطة بما فيهم الرئيس عباس،والتي لم تتجاوز الأبعاد الأمنية والإقتصادية والخدماتية،بعد موافقة قيادة السلطة على فصل المسار السياسي عن المسار الاقتصادي،والقبول بوجهة نظر الاحتلال والإدارة الأمريكية بأن الظروف غير ناضجة للعودة الى المفاوضات وإطلاق عملية سياسية،وتاكيد قادة دولة الاحتلال بأن تلك اللقاءات،ليس لها أبعاداً سياسية،وهي فقط تبحث في دور السلطة الوظيفي والأمني وكيفية مساعدتها وتقويتها في وجه قوى المقاومة ،ومنع تصاعد اعمال المقاومة في الضفة الغربية.فهذا يؤشر الى أن السلطة تريد ان تضمن اجراء ترتيبات في القيادة الفلسطينية،تجعلها ممسكة بقيادة المنظمة والسلطة،وضمان ترتيبات مع بعض الرئيس عباس،وهي دفعت بوزير الشؤون المدنية حسين الشيخ،كعضو لجنة تنفيذية سيناط به لاحقاً مسؤولية دائرة شؤون المفاوضات التي كان يتولاها الراحل صائب عريقات،بالإضافة الى اختيار روحي فتوح رئيساً للمجلس الوطني،والذي نخشى ان يجري الغاؤه ليحل محله المجلس المركزي بدلاً عن سليم الزعون الذي تخلى عن منصبه،وتدعيم سلطة ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية.