معن بشور
أن يمزق المندوب الصهيوني في الأمم المتحدة التقرير السنوي المقدم من مجلس حقوق الانسان، أحد أبرز مؤسسات المجتمع الدولي، بسبب تضمنه نقداً لبعض ممارسات العدوان والاجرام والأرهاب الصهيوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، لم يكن مجرد اهانة للأمم المتحدة التي تواطأت تاريخياً مع هذا الكيان منذ أن أعتبرته "دولة" في عام 1948، وواصل انتهاكه لقراراتها منذ ذلك الحين، بل كان اهانة لكل الدول المتعاونه معه، لا سيما الولايات المتحدة الاميركية التي لا يمكن أن يصدر هذا القرار دون المرور بوزارة الخارجية الاميركية وبممثليتها في الأمم المتحدة.
غير ان تصرف المندوب الصهيوني اليوم جلعاد أردان هو تعبيراً عن حجم، احساس الكيان الارهابي الاحلالي باشتداد خناق العزلة الدولية حول عنقه، وهي عزلة باتت تظهر كل يوم في معظم عواصم العالم وجامعاته ومؤسساته ودونقاباته وشخصياته وفنانيه ومثقفيه وبرلماناته ومؤسساته الدولية، والتي كان أخرها قرار الاتحاد الاوروبي بمعارضة بناء 2860 وحدة سكنية في 30 مغتصبة صهيونية في الضفة الغربية .
ان تزايد العزلة الدولية من جهة، وتنامي حركة المقاومة لهذا الكيان في جنوبه وشماله على حد سواء ترافقها انتفاضات شعبية مستمرة في القدس والضفة واراضي 48، يحمل الواقع العربي، الرسمي أولاً، وحتى الشعبي، مسؤولية وجود ضعف في بنية المواجهة مع هذا العدو .
فالنظام الرسمي العربي، ما عدا بعض الاستثناءات، ليس صامتاً فقط عن جرائم العدو المتعاظمة وعن تدنيسه لمقدساتنا الاسلامية والمسيحية، ولا سيما الاقصى المبارك الذي يواجه مخاطر حقيقية هذه الايام ،بل انه في بعض حكوماته متواطئ مع العدو سواء عبر اتفاقات التطبيع الابراهيمية، او عبر تحالفات عسكرية واقتصادية مع العدو او من خلال خوضه حروب واثارة فتن في دول المنطقة من المحيط الى الخليج لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير القائم على تفتيت الوطن العربي لصالح الكيان الصهيوني.
أما على المستوى الشعبي العربي، علينا أن نعترف ان الحراك الشعبي العربي المنتصر لفلسطين ما زال دون المستوى المطلوب لاكثر من سبب أهمها انشغال الحركات السياسية في كل قطر بمشاكلها الداخلية، وجو القمع والاضطهاد الموجود في الكثير من الاقطار العربية، حتى لا نقول كلها، أما السبب الثالث والأهم فهو الانقسام المريع بين تيارات الأمة الفكرية والسياسية والحزبية والذي عمقت من جراحه احداث ما يسمى بالربيع العربي مما جعل هذه التيارات تعتبر الصراع بينها هو التناقض الرئيسي، وتهمل التناقض الرئيسي الحقيقي الذي هو الصراع مع أعداء الأمة..
وبدلاً من ان تكون فلسطين مثلا هي القضية التي يجتمع في رحاب النضال لاجلها الجميع، وهي بحاجة لحركة شعبية عربية ثورية ضاغطة على الحكام تتراجع فلسطين الى مراتب متأخرة في برامج وتطلعات الحركات والتيارات، ويستمر حال الامة موزعاً بين عجز الأنظمة وتواطؤها، وبين انقسام الشعوب واحترابها.
فمتى نواكب كافة ما يجري في فلسطين من بطولات، وما يجري في العالم من تحولات، ونوحد صفوفنا ونضالنا على طريق وحدة ما تحققت يوماً للأمة إلا وأنتصرت، وما ضعفت أو تمزقت إلا وأبتلينا بالهزائم.