Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

تمزيق التقرير.. وتمزيق الوعد المشؤوم

بقلم/ خالد صادق

في مشهد يدل على العلو والافساد الصهيوني والاستهتار بالمجتمع الدولي ومؤسساته مزق السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة المدعو جلعاد أردان تقرير مجلس حقوق الإنسان لإدانته إسرائيل بانتهاكات ضد الفلسطينيين، بينما جدد الاتحاد الأوروبي الجمعة دعوته إسرائيل إلى وقف خططها لتوسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأدان التقرير الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق الفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة, اثناء عدوان الاحتلال الاجرامي على غزة في ملحمة «سيف القدس» وقال أردان في مشهد مزرٍ يدل على عقلية فاعله الاجرامية وتمرده على المجتمع الدولي واهانته الفجة له ان «المكان الوحيد الذي يستحقه هذا التقرير هو سلة المهملات، وهذا بالضبط ما سنتعامل معه»، ليقوم بتمزيق التقرير أمام أنظار الحاضرين, والقائه في سلة المهملات, وهذا السلوك العدواني الصهيوني لم يأت من فراغ, انما جاء بفضل الحماية الامريكية المستمرة لإسرائيل امام كل ما تمارسه من جرائم في المنطقة وجرائم بحق الشعب الفلسطيني, فإسرائيل تضرب بسيف أمريكا, وتعلم ان مسلكياتها الاجرامية في المحافل الدولية لن يتصدى لها احد, وان العالم على الأقل سيلتزم الصمت امام السياسة الإسرائيلية, وسيجد الف مبرر لإسرائيل لارتكاب مثل هذه الأفعال الشاذة التي لا يرتكبها الا «إسرائيل» التي امنت العقاب, ومن امن العقاب اساء الادب, «فإسرائيل» لم تحترم منبر الأمم المتحدة, ولا ممثلي الدول في الأمم المتحدة, ولا مجلس حقوق الانسان المنبثق عنها, ومارست سياسة العصابات الاجرامية.

اليوم تمر ذكرى وعد بلفور المشؤوم, ذاك الوعد الذي منح فيه من لا يملك «بريطانيا» وطنا لمن لا يستحق «إسرائيل» وهو وعد لا زال الشعب الفلسطيني يدفع ثمنه الى هذا اليوم من خلال دماء ومعاناة وتضحيات الفلسطينيين, هذا الوعد المشؤوم الذي كان يتطلب ان يقف رئيس السلطة الفلسطينية او ممثل فلسطين في الأمم المتحدة, او أي زعيم او مسؤول عربي واسلامي ليمزق هذا الوعد ويدعو بريطانيا «العظمى» للاعتذار للشعب الفلسطيني عنه والتكفير عن جريمتها بالكف عن دعم «إسرائيل» والوقوف الى جانب الحق الفلسطيني, وتعويض الفلسطينيين عن سنين الاستعمار الصهيوني التي زادت عن المائة عام منذ وعد بلفور المشؤوم في الثاني من نوفمبر عام 1917م, جرأة ممثل «إسرائيل» في الأمم المتحدة جلعاد اردان في تمزيق تقرير الأمم المتحدة وهو على منبر الأمم المتحدة, تدل على ان هناك تواطؤاً دولياً مع «إسرائيل» يفوق وعد بلفور المشؤوم, ويدل على ان بريطانيا لم تشعر بالندم على وعدها المشؤوم ولا زالت تقف مع الاحتلال الصهيوني وتدعمه وتدعم سياساته بكل قوة, احد الزملاء الصحفيين سألني في مقابلة خاصة, متى تعتذر بريطانيا للشعب الفلسطيني عن وهد بلفور المشؤوم, قلت له ما دمنا ضعفاء فلن تعتذر لنا بريطانيا لان العالم تحكمه شريعة الغاب, وموازين القوة, فبريطانيا ستعتذر لنا فقط عندما تشعر بقوتنا كأمة وشعب, وعندما تشعر باننا قادرون على مواجهتها وتمريغ انفها في التراب, لذلك تقف قوى الشر كلها ضدنا حتى لا تقوم لنا قائمة كأمة عربية وإسلامية.

وعد بلفور المشؤوم تبعته وعود اكثر شؤما بدءا من كامب ديفيد ووادي عربة واتفاقية أوسلو وملحقاتها, وما تسمى بصفقة القرن, وتزامن ذلك مع خطوات سوداء مثلت تخلي الزعماء والحكام والملوك العرب عن القضية الفلسطينية, والشراكة مع «إسرائيل» في تمرير مخططاتها الاستعمارية في المنطقة العربية والشرق أوسطية من خلال التطبيع وإقامة التحالفات مع «إسرائيل» والصفقات التجارية والتعاون الاقتصادي والتوافق السياسي وتغيير بوصلة العداء باتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية, فالكثير من الزعامات العربية تربط مصيرها واستقرارها في السلطة بنسج علاقات وطيدة مع «إسرائيل» والتحالف معها, بعد ان التقت المصالح بينهما على ضرورة افشال مشروع المقاومة في المنطقة الذي تقوده ايران, «فإسرائيل» تعتبر ان اكبر خطر يواجهها هو ايران بقوتها العسكرية وقدرتها المتنامية على امتلاك السلاح النووي, واستطاعت ان تقنع عديد الدول العربية انها محل أطماع لإيران, وان عليهم إقامة تحالف في المنطقة لمواجهتها, وهذه مخططات شيطانية إسرائيلية تهدف لتفتيت المنطقة واضعاف مراكز القوة فيها, ويبدو ان «إسرائيل» المأزومة قطعت وعدا على نفسها على غرار وعد بلفور المشؤوم بالحفاظ على عروش الزعامات العربية المتحالفة معها من غضب الشعوب, عبر رفع توصيات للإدارة الامريكية تشيد بالزعماء المطبعين ودورهم في تأييد ودعم «إسرائيل» وعبر بيع صفقات السلاح لهذه الدول, وتوقيع اتفاقيات دفاع مشترك معها, وتحسين الأوضاع الاقتصادية في تلك البلدان