أصدر مركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة ورقة حقائق لمناسبة يوم البيئة العالمي، الذي يصادف في الخامس من حزيران كل عام.
ودعت الورقة إلى استثمار المناسبة الأممية في مقاضاة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه المتواصلة بحق الإنسان ومكونات البيئة الفلسطينية، التي تتعرض لتدمير وتخريب واستهداف يومي.
وطالبت مجلس الوزراء الجديد بإجراءات ملموسة وتبني سياسات أكثر حساسية للبيئة، وعدم التعامل معها وقت الأزمات والكوارث فقط كموجات الجفاف والصقيع، وانحباس الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، والزلازل. وتفعيل القوانين والتشريعات الخضراء، وفي مقدمتها قانون البيئة الفلسطيني رقم (7) لسنة 1999.
144 مستعمرة
وقال المركز إن الخامس من حزيران مناسبة مؤلمة لأبناء شعبنا، الذين خسروا ما تبقى من فلسطين باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، وصاروا يحصون كل يوم عدوان الاحتلال ضد بيئتهم، عبر سياسات الاستيطان وما رافقه من مصادرة للأرض، وإقامة 144 مستعمرة، وعشرات البؤر الاستيطانية، ومعسكرات التدريب، وجدار الضم والتوسع العنصري الذي ابتلع ما مقداره 13% من مساحة المحافظات الشمالية، ويقطع أوصالها بطول سيبلغ بكل مراحله 810 كيلومتراتٍ، وحصاره لنحو40% من أرضنا، بالإضافة إلى اقتلاع سلطات الاحتلال قرابة 2,5 مليون شجرة،ٍ وعزله ما يزيد عن 180 ألف دونم خلف الجدار، وانتشار المكبات العشوائية لنفايات المستوطنات فوق أرضنا، وتلويث المياه العادمة الناتجة من المستوطنات لحقولنا ومزارعنا وبيئتنا، بالإضافة إلى تحكم الاحتلال بكافة مقدراتنا المائية، واستنزافها ما يزيد عن 89% من مياه الأحواض الجوفية في المحافظات الشماليه، وسيطرته الكاملة على البحر الميت ونهر الأردن، وكذلك انتشار مصانع الكيماويات والصناعات الخطرة في المستعمرات والمناطق الحدودية، وفي ظل الكثير من أشكال تلويث الهواء، والتلوث الإشعاعي المنبعث من مصانع الاحتلال ومفاعل (ديمونا) النووي، ودفن النفايات النووية والخطرة في أرضنا، وغيرها من انتهاكات.
حكاية 5 حزيران
وعرّفت الورقة بيوم البيئة العالمي الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 5 حزيران 1972، في ذكرى افتتاح مؤتمر ستوكهولم حول البيئة الإنسانية. مثلما صادقت الجمعية العامة في اليوم ذاته على قرار تأسيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وأضافت أن هذا اليوم يشكل إحدى الوسائل الرئيسة لتعزيز الوعي البيئي، والاهتمام والعمل السياسيين على نطاق عالمي، فيما يحمل شعار "ارفع صوتك ... لا مستوى سطح البحر" بعد أن عينت الأمم المتحدة عام 2014 سنة دولية للدول الجُزرية الصغيرة النامية (SIDS)، وما تواجهه من تحديات بفعل تغير المناخ والكوارث الطبيعية، ولمساعدتها في مواجهة تزايد المخاطر ومواطن الضعف جراء تغير المناخ.
أرقام أممية مرعبة
واستندت الورقة لمعطيات إحصائية رسمت صورة قاتمة لحال الدول الساحلية والجُزرية، إذ أشارت أرقام البنك الدولي إلى أن نصف عدد سكان العالم حاليا يعيشون في مدن، وسترتفع نسبتهم بحلول عام 2050 إلى 70% وسيكون 95% من النمو السكاني الحضري في العالم النامي مع نمو المدن الصغيرة بدرجة أسرع. أما المناطق الحضارية فيتركز فيها البشر والأصول الاقتصادية وكثيرًا ما يكون ذلك في أماكن معرضة للمخاطر؛ لان المدن ازدهرت تاريخيًا في المناطق الساحلية منخفضة الارتفاع، ما يجعلها معرضة للمخاطر الناشئة عن ارتفاع مناسيب سطح البحر، والتي يمكن أن تغمر 15 مدينة يسكنها نحو 600 مليون نسمة من أصل 20 مدينة ضخمة في العالم.
وبينت الورقة أن موجات الحرارة الأخيرة كتلك التي قتلت نحو 70 ألف نسمة في أوروبا عام 2003 أثبتت أن البلدان مرتفعة الدخل أيضًا يمكن أن تكون معرضه للمعاناة. والأرجح أن تزداد موجات الحرارة في تواترها وشدتها بالمدن بمقدار 3.5 إلى 4.5 درجة مئوية على درجات الحرارة في المناطق الريفية المحيطة بها.
وتابعت: من المتوقع أن يؤدي تغيير المناخ إلي مضاعفة معدل الأشخاص المعرضين للخطر من 30% إلى 60% من سكان العالم أي من 5 إلى 6 مليارات نسمة بحلول عام 2070.
وأضافت: إن الكوارث الطبيعة تفرض ثمنًا اقتصاديًا متزايدًا يتطلب إدارتها بصورة أفضل للتكيف مع تغيير المناخ، فإن كانت الوفيات الناشئة عن كوارث طبيعية مرتبطة بالطقس آخذة في الانخفاض فإن الخسائر الاقتصادية الناشئة عن العواصف والفيضانات والجفاف آخذة في الارتفاع من نحو 20 مليار دولار سنويًا في أوائل عقد الثمانينيات من القرن الماضي إلى 70 مليار دولار في أوائل القرن الحالي للبلدان مرتفعة الدخل. كما تضاعفت من 10 مليارات دولار سنويا إلى 15 مليارا بالنسبة للبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فيما تتحمل الأسر المعيشية ودوائر الأعمال والحكومات في البلدان النامية نحو 90% من الخسائر الاقتصادية.
وتابعت الورق، استنادًا للمعطيات الأممية: إن تغيير المناخ سيجعل إنتاج ما يكفي من طعام لسكان العالم المتزايد الذي سيصل إلى 9 مليارات شخص عام 2030 أمرًا أكثر صعوبة، وسيتغير توقيت مواسم المياه وتوافرها ونوعيتها.
غزة 2020: صورة قاتمة
ومضت الورقة بالقول: إن شعار الخامس من حزيران الأممي الخاص بالدول الجُزرية ليس بعيدًا عن تضاريس فلسطين، فقطاع غزة وفق تقرير الأمم المتحدة الذي حمل اسم (غزة)2020 أشار إلى المعدلات السكانية العالية في القطاع الصغير الواقع في المنطقة الجافة من الزاوية الجنوبية الغربية لفلسطين، ويبلغ عدد سكانه (1,6) مليون نسمة. وبيّن التقرير أنه إذا ما تواصل الوضع على ما هو عليه، فإن عدد سكان قطاع غزة سيبلغ (2.13) مليون نسمة مع حلول عام 2020، أي بمعدل (5.835) شخص/كيلو متر مربع، نصفهم من الأطفال. إضافة إلى أن حوض الماء الجوفي المتوفر سيصبح مع حلول عام 2016 غير صالح للاستعمال، بينما يزداد الطلب على المياه ليصل عام 2020 إلى (260) مليون متر مكعب.
ووالت: تشير المعلومات الواردة في التقرير إلى أنه في عام 2011 كان(60%) من العائلات ينقصها أو معرضة للنقص في الأمن الغذائي، فيما يصب (33) مليون متر مكعب من المياه العادمة غير المعالجة، أو المعالجة جزئياً في البحر الأبيض المتوسط. ويمثل الحصار السياسي المفروض على القطاع أحد التحديات الاقتصادية والبيئية. فقد حصرت إسرائيل مثلاً مسافة صيد الأسماك على سواحل غزة بثلاثة أميال بحرية، على الرغم من أن اتفاقيات أوسلو قد حددت المسافة بعشرين ميل بحري.
دراسات دولية لبيئة فلسطين
واستعرضت ورقة "التعليم البيئي" سلسلة دراسات أجراها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أولها ما تقدمت به الحكومات المشاركة في الدورة السابعة لمنتدى البيئة الوزاري العالمي، المنعقد في كولومبيا (شباط، 2002). واشتملت على (136) توصية لمتابعة بعض النشاطات في قطاع البيئة. وهدفت إلى وصف الوضع البيئي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديد المجالات الرئيسية للتدمير البيئي التي تتطلب رعاية عاجلة وملحة
كما أشارت إلى طلب سلطة جودة البيئة من برنامج الأمم المــــتحدة المساعدة في إجراء تقييم منظم عن المستوطنات في غزة بعد عملية الانسحاب الإسرائيلية من القطاع، وقد أعد البرنامج في حزيران عام 2005 خطة تقييم شاملة، وإجراء دراسة حول اتجاهات الرأي والوعي الأخلاقي، إلى جانب تحليل للاستشعار عن بعد.
وسلطت الضوء على تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن الوضع البيئي لقطاع غزة بعد تصاعد الأعمال الإسرائيلية العدوانية في كانون الأول 2008 وحتى شهر كانون الثاني 2009 لخّص النتائج العلمية للتقييم الذي أجراه البرنامج، بطلب من مجلس إدارته، حيث قدّم توصيات عملية لمعالجة الآثار التي ألحقها العدوان الإسرائيلي بالبيئة الفلسطينية، والإجراءات الواجب إتباعها لتحسين الوضع البيئي في قطاع غزة على المدى البعيد.
وتناولت الورقة تقييم برنامج الأمم المتحدة البيئي لقطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع عام 2012، وكان من أكثر التحديات والأمور الملحة التي وردت في النتائج التي جرى استخلاصها، حول وضع المياه الجوفية، التي يعتمد عليها الفلسطينيون للشرب وللري، وقد أصبحت مسألة ديمومة الحياة المعيشية في قطاع غزة موضع شك، إذا ما أخذنا بالاعتبار الاستهلاك الكبير للمياه الجوفية وتلوثها. ولن يتم تصويب الوضع هناك، إلا إذا تم إراحة الطبقات الصخرية(إعطاءها فرصة لتجديد نفسها)، وزيادة التعقيم والتحلية.
وأضافت: أن يوم البيئة العالمي يعتبر مناسبة مهمة لحشد التضامن الدولي تجاه قضيتا، وتذكير العالم بحقوقنا المائية المنهوبة، وبما تبقى لنا من ساحل على البحر المتوسط، وبالاستيلاء على البحر الميت، ومجرى نهر الأردن. وهو فرصة لدعوة برنامج الأمم المتحدة للبيئة بصفته المؤسسة العالمية المسؤولة عن حماية البيئة العالمية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للبيئة الفلسطينية. كما يعتبر حافزاً لمقاضاة الاحتلال على الاعتداءات البيئة في كل المحافل الدولية.
يوم بيئة فلسطيني
وخلصت الورقة بالتذكير بيوم البيئة الفلسطيني الذي أطلق لأول مرة هذا العام واعتمد في الخامس من آذار كل سنة، بمبادرة من المطران د. منيب يونان، رئيس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، وبالشراكة مع سلطة جودة البيئة، وحمل شعار(جرائم الاحتلال البيئية عداء لكل أشكال الحياة)؛ للتأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس دوراً مدمراً لبيئتنا وعدواناً يتجاوز كل القوانين والشرائع والمواثيق، دون حساب أو مقاضاة.