في مثل هذا اليوم التاسع من شهر آب/ أغسطس من العام 2008، رحل شاعر فلسطين محمود درويش.
ولد الشاعر محمود درويش بتاريخ 13 مارس 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل قرب ساحل عكا، حيث كانت أسرته تملك أرضًا هناك. خرجت الأسرة أثر الغزو الصهيوني ل فلسطين برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1948 إلى لبنان، ثم عادت متسللة عام 1949 بعد توقيع اتفاقيات الهدنة، لتجد القرية مهدمة وقد أقيم على أراضيها موشاف (قرية زراعية صهيونية) "أحيهود"، وكيبوتس يسعور فعاش مع عائلته في قرية الجديدة.
بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفرياسيف انتسب إلى "الحزب الشيوعي الإسرائيلي" وعمل في صحافة الحزب ، مثل الاتحاد والجديد التي أصبح في ما بعد مشرفًا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر التي كان يصدرها مبام.
قسم النقاد مراحل شعر درويش الشعرية الى عدة أقسام يجمع بينها علاقة الشاعر بوطنه وبقضيته "القضية الفلسطينية" وبالمنفى وترك الديار وكل ذلك في ظل علاقته بالذات. وقد قسم الناقد محمد فكري الجزار شعر درويش الى ثلاثة أقسام: المرحلة الأولى وهي مرحلة تواجده في الوطن، التي تشمل بدايات تكوين الشاعر وعيه بقضية وطنه وتشكيل الانتماء لهذا الوطن في ظل الاحتلال. أما المرحلة الثانية فهي مرحلة الوعي الثوري والتي امتدت الى عام 1982 حيث الخروج من بيروت وفيها تم تنظيم مشاعر الشاعر الجمعية التي كانت قد تكونت لديه في المرحلة الأولى. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الوعي الممكن والحلم الانساني. بينما قسم الناقد حسين حمزة شعر درويش إلى ثلاث مراحل انطلاقا من علاقة الشاعر بنصه الشعر ي فنيا، وبخارج نصه أيديولوجيا، أي كيف انتقل درويش من ماركسية في المرحلة الأولى الى قومية عربية في المرحلة الثانية، وإلى الفكر الكوني الانساني في المرحلة الثالثة دون اغفال فلسطينيته. أما من حيث مسيرته الشعرية فيمكن تقسيمها وفق ما جاء عند الناقد حسين حمزة الى ثلاث مراحل هي الأخرى : فالمرحلة الأولى (190-1970) ويسميها حسين حمزة بمرحلة "الاتصال"، حيث انتمى الشاعر وفق حسين حمزة في هذه المرحلة الى التيار الرومانسي في الشعر العربي المعاصر وقد احتذى بشعراء أمثال بدر شاكر السياب (1926-1964) ونزار قباني (1932-1998) وهنا نلاحظ سيطرة الخطاب المباشر على نصه الشعري مع استخدام الشاعر لتقنيات أسلوبية مثل تناص والقناع وغيرها . أما المرحلة الثانية (197-1983) وهي مرحلة أطلق عليها حسين حمزة بمرحلة "الانتصال" وهي مرحلة بينية تكمن فيها بعض مميزات المرحلة الأولى وقد طور الشاعر في هذه المرحلة أسلوبه وتطورت دلالات شعره منفتحة على دلالات أوسع من تلك الحاضرة في البعد الأيدولوجي، كما اكتسبت إحالات الشاعر الى التاريخ والدين والأسطورة والأدب والحضارة زخما اكبر، حيث أصبح نصه الشعر مليئاً بالإشارات الأسلوبية والتناصية. اما المرحلة الثالثة والأخيرة (1983-2008( فقد أسماها الناقد حسين حمزة بمرحلة "الانفصال" ،بمعنى أن الشاعر انفصل تدريجيا وبشكل واعٍ عن خطابه الأيدولوجي المباشر في شعره، وقد يكون الخروج من بيروت عام 1982 سبباً في خيبة أمل الشاعر في قومية عربية التي آمن بها الشاعر وتجلت بالمرحلة الثانية. في هذه المرحلة انفصل الشاعر عن الضمير "نحن" وعاد الى الضمير "أنا" أي الالتفات الى الذاتية.
توفي في الولايات المتحدة الأمريكية يوم السبت 9 أغسطس 2008 بعد إجراءه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن، تكساس، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته.