ناصر قنديل
– يتمهّل الأميركيون والإيرانيون في إعلان العودة إلى الاتفاق النوويّ، فليس من عجلة في الإعلان، لأن هناك ملفات تستدعي الترتيب قبل الإعلان، خصوصاً في الاستعجال الأميركي لترتيب الأوراق في كيان الاحتلال والسعودية، حيث لا يريد الأميركي الإعلان عن العودة إلى الاتفاق قبل التحقق من نزع صلاحيات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على ارتكاب أية حماقة في تصعيد الأوضاع في المنطقة بهدف جر الأميركيين الى حرب، وينتظرون نتائج التصويت على نيل الحكومة الجديدة بالثقة، ووضع ضمانات نقل صلاحيات رئيس الحكومة في حال فشل الثقة الى المجلس الوزاري المصغّر حيث وزير الدفاع ورئيس الموساد ورئيس الأركان، شركاء في القرار وشركاء لواشنطن في السعي لخفض التصعيد. وعلى الضفة السعودية يرغب الأميركيون أن يسبق إعلان العودة الى الاتفاق التوصل الى تفاهم ثابت يضمن وقف النار وفتح باب التفاوض السياسيّ في اليمن، وبالرغم من المحاولة الأميركية لترجيح كفة السعودية وكيان الاحتلال في كل صيغ التهدئة التي يشتغلون عليها، فهم يدركون أنهم لم يعودوا لاعباً وحيداً، وأنهم في لحظة معيّنة مجبرون على الاختيار بين التهدئة وشروطهم لها. والقبول بالتالي بشروط لا تناسبهم ولا تناسب حليفهم في السعودية والكيان، لكنها تضمن تهدئة مديدة، وقد بات واضحاً أن عنوانها اليمنيّ فك الحصار وعنوانها الفلسطيني منع الانتهاكات في القدس.
– في فترة التريّث الأميركيّ لا يجد الإيرانيون سبباً لتخفيض إجراءاتهم التي تقلق الأميركيين وحلفاءهم الأوروبيين في الملف النووي، فهي إجراءات دفاعيّة اتخذتها إيران رداً على الانسحاب الأميركي غير القانوني من الاتفاق وما لحقه من عقوبات أميركية منافية للقانون الدولي بمعاقبة كل مَن يطبّق قرار مجلس الأمن برفع العقوبات، ولذلك لن يسجل الإيرانيون سابقة يُساء فهمها كعلامة تعطش للعودة للاتفاق، ويقدمون على وقف خطواتهم الدفاعية أو تخفيضها، حتى لو كانوا مقتنعين بأن الأميركيين يرتبون أوراقهم للعودة للاتفاق، لأنه ما دام الباب مفتوحاً للتفاوض فكل خطوة لها تأثيرها على موازين التفاوض، لذلك يقرأ الإيرانيون النداءات التي تدعوهم لوقف الإجراءات التصعيدية، وهم بلغوا مرحلة قريبة من امتلاك ما يكفي لإنتاج قنبلة، كما يقول الأميركيّون، لكنهم يجيبون بأن الحلّ يكون شاملاً أو لا يكون، ورغم المحاولات الدبلوماسية التي جرت مع إيران من أصدقاء ووسطاء للاستجابة لهذه النداءات بقي الموقف الإيراني على حاله، والوقت الحرج نووياً، كما يقول الأميركيون، بات بالأيام وربما بالساعات.
– وصل الوسطاء إلى صيغة تقوم على بدء تنفيذ الاتفاق قبل الإعلان عنه، عبر اختيار بنود من الاتفاق تقع في روزنامة المرحلة الأولى، وتتضمّن رفعاً لعدد من العقوبات الأميركية عن أشخاص وكيانات إيرانية، منها شركات تصدير للنفط وشركات بحرية لنقل النفط، مقابل أن تقدم إيران على القيام ببعض الخطوات المقابلة، ولم تجب إيران على المقترح، إلا بالجواب التقليدي، يكون الحل شاملاً أو لا يكون، فبادرت واشنطن لتطبيق بنود العرض قبل الحصول على استجابة إيرانية بفعل المثل، على أمل أن يفعل الإيرانيّون شيئاً ولو لم يعلنوا عنه، وهذا ما أمله الوسطاء من إيران، فيما يجري تسريع العمل على تجاوز التعقيدات من طريق التهدئة في فلسطين واليمن، والطريق واضح للأميركيين ولا يحتمل المناورات، القبول بربط وقف النار في اليمن برفع الحصار وفتح الميناء والمطار، والقبول بربط وقف النار في غزة بوقف الانتهاكات في القدس، وصولاً لتبادل الأسرى ورفع الحصار عن غزة.
– الذين يتابعون مسار فيينا عن قرب يقولون إن أمر الاتفاق انتهى، وإن ما يجري حالياً هو تطبيق بعض بنوده قبل الإعلان عن توقيعه.