Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

ميزان القوى في قضية فلسطين.. الياس سحّاب

ميزان القوى في قضية فلسطين.. الياس سحّاب

  لم يكن ميزان القوى في ميادين قضية فلسطين حساساً منذ عقود ستة ونيف، كما هو حساس اليوم.

 

لقد حققت الحركة الصهيونية ضربتها الكبرى على أرض فلسطين منذ 66 عاماً، ولم تتوقف مذاك عن إضافة الإنجازات التي كانت تقابلها بالضرورة التراجعات في الميادين العربية والدولية لقضية فلسطين. ومع ذلك فإن المنتصرين في هذا الصراع حتى يومنا هذا ما زالوا عاجزين عن الإنجاز التاريخي الحاسم، بالتصفية النهائية لمسيرة الصراع العربي - الإسرائيلي، مع أنهم لم يوفروا شيئاً للافادة من نقاط الضعف الفلسطينية والعربية والدولية إلى أقصى درجات الإفادة.

وهذا الوضع الاستراتيجي المتدهور في الصراع، هو الذي أغرى الولايات المتحدة الأميركية، حاضنة المشروع الصهيوني، على إطلاق هجمة المفاوضات الشرسة لاعتقادها، وهي أشد حصافة من ربيبتها إسرائيل، بأن الساعة قد دنت لإتمام التصفية التاريخية النهائية لقضية فلسطين. لكن التعنت الإسرائيلي الأحمق كان كفيلاً وحده بعدم الإفادة من هذه الفرصة التاريخية، التي قد لا يتيحها وضع ميزان القوى مرة أخرى.

وبالفعل، فإن تعديلات غير ضئيلة بدأت تطرأ على ميزان القوى هذا، منها انضمام فلسطين الى عدد من المنظمات الدولية، لكن ذروة التغيير في اللحظة الراهنة يكمن في استكمال إجراءات المصالحة الفلسطينية بين السلطة في الضفة، وحماس في غزة.

وكأن الفلسطينيين قد اكتشفوا فجأة - يا للعجب - أنه من العار أن يستمروا من جهة في النضال لإطلاق آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون العدو الاسرائيلي، بينما يقبع في سجون حماس في غزة أسرى فلسطينيون من فتح، ويقبع في سجون فتح في الضفة أسرى من حماس.

واذا أردنا أن نضع يدنا على القيمة الحقيقية لهذه المصالحة عند بلوغها حد الاكتمال، فليس علينا سوى متابعة آثار الخطوات التمهيدية في المصالحة، التي تمت حتى اليوم، على الجبهة المواجهة لنا في الصراع، أي الولايات المتحدة وإسرائيل.

هنالك مقولة قديمة لجمال عبد الناصر تقول إننا إذا استمعنا إلى مديحنا من إذاعة العدو، فعلينا أن نعيد النظر سريعاً في الخطأ السياسي الفظيع الذي ارتكبناه، لنستحق هذا المديح، والعكس صحيح.

لذلك ليس لنا من ميزان دقيق اليوم لقياس المسيرة الفلسطينية نحو المصالحة، سوى مطالعة الحنق الشديد الذي أصاب كلا من جون كيري من جهة، ونتنياهو وليفني، من جهة ثانية، من المصالحة الفلسطينية، حتى قبل استكمال خطواتها الى نهاياتها المرجوة. فأجمع الثلاثة، في وقت واحد، على شن حملة عنيفة على احتمالات المصالحة، بمنطق واحد يقول ان على السلطة ان تختار واحدا من اثنين إما السلام، أو المصالحة مع «حماس».

هكذا يفضح الغضب الاميركي ـ الاسرائيلي في لحظة واحدة طبيعة السلام المطروح على الفلسطينيين في جولة المفاوضات الاخيرة، كما في سائر الجولات السابقة، انه سلام المشروع الصهيوني، وابتلاعه بقية أرض فلسطين، وتشتيته لبقية شعبها، في عملية تصفية للصراع من جذوره، وإقفال أبواب قضية فلسطين إلى الأبد.

انها فرصة تاريخية لا بد للسلطة في رام الله، و«حماس» في غزة، أن تستفيد منها إلى أقصى مدى ممكن، كما يفعل أعداؤنا في الصراع، فتستكمل سريعاً خطوات المصالحة، ما دامت تزعج الولايات المتحدة وإسرائيل إلى هذا المدى، والإسراع في فتح الأبواب على مصاريعها، أمام سائر أوراق القوة التي من شأنها أن تغير ميزان القوى لمصلحتنا، في هذا الصراع الطويل المفتوح، بما في ذلك التمسك بحق العودة، وعدم الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، والعودة إلى التمسك مجدداً بحق شعب فلسطين، في ممارسة جميع أشكال المقاومة لاسترداد أرضه وحقوقه كاملة.

إن من شأن تحولات كهذه، أن تفرض على سائر الدول العربية العودة عودة كاملة الى مسيرة الصراع، محققة بذلك التعديل الأهم المنتظر على ميزان القوى الحالي في الصراع.