علاء سراحنة
إن تفاصيل وجه فتى القدس الذي تم إعتقاله الليلة الماضية، خلال المواجهات المندلعة منذ بداية شهر رمضان في منطقة باب العامود الباب الرئيسي للبلدة القديمة، تنطق بما تعجز عنه اللغة بكل مفرداتها، يقول وجهه ان القدس ليست لكم ولن تكون، طال الزمن أم قصر.
هل رأيتم مثل هذا الوجه بكل هذه القوة التي تشع منه؟! يحيط به العشرات من جنود الإحتلال لكنه لايطأطئ رأسه أبدا، يعليه أكثر وأكثر. يحقق صورة تميم في بيت الشعر القائل "في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ"
بل يسير وعيناه تضحكان واثقين بنصرٍ قريب، ومقلة جفونه تنظر إلى قبة الصخرة المذهبة، وتحاكيها بأن الروح تهون ولا نهون في الدفاع عنك وعن كل المقدسات التي هي أصل العقائد.
رغم التهديد والوعيد ورغم الكيد والبطش بأعتى ألة عسكرية تعد من أعتى الترسانات في الشرق الأوسط، يتحدى شباب بيت المقدس هذه القوة في مثال يحتذى بالصبر والقوة بل في مثال يعطي دروساً بمعنى الكرامة والعزة.
وفي قصيدة القدس لتميم:
"وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: “لا تحفل بهم”
وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: “أرأيتْ!”
تجيب نفسك نعم رأيت الكف يواجه المخرز، والحجر يواجه السلاح وينتصر، ويفرض سيادة في الليل ورعب التحضير للمواجهات بالنهار.
لماذا ثار الشباب المقدسي
في خضم انشغال العالم بهمومه وبكورونا، يحاول الاحتلال مستغلا هذا الانشغال بالتهديد والأسرلة والقبضة الحديدية على المدينة، محاولا فرض سيادته.
كتب الناشط المقدسي خالد عليان عن هبة باب العامود، بأنه "لم يثر الشباب المقدسي لأنه يريد انتخابات في القدس، بل ثار حرقة على مدينته التي أصبح غريبا عنها، بينما فتحت على مصرعيها لقطعان المستوطنين.
مشيرا إلى أن المقدسي لا يستطيع أن يبني في القدس، وأنه لا يستطيع ان يعمل،ولا يتجول لا يتعبد، ولا يفرح، ولا يستطيع التعبير عن ذاته، يصارع هويته يوميا أمام فرض هوية الاحتلال.
ولفت إلى أن المقدسي يرى انه صاحب هذه المدينة التي تعني له كل شيئ وقبل كل شيء وفوق كل شيء، فهو يعتز بمقدسيته ويقدمها على اي مسمى اخر.
لذلك انتفض هذا الشباب و يقارعون المحتل بصدورهم العارية وبأصوات حناجرهم بصيحات " الله أكبر " فيصاب المئات ويعتقل العشرات، ولكن عزيمتهم لا تلين، بل يقفون في صفٍ واحد وعلى قلب رجلٍ واحد في الذود عن حمى القدس.
ينشغل الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة بتنظيماته في خوض غمار الانتخابات التشريعية والرئاسية، ولكن شباب القدس لا يضيعون البوصلة الحقيقية في النظر الى القدس والحفاظ عليها، بل يصوت شباب القدس لمشروعه الحقيقي بل عن الأمة الإسلامية والعربية بأن القدس لها هوية واحدة "عربية إسلامية" يصوبون البوصلة صوبها، ويؤكدون أن أرواحهم دون مدينتهم.
إنتفاضة _ رمضان
هو وسم يعتلي صفحات التواصل الإجتماعي وينادي به جميع الفئات، وشباب القدس يضحون هذا الوسم على جبينهم عالياً ويتصدر المشهد أولئك الشبان الذين نراهم صباح مساء عبر شاشات الفضائيات وصفحات الفيس بوك والتويتر وغيرها من منصات التواصل، ونسمع صيحاتهم وهم ينادون بنصرة القدس ووقف التطبيع مع الاحتلال.
رغم التهديد والوعيد صامدون
أكد أحد الشبان المقدسين بأنه مثله مثل باقي شباب القدس الذين تلقو عشرات الاتصالات منذ بداية #إنتفاضة _رمضان من قبل مخابرات الاحتلال، بأن يوقفوا مظاهراتهم وعدم التصعيد والعودة إلى المنازل، ولكن التأكيد من قبل الشبان كان واضحاً ورفضا قاطعا لكل تلك التهديدات.
وأوضح أنه تلقى اتصالاً من ضابط المخابرات الإسرائيلي، وقال بالحرف الواحد " أيها الإرهابيون توقفوا عن أعمالكم فورا أو سنوقفكم بطريقتنا" مادعى الشاب للضحك وإغلاق المكالمة.
المبدعين عن المسجد الأقصى
يأتون الى جواره كل يوم، الى طريق المجاهدين في باب الأسباط، يعلمون أنهم لن يدخلوه لكنهم يتلمسون البركة من حوله، يرابطون على أبوابه، قلوبهم المعلقة في أسواره تأبى الفراق ولا تطيق البعد عنه، المبعدون عن المسجد الأقصى يؤدون صلاة التراويح في كل ليلة في طريق المجاهدين بمنطقة باب الأسباط، يذكروننا بسيرة المصطفى وصحابته الذين كانوا يمنعون من الإقتراب من الكعبة المشرفة ولكنهم يتجهون بروحهم وأعينهم الى القبلة.
الجهاد الإسلامي والقدس
رفعت حركة الجهاد الإسلامي الشعار الشهير منذ انطلاقتها وهو "أن أي بوصلة لا تشير إلى القدس فهي بوصلة مشبوهة" وقال الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي أن "القدس كاشفة العورات".
بل أن كل مواقفها ومبادئها ارتبطت بالقدس وفلسطين، حتى أصبح ميزان العلاقات قائم على القرب والبعد من فلسطين والقدس، وهي التي تطالب ببرنامج وطني قائم المبادئ الثورية التحررية لتحرير القدس وفلسطين.
وتأتي الحركة بنفسها بعيدا عن التناحر الانتخابي، معلنة بسملة واضح أن هذه الانتخابات تجري بسقف أوسلو الذي يقسم القدس الشرقية وغربية، ويعترف بالاحتلال على أرض فلسطين وغربي القدس، بقيت بوصلتها واضحة للجميع بأن عيون ترتوا لمأءن القدس وأن بندقيتا طاهرة لم تلوث في الدم الفلسطيني، وأن هذه البندقية تبصر من خلالها تحرير القدس والمقدسات.
وصرحت الحركة مؤخرا عقب هبة باب العامود، أن المسجد الأقصى خط أحمر والشعب الفلسطيني لن يسمح لقطعان المستوطنين أن يدنسوا الأقصى.