بسام أبو شريف
قد يكون ما أكتبه الآن لدى البعض تكرارا ، لكنهم يخطئون بالتعريف لأن ما أكتبه الآن، هو تذكير هؤلاء خاصة بعض المحللين السياسيين، والكتاب المخضرمين الذين ينسون هذا، فتأتي تحليلاتهم معزولة عن هذا العامل الهام ( وهذا يعني نسبة عالية من الخطأ )، وهو اسرائيل بدورها السابق والراهن، وأطماعها المستقبلية، تأتي التحليلات دون أن تحسب وزن هذا العامل الأكثر تأثيرا في وضع الشرق الأوسط مما يدمر التحليل، ويقود الكتاب الى استخلاصات خاطئة ( وقد تكون نسبية ) .
عندما نكتب عن الوضع في الشرق الأوسط ، ونحلل عوامل الصراع ، والتحالف ، والحرب والسلام لا يمكن أن نصل الى توقعات قريبة من الحقيقة اذا لم نأخذ بعين الاعتبار دور اسرائيل كعامل رئيسي، وليس كعامل ثانوي في التأثير، ومن الطبيعي أن نضيف هنا أن هذا العامل يزداد ثقلا، وأهمية في حال تطابق، واتفاق أهداف اسرائيل مع أهداف الولايات المتحدة ومن الطبيعي أن نضيف أنه في حال تعارض موقف اسرائيل مع موقف البيت الأبيض، فان الحسم لصالح البيت الأبيض ليس أكيدا مئة بالمئة، فإسرائيل لديها تاريخ في هذا التحالف مع الولايات المتحدة استخدمت فيه تل ابيب في لحظات التعارض وسائل شتى ( من بينها الارهاب الدموي )، لعرقلة توجهات الولايات المتحدة (ابتداء من قتل جون كيندي وصولا الى نهج التهديد بضرب مفاعلات ايران النووية أمس)، نعي جميعا أن الجميع يجمع على ترابط الصراعات في منطقتنا، وانها تبلورت في ظل ترامب الى معسكرين : معسكر تقوده اسرائيل ويضم دولا مطبعة، ومتحالفة عسكريا مع تل ابيب، ومعسكر المقاومة الذي يرفض استراتيجية ترامب، وصفقة القرن، والتطبيع، ويقاتل لدحر المخططات هذه، وأصحابها لذلك عندما نتناول الوضع في سوريا، ونحلل ترابط وتعارض مصالح الدول الذي يجري على الأرض السورية، نخطئ اذا لم نعط تأثير العامل الاسرائيلي وزنه الحقيقي، وألا نغيبه لأن تغييبه يقود المحلل والكاتب الى الخطأ ” ولو نسبيا”، كذلك الأمر اذا كتبنا حول ما يدور على أرض اليمن ، والعراق، واثيوبيا، والسودان ، وارتيريا، وليبيا – ناهيك عن لبنان وفلسطين حيث يكتسب العامل الاسرائيلي ثقلا رئيسيا :
وموضوع ايران بالنسبة لإسرائيل، هو عقبة في وجه وطريق مخططاتها ، وليس كما تدعي خطرا وجوديا عليها ، فايران عقبة في وجه الهيمنة الاسرائيلية على الشرق الأوسط سواء جاء ذلك بإخضاع الدول الغنية والضعيفة تحت يافطة التحالف، أو بالغزو، والقوة والارهاب والجميع يتحدث عن ادارة بايدن، والوجه الجديد الذي تحاول أن تظهر نفسها به في الشرق الأوسط بثوب جديد .
اذا دققنا ، وأمعنا النظر في استراتيجية بايدن نرى : –
1- التزام كامل بدعم اسرائيل وحمايتها ، وظهر ذلك في كلام وزير الخارجية ، ونائبة بايدن .
2- الموقف من القدس .
3- رفض قرار المحكمة الجنائية .
4- عدم ادانة الاستيطان .
5- عدم ادانة سحق حقوق الانسان .
6- تبادل الوفود السرية رغم الجفاء المؤقت المعلن .
بايدن هو من أشد الاميركيين دعما لإسرائيل لذلك من هنا نبدأ .
عندما يفكر بايدن بحل دبلوماسي لأي من صراعات الشرق الأوسط يبدأ من ” مصلحة واشنطن وتل ابيب ”، وليس واشنطن فقط، أي خطأ في الحسابات والتحليلات في هذه النقطة يجر نفسه بزاوية متعرجة على التوقعات، فيصب الكاتب في بحر الخروج عن الاستخلاص المنطقي، واذا اعتبرنا أن كل الشرق الأوسط، وأزماته، وصراعاته ”على أهميتها ” ، هي جزء بسيط ”أو هام ” ، من الصراع بين القوى العظمى ، فالشرق الأوسط ملف من الملفات العالقة بين موسكو ، وواشنطن ، وهذه العلاقة بين القوتين ، هي العامل الوحيد الذي يمكن أن يحيد في العلن الدور الاسرائيلي ( ولن يوقف نشاطها السري ) ، ومعسكر المقاومة ، الذي يزداد قوة يوما بعد يوم لا يجد من موسكو التوجه، والفعالية في دعمه ، ودعم أهدافه بشكل قوي ( حتما هو أقل بكثير من دعم واشنطن لإسرائيل )، والسبب يعود أولا للتوافق الروسي الاميركي العام ، والسبب الثاني دور طبقة مليارديرية يهود روسيا الذين اخترعوا ” المعارض الجاسوس” للضغط على بوتين ، ويسبب هذا الموقف سببا لخلافات ” في كثير من الأحيان ”، في الكرملين خاصة بين الجيش الذي كلف بالانتشار في سوريا ، وبين سياسيين يتأثرون بموقف المليارديرية اليهود الروس، لكن هذا العامل على أهميته ، وأهمية دوره ليس هو العامل المقرر انما العلاقة والتوافق بين روسيا ، والولايات المتحدة هو العامل الأقوى تأثيرا ، وهذا العامل يمكن التأثير فيه ان حكمت قوى المقاومة عقلها ، وخططت لذلك .