يقول الشاعر الفلسطيني توفيق زياد
أهون ألف مره
أن تدخلوا الفيل، بثقب إبرة
وأن تصيدوا السمك المشوي
في المجرة
أهون ألف مره
أن تطفئوا الشمس، وأن
تحبسوا الرياح
أن تشربوا البحر، وان
تنطقوا التمساح
أهون ألف مره
من أن تموتوا، باضطهادكم
وميض فكرة
وتحرفونا، عن طريقنا الذي اخترناه
قيد شعرة
تعبر هذه الكلمات من الشعر الحر على إصرار موقف الفلسطيني الذي يسلك طريقا يختاره يصبو به الحرية والتحرر، متحديا الواقع والمستحيل بميض الفكر الذي يتبناه، كأن
الأسيران بسام وبلال تلقفوا هذا الشعر ليتحدوا بأمعائهم الخاوية كيان الاحتلال العابر، مصران على طريقهما صوب فلسطين والحرية.
يقولان:متواصلان نحن بإضرابنا المفتوح عن الطعام، نسمع العالم طقطقة أمعائنا الخاوية، هذه الخطوة الفدائية الوحيدة التي نمتلكها دفاعا عن حريتنا وكي نكسر قرارات وسياسات الاحتلال الظالمة.
مستمران بجوعنا حتى الحرية، بمعنويات تناطح السحاب، وبإرادة صلبة تزلزل الكيان، كالوتد متمسكان بالتحرر من قبضة السجان.
يُواصل الأسيران الشقيقان بلال وبسام نبيل سعيد ذياب من بلدة كفرراعي بمحافظة جنين إضرابهما المفتوح عن الطعام؛ رفضاً لاعتقالهم، دون توجيه أي تهمة لهم.
لن تحبسوا الرياح فإن هبت كانت عاصفة تذر العابرين وتطفئ شمسهم، فبلال مؤذنا يطرق مسامع الناس عن حق وحرية، وبسام تهمس شفتاه فرحا "سنشد عضدك بأخيك".
من هما الأخوين بسام وبلال ذياب
بسام وبلال نبيل سعيد ذياب، ولد بسام بتاريخ 9/سبتمبر/1983، وولد بلال 4/2/1985، عاشا يتيمان الأب بعد أن توفى والدهما في صغرهما قبل أن تنموا نعومة أظافرهم، توفيت والدتهما قبل 5 سنوات أي عام 2016.
ترعرع بسام بلال في بيت متواضع بالحارة الشمالية لبلدة كفرراعي، بين 8 إخوة وأختين ووالدتهم التي عكفت على تربيتهم حتى صارا شابين يتحملان المسؤولية.
يذكر أن عزام ذياب، شقيق بسام وبلال، معتقل منذ عام 2001 بحكم المؤبد، بتهمة الانتماء لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، والمشاركة في عمليات أدت لمقتل عدد من جنود الاحتلال، ولقاء ذلك أصدرت محاكم الاحتلال بحقه حكماً بالسجن المؤبد مدى الحياة.
تفتحت أعين بسام وبلال مع تفجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حتى انخرطا فيها الأثنين، مقاومان للاقتحامات التي كانت تتعرض لها بلدة كفرراعي ومدينة جنين، وزاد ذلك بعد أقدمت قوات الاحتلال اعتقال شقيقهم عزام وحكمه بالمؤبد.
حياتهم العلمية
أنهى الأسيرين بسام وبلال ذياب دراسة الثانوية العامة داخل سجون الاحتلال، إلا أنهم كانا غير قادرين على اكمال مسيرة تعليمهم الجامعية بسبب اعتقالاتهم المتكررة.
وأشارت أم مجاهد، زوجة الأسير المضرب بسام ذياب، أن كلما انخرط أحدهما بالعمل أو بإنشاء مصالح تخصهم، جاء الاحتلال وقام بتدميرها واعتقالهم، لافتة أن قبل اعتقالهم الأخير كان يعمل بسام في توزيع الأجبان، أما بلال لديه مغسلة سيارات يعمل بها، وباعتقالهم تأثرت مصالحهم وعملهم.
وأضافت أم مجاهد، أن بسام وبلال معروفان ببلدتهما ومحافظتهم، كونهما لا يتركون واجبا إلا وقاموا بتأديته في شتى الأصعدة، وهم غنيين عن التعريف، فأفعالهم وعملهم تسبق أسمائهم.
حياتهم في السجون
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بسام وبلال ذياب أكثر من 10 سنوات متفرقة لكل واحد منهما، وتنقلا في جميع سجون الاحتلال، من أقصى الجنوب "النقب إلى أقصى الشمال جلبوع".
وقالت أم مجاهد، أن بلال يعتبر أحد مفجري معركة الأمعاء الخاوية، ويعد هذا الأضراب الثالث له، ففي عام 2012 كان إضرابه الأول الذي استمر 74 يوما، وفي عام 2017 أضرب مدة أسبوعين، وهذا الإضراب الثالث المستمر على التوالي.
وأشارت إلى هذا الأضراب الأول لزوجها أبو مجاهد بسام ذياب، لافتة أنه كان خير سند لأخيه بلال أثناء إضراباته السابقة، إذ قاد كافة الفعاليات الداعمة لبلال.
وحول خبر إضرابها الذي وصل العائلة، بينت أم مجاهد "لم أتفاجأ أبدا ك زوجة بسام، اذ لم يمضي سوى شهرين على تحرر والدي ماهر الأخرس من السجون وانتصاره بالإضراب، معنوياتنا لا زالت تناطح السحاب، وصابرين صامدين داعمين لهم أبد".
وأردفت، أن رسالة العائلة للمؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى، وكذلك الفصائل و ومؤسسات السلطة، أن كلٌ يعرف مسؤولياته وواجبه، ونأمل بأن لا يطول الأمر ويكون التدخل فوري وعاجل دون انتظار تدهور صحي، وأن لا يتكرر ما حصل مع والدي ماهر من تأخر في التدخل حتى التدهور الكبير على وضعه الصحي.
وأشارت إلى أن لا يكون التدخل لتبني انتصار وما شابه، بل من منبع الاهتمام بالأسرى وجعل قضيتهم هي الأولى والأهم.
ولفتت أن بلال يعاني من ضعف المناعة وحساسية الجيوب، وأن كلاهما أيضا يعاني من تلبك معوي يشتد أحياناً نتيجة لأكل السجون في المراحل السابقة.
اعتقلت قوات الاحتلال "الاسرائيلي" فجر التاسع عشر من يناير، الأسيرين الشقيقين بسام وبلال ذياب من منزلهم.
وأوضحت أم مجاهد، أن في الساعة الثانية فجراً ونحن في بيوتنا آمنين، استيقظنا على تفجير الأبواب واقتحام ما يزيد عن ٣٠ جنديا للمنزل، وبدأوا بالتهديد والتفتيش وتخريب المنزل، وكذلك تفتيشنا شخصياً، ومكثوا ما يقارب ساعة ونصف، لم يتركوا قطعة في المنزل مكانها.
وأشارت إلى أنهم انسحبوا بعد أن اعتقلوا بسام وبلال، ومصادرة الأجهزة الخلوية وأجهزة الحاسوب وأوراق خاصة بالعائلة.
ربما سيكون أسهل على بسام وبلال، خوض هذا الإضراب، وهم مستمدان عزيمتهما من بعضهما البعض، قارئان آية 35 من سورة القصص "قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَٰنًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَٰلِبُونَ" كأن الله نادهما هذه المرة بأن يكونا معا يواسيان بعضهما، بأن ساعة النصر قريبة، فوعد الله حق أنهم الغالبون، فمن سلك طريق الحرية والتحرر ومؤمن بإرادة الله المستحيلة الأتية في لحظة ذروة وصول الباطل قمته، يصل إلى الحرية.