Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

الفريق قاسم سليماني.. شهيد القدس

قناة فلسطين اليوم - فلسطين المحتلة

كتب: محمد حميد "أبو الحسن"

تحلّ علينا في هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لرحيل الفريق قاسم سليماني، قائد قوة القدس في حرس الثورة الإيراني والذي استشهد برفقة الحاج أبو مهدي المهندس، خلال زيارةٍ إلى العاصمة العراقية بغداد بعد استهداف طائرات الاحتلال الأميركية للسيارة التي كانا يستقلانها.  

لقد عمل الشهيد سليماني في الملف الفلسطيني وملفاتٍ أخرى لسنواتٍ طويلة، وكانت له إنجازاتٌ هائلة في تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية على المستويين الاستراتيجي والميداني. يروي المجاهدون الذين ابتعثوا إلى الجمهورية الإسلامية بداية الألفية الثانية ومطلع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى)، الجهد الذي بذله مدربو قوة القدس في حرس الثورة من أجل متابعة المقاومة الفلسطينية وتطوير قدراتها.

في ذلك الوقت، كان تصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة يعتمد على وسائل بدائيةٍ، وكان ابتكار الصواريخ أقرب إلى المبادرات الفردية الشخصية اعتمدت في بعض المحطات، على خبراتٍ عسكريةٍ وعلميةٍ قديمة، ربما يكون قد جاوزها قطار الزمن.

يروي المجاهدون أن المدربين من قوة القدس كانوا يجتهدون في إحضار المواد البدائية، ويتابعون مع المجاهدين الطريقة التي يعملون بها في فلسطين، ويحاولون محاكاة الظروف وتحسين الواقع الخاص بعمليات تطوير التجارب الصاروخية. ومن ثمّ عملوا على تحسين المواد المستخدمة في التصنيع، لتكون أكثر دقةً في التصويب والرمي، وأكبر قدرةً في الوصول إلى أهدافها. كل ذلك كان سبباً في امتلاك المقاومة الفلسطينية لاحقاً قدراتٍ صاروخية أكبر مدىً وأكثر فاعلية. وأصبحت بذلك جزءاً من الاستراتيجية الدفاعية للشعب الفلسطيني، وامتلكت القدرة على ردع العدو الصهيوني الذي يستبيح التراب ويرتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني ويستبيح مقدّراته. 

لقد كان الشهيد القائد قاسم سليماني مشرفاً على جميع جهود قوة القدس، من ناحية التدريب وتطوير قدرات المقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى إشرافه المباشر على عمليات نقل الأسلحة وتهريبها إلى قطاع غزة المحاصرة حصاراً مطبقاً، من خلال عمليةٍ معقدةٍ ومتعدّدة الأقطار.

شهدت الساحة الفلسطينية من بعدها إطلاق صواريخ الكاتيوشا وصواريخ فجر الإيرانية، وغيرها من الأسلحة النوعيّة مثل الكورنيت ومضادات الطيران، وأصبحت ترسانة المقاومة الفلسطينية زاخرةً بالأسلحة المحلية والدولية. فمن يأتي على ذكر تطوّر قدرات المقاومة الفلسطينية، يستذكر الشهيد قاسم وجميع المخلصين والصادقين في فيلق القدس، والقيادة السياسية للجمهورية الإسلامية في إيران التي وجّهت بوصلتها نحو المقاومة في فلسطين.

لقد التقيت الشهيد قاسم سليماني قبل استشهاده بعام، فلم ألمس منه سوى التواضع واليسر، رغم أنه كان من أهم القيادات السياسية والعسكرية في إيران. اتّسم بتواضعه وليونته وتفهّمه للآخرين، وكان ذا حضورٍ طاغٍ في الساحة الفلسطينية. لقد كان يكثر سؤاله واطمئنانه عن المقاومة الفلسطينية ويسأل عن احتياجاتها، ويحرص على تلبيتها، فضلاً عن قدرته على الاستماع إلى المجاهدين الذين يتحدثون عن تجاربهم في المقاومة ونقاط القوة والضعف لديهم.

ومما لاحظته، تركيزه الشديد على مسألتين هامتين في تطوير قدرات المقاومة الفلسطينية، أولاهما متمثلةٌ في سعيه إلى نقل تجربة الصواريخ الذكية، التي تكاد لا تخطئ أهدافها، إلى المجاهدين في فلسطين، وثانيهما متمثلةٌ في إدخال تقنية الطائرات المسيّرة في خدمة العمل الجهادي للمقاومة في فلسطين.

وكلاهما أمورٌ هامةٌ في سياق تحسين قدرات المجاهدين في أرض الميدان، وهو ما يمكن أن يمثل مفاجأة صادمة للعدو الصهيوني. لقد تمكّنت المقاومة الفلسطينية من حصد ثمار اجتهاد الشهيد من خلال إحداث المفاجآت عند أي عدوانٍ صهيونيٍّ قادم، فالعدو الصهيوني بات يعلم أنّ أيّ مواجهةٍ مع غزة في هذه الأوقات، وبهذه العزيمة، لن تكون نزهةً.

إنّ المقاومة قادرةٌ الآن على ردّ العدوان والتصدّي له وإلحاق ضرباتٍ قاسية بصفوف قوات الاحتلال المتكبّرة والمتغطرسة، ولن ينفع الاحتلال تحالفه مع قوى الشر الأجنبية أو العربية مهما كانت قوة المال والسلاح ومهما بلغت درجة الانحياز الأعمى لهذا العدو الغاصب.

في الختام، إن الشهيد اللواء قاسم سليماني قدّم الكثير لفلسطين من دعمٍ معنويٍّ وماديٍّ وتدريبي، وكرّس حياته للقدس وفلسطين، وكان في مقدمة انشغالاته تطوير قدرات المقاومة والمقاومين. وفي ذكرى استشهاده السنوية، نتقدّم بالتحيّة إلى كلّ أولئك الصادقين المخلصين الذين عاشوا واستشهدوا من أجل الله تعالى، واضعين نصب أعينهم تحرير المسجد الأقصى وفلسطين.

وكلّ الشّكر والتقدير للجمهورية الإسلامية في إيران على مواقفها الثابتة والداعمة للقضية الفلسطينية وللمجاهدين، ودعمها عوائل الشهداء والأسرى والجرحى، والتحيّة أيضاً لكل المدافعين عن فلسطين والمساندين لأهلها.