توافق اليوم الذكرى السنوية الـ 16 لاستشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "أبو عمار"، الذي توفي في العاصمة الفرنسية باريس متأثرًا بمرض غامض ألم به بشكل مفاجئ.
ويحيي الفلسطينيون، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ذكرى رحيل "عرفات"، عبر فعاليات رسمية وشعبية، لكن هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، بسبب انتشار فيروس "كورونا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث ستقتصر على التجمع عند ضريح عرفات وإضاءة الشموع، ومعارض صور، وبعض الزيارات والمسيرات المحدودة في المحافظات، مع مراعاة إجراءات الوقاية الصحية.
الرئيس الراحل "أبو عمار" ولد في القدس في الـرابع من آب عام 1929، واسمه بالكامل "محمد ياسر" عبد الرؤوف داود سليمان عرفات القدوة الحسيني، وتلقى تعليمه في القاهرة، وشارك بصفته ضابط احتياط في الجيش المصري في التصدي للعدوان الثلاثي على مصر في 1956.
ودرس الراحل عرفات في كلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة، وشارك منذ صباه في بعث الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال نشاطه في صفوف اتحاد طلبة فلسطين، الذي تسلم زمام رئاسته لاحقاً.
كما شارك مع مجموعة من الوطنيين الفلسطينيين في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في الخمسينات، وأصبح ناطقًا رسميًا باسمها عام 1968، وانتخب رئيسًا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في شباط 1969، بعد أن شغل المنصب قبل ذلك أحمد الشقيري ويحيى حمودة.
ومطلع تسعينيات القرن الماضي، انخرطت "إسرائيل" ومنظمة التحرير في مفاوضات سرية، أسفرت عام 1993 عن الإعلان عن اتفاقيات أوسلو للسلام.
وكان عرفات وافق في على اتفاقية أوسلو، وعاد في 1 يوليو/تموز 1994، إلى فلسطين المحتلة رئيسًا للسلطة الفلسطينية في أجزاء من الضفة وغزة،والتزم آنذاك بإيقاف الأعمال المسلحة ضد الاحتلال،عقب الاتفاق.
وفي العام 1994 حصل عرفات على جائزة نوبل للسلام بالاشتراك مع رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق إسحق رابين ووزير خارجيته شمعون بيريز.
ونقل عرفات القضية الفلسطينية إلى الساحة الدولية عام 1974 بخطابه الشهير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
قال آنذاك عبارته الشهيرة: "البندقية في يدي وغصن الزيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي".
حمل أبو عمار اسم فلسطين إلى كل زوايا العالم، وباتت الكوفية الفلسطينية رمزاً للثورة ولحركات التحرر، واستطاع حشد الدعم من شعوب عديدة فى مختلف أنحاء العالم.
محطة "أوسلو" كانت من المحطات التى أحدثت شرخاً فى الساحة الفلسطينية، وشوشت على صورة المناضل التي جسدها أبو عمار، لكنه عاد وختم حياته بما ينسجمُ مع بداياته الثورية.
توفي عرفات عام 2004، عن عمر ناهز 75 عاما، في مستشفى "كلامار" العسكري ، حيث نقل جثمانه من باريس إلى القاهرة ثم إلى رام الله، ودفن في مقر المقاطعة في تشييع شعبي مهيب بعد رفض "إسرائيلي" لدفنه في القدس المحتلة.
وجاءت الوفاة إثر تدهور سريع في صحته، في ظل حصاره، لعدة أشهر، من جانب الجيش "الإسرائيلي" في مقر الرئاسة (المقاطعة) بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية.
وأعلن رئيس لجنة التحقيق بوفاة عرفات توفيق الطيراوي، في أكثر من مناسبة، أن "بينات وقرائن تشير إلى أن إسرائيل تقف خلف اغتيال عرفات".
ورغم مرور 14 عاما على الوفاة، لم تتوصل السلطة الفلسطينية حتى الآن إلى أداة تنفيذ عملية الاغتيال.
في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، أخذ خبراء روس وفرنسيون وسويسريون عينات من جثمان عرفات، بعد فتح ضريحه في رام الله، لفحص سبب الوفاة.
معهد "لوزان السويسري" للتحاليل الإشعاعية كشف في تحقيق بثته قناة "الجزيرة" القطرية وجود بولونيوم مشع في رفات عرفات، وسط تقديرات بأنه مات مسموما بهذه المادة.
رحل عرفات وترك إرثا نضاليًا ومنجزات وطنية ما زالت قائمة تنهل منها الأجيال لمواصلة الكفاح من أجل التحرر وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف.
.