أكد الباحث والأكاديمي الفلسطيني د. سامي العريان، أنه لن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية من خلال الاعتراف بالكيان الإسرائيلي أو من خلال التطبيع العربي معه، لأن المشروع الصهيوني يسعى للهيمنة على كل المنطقة وليس احتلال فلسطين فقط.
وقال العريان خلال "لقاء خاص" عبر "قناة فلسطين اليوم"، إن الشعب الفلسطيني يعتبر اليوم بمثابة رأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيوني، مشدداً أنه بدون انتفاضة شعبية عارمة ومقاومة شديدة لن تعترف "إسرائيل" بالحقوق الفلسطينية، بينما إعادة تلك الحقوق وفق "العريان" تأتي من خلال استمرار الاشتباك مع الحركة الصهيونية في كافة المجالات وعلى كافة المستويات.
وعبر "العريان" عن أسفه لاستمرار دوائر المؤسسات الفلسطينية الرسمية (السلطة)، بالرهان على الإدارة الأمريكية في استعادة الحقوق الفلسطينية التي سلبها الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن تفكيك المشروع الصهيوني يأتي من خلال دعم صمود الشعب الفلسطيني.
وفيما يتعلق بآفاق المفاوضات مع الاحتلال ومسار "حل الدولتين"، أكد د. العريان، أن السلطة الفلسطينية أمام لحظة حقيقة كي تعترف بفشل وهزيمة مسار التسوية، التي تقوده (في إشارة لاتفاق أوسلو)، وبالتالي هي أمام خيارين، إما التنحي تماماً عن المشهد، أو أن تبقى تراهن على هذا النهج".
واعتبر العريان أن "مراهنة السلطة الفلسطينية على خيار "حل الدولتين" حتى الآن يدل على أنها لا تمتلك أي أورق قوة أخرى، داعياً السلطة للاعتراف أمام الشعب الفلسطيني بفشل هذا الخيار، وأن تذهب لمسار وطرق جديدة لإدارة الصراع والمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي".
وبشأن تعويل السلطة الفلسطينية على التغييرات التي يمكن أن تحدثها نتائج الانتخابات الأمريكية حال نجح المرشح الديمقراطي "جو بايدن"، وإمكانية أن يضغط على "إسرائيل" لاحترام حقوق الشعب الفلسطيني، اعتبر د. "العريان"، أن تقديم الدعم لــ "إسرائيل" وإعطاءها كل أسباب القوة والبقاء، هو قضية ذات إجماع واسع داخل الولايات المتحدة الأمريكية، سواء كان المرشح من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، وذلك لما تمثله "إسرائيل" من قيمة استراتيجية لأمريكا في المنطقة، عدا عن تأثيرها الكبير في صنع القرار داخل الولايات المتحدة.
وعن إمكانية نجاح الرئيس الحالي للولايات المتحدة "دونالد ترامب" في الانتخابات الأمريكية وتوليه فترة رئاسية ثانية أكد العريان أن هذا سيكون بمثابة صدمة جديدة للسلطة الفلسطينية التي تراهن على التغيير الذي يمكن أن تحدثه الانتخابات الجارية وصعود إدارة جديدة يمكن ان تغير المسار الحالي الذي يقوده ترامب، مبيناً أن نجاح "بايدن" في قيادة الولايات المتحدة سيكون له تأثير على السلطة وسيضعها تحت ضغوط شديدة".
واوضح "العريان" أن نجاح "ترامب" سيكون له تأثير كبير أيضاً، وسيضع السلطة أمام خيارات صعبة متوقعاً أن يعطيها عدة أشهر للموافقة على رؤية أمريكا للمنطقة، وعلى السلطة أن تختار إما أن تتماشى وتتماهى وتتعامل مع مشروع "صفقة القرن" كحقيقة واقعة، وإما أن تتجه واشنطن لعدة سيناريوهات آخرى جميعها ستصب في المصلحة الإسرائيلية، وتتجاوز بذلك دور ووظيفة السلطة".
وفي معرض حديثه أشار العريان للملف الداخلي الفلسطيني وحالة الانقسام المستمرة، وقال إن "جهود المصالحة الفلسطينية الجارية تؤكد أنها خطوات لا تعدو كونها تكتيكية أكثر منها خياراً استراتيجياً، لافتاً إلى أن السلطة الفلسطينية تستخدم المصالحة كخطط تكتيكية تناور من خلالها، فكلما تباطأت أمريكا في تنفيذ وعودها تقترب السلطة من المصالحة الداخلية، وكلما وعدت أمريكا السلطة بالعودة للمفاوضات ابتعدت السلطة عن المصالحة، وراهنت على خياراتها السابقة.
وفي ملف التطبيع العربي المتواتر مع "إسرائيل" أوضح الباحث الفلسطيني أن "الإدارة الأمريكية تريد لعدد أكبر من الدول العربية الانخراط في التطبيع مع الكيان الصهيوني بهدف تحشيد تحالف لمواجهة ما يسموه بـ "العدو" الرئيسي في المنطقة والمتمثل بـ "إيران"، بالإضافة إلي تركيا.
وتوقع العريان أن تزداد وتيرة تطبيع الأنظمة العربية مع "إسرائيل" بشكل أكبر في ظل إدارة ترامب حال نجح الأخير بالانتخابات الأمريكية 2020، لافتاً أن المسار التطبيعي الجديد سيضع الشعب الفلسطيني أمام واقع إما القبول بــ "صفقة القرن" وإما أن يكون معزولا تماماً عن محيطه العربي والإسلامي".
واستبعد العريان خلال حديثه فوز "دونالد ترامب" في الانتخابات، مؤكداً في الوقت ذاته أن ترقب العالم واهتمامه بالانتخابات الأمريكية يأتي من كون الولايات المتحدة القوة الأهم في العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
وأوضح أن هذا الاهتمام بما سينتج عن الانتخابات ينبع من الانتشار الواسع لقواعد أمريكا العسكرية في العالم، والهيمنة التي تقودها عبر تحكمها في الاقتصاد العالمي، إلى جانب أنها المتحكم الأول في المخزون الاحتياطي لدول العالم وهذا يعطي واشنطن أهمية كبرى.
واعتبر المحلل السياسي في الوقت ذاته أن الأمريكيين هم الأكثر حاجة للاستقرار الداخلي والخارجي، وهذا يمكنهم من مواصلة الهيمنة والسيطرة على المنطقة وعدم السماح لآخرين بمنافستهم؛ لكن هذا الاستقرار بحسب "العريان" يستدعي ألا يكون هناك قضايا لم تحسم بعد، في المنطقة والتي على راسها القضية الفلسطينية".
وقال د. "العريان" في ختام حديثه إن إنشاء "إسرائيل" في المنطقة العربية وتوفير المناخ لإقامتها منذ العام 1948، على أرض فلسطين التاريخية، كان بهدف شق العالم العربي والإسلامي، ومنع إقامة أي تحالف قوي ضد الغرب، لذلك تُعطى "إسرائيل" مصادر قوة سواء ماليا أو عسكريا باعتبارها ترسانة عسكرية لأمريكا، وتحرص الولايات المتحدة أن يكون لإسرائيل الكلمة الأولى والهيمنة في المنطقة".
وأضاف الكاتب الفلسطيني "سامي العريان" أن "اللوبي الصهيوني يدرك منذ نشأة كيان الاحتلال في فلسطين أنه لا بد أن يرتبط هذا الكيان بمراكز القوى في العالم بداية من بريطانيا، وصولاً للولايات الأمريكية باعتبارها الداعم الأول لها في هذا الوقت، مستدركاً؛ "إسرائيل" تستمد قوتها أيضاً من خلال وجود جالية يهودية نشطة في أمريكا ووجود حركات صهيونية مسيحية إنجيلية ترى أهمية تقوية وجود الكيان الصهيوني كي يبقى القوة الكبرى في المنطقة.