د. محمد مشتهى
الموقف العربي بشكل عام، الرهان عليه مثل ما نريد تماما لن يأتي لا اليوم ولا غدا، لأنه اصلا ما كان موجود هذا الموقف العربي الذي نريده لا اليوم ولا سابقا "على الأقل في العشرين سنة الاخيرة"، النظام العربي لا يُراهن عليه، المراهنة على تقوية الداخل الفلسطيني والرهان على تحالفات مع دول تستحق التحالف معها، التحالف مطلوب يكون مع قوى حيَّة وقُوى صديقة وقوى داعمة.
يعني مثلا: في البحرين فجأة صار معظم الفلسطينيين يتحدثون عن موقف جمعية الوفاق البحرينية الرافض للتطبيع ويبثون مشاهد المظاهرات التي تنظمها الجمعية وينقلون التصريحات المؤيدة والداعمة للقضية الفلسطينية، السؤال: أين كان الموقف الفلسطيني عندما كان أمين عام جمعية الوفاق البحرينية في السِّجن وأعضاء الجمعية مطاردون وقد داسهم النظام البحريني في الميادين وهم يتظاهرون سلميا وعلى الهواء مباشرة؟ هل تكلم الفلسطيني عنهم شيئاً؟، والآن الفلسطيني وقت الشدائد وجد هؤلاء هم الذين يقفون معه ويساندوه.
نحن كفلسطينيين لدينا مشكلة في فرز الأصدقاء، الحوثيين في اليمن أيضا، فجأة الفلسطيني يكتشف أنهم معه، ويتحدث عن تأييدهم للقضية الفلسطينية في الوقت الذي كان بعض الفلسطينيين ينافق السعودية ويقف مع ما يسمى بالشرعية اليمنية ضد الحوثيين، تلك هي القوى الحيَّة التي يُراهن عليها، فالاكتشافات الفُجائية التي عادة ما تأتي بعد فوات الأوان لا تنفع ولا تؤسس لحلفاء حقيقيين، المطلوب هو بناء الجسور مع الناس المهمِّين والداعمين والأصدقاء الحقيقيين، مطلوب مد جسور حقيقية وليست منافِقة، يعني تخيلوا فجأة الفلسطيني لم يجد أحد يسانده في البحرين سوى جمعية الوفاق البحرينية، والمفارقة أنه ليس هناك جسور حقيقية صادقة مبنية بين الفلسطيني وبين تلك الجمعية!!!! بالتأكيد هذا يؤشر الى مشكلة حقيقية.
بقي الكثير من الفلسطينيين يهاجم الشّيعة لسنوات طوال، فجأة وجد الفلسطيني أولئك الشيعة هم الذين يقفون ضد بعض الأنظمة السنية "المحترمة" التي تتاجر بالقضية الفلسطينية!!!
بعض الفلسطينيين أيدوا المعارضة السُّورية، وفجأة إكتشف هؤلاء أن المعارضة السورية قد باعت نفسها ل "اسرائيل" وتصريحاتها مؤيدة للكيان الصهيوني، إذن أين أنت تقف أيها الفلسطيني؟ ما هي خياراتك؟ أنت أيها الفلسطيني تقول: بأن امكانياتنا لا تستطيع أن تحرر فلسطين، إذن أين تحالفاتك؟
الفلسطيني تحالف مع النظام العربي الرسمي الذي أول ما فعله هذا النظام هو التخلي عن القضية الفلسطينية ووقت الشدائد لم يجد الفلسطيني تلك الأنظمة إلا وقد سقطت في أحضان العدو الصهيوني، ماذا استفاد الفلسطيني من تلك التحالفات طيلة السنوات الماضية؟
إذن الفلسطيني فشل في التحالف مع النظام العربي الرسمي وأيضا فشل في بناء تحالف قوي مع قوى وطنية تحررية عربية أو حتى غير عربية.
ليس مطلوب من الفلسطيني أن يسعى لإيجاد نظام عربي مؤيد بنسبة 100% لكافة حقوق الشعب الفلسطيني (على أهمية ذلك)، لكن على الأقل أن يعمل على إيجاد انظمة عربية لا تتآمر على الحق الفلسطيني وهذا هو الحد الأدنى، فهل وصلنا الى الحد الادنى؟!!!!
الخيارات الفلسطينية في مسألة التحالفات وبناء الصداقات ليست كما يجب ومطلوب إعادة التقييم لها والشجاعة في تطويرها بما يحقق هدف التخلص من الاحتلال وتحرير الأرض.