عامر خليل
غداً تحسم الأحزاب الإسرائيلية قوائمها الانتخابية التي ستتنافس في انتخابات الكنيست في التاسع من شهر نيسان القادم ولا يستبعد ان تشهد هذه القوائم مفاجآت من قبيل تحالفات وقوائم مشتركة في مركز او يمين او يسار الخارطة الحزبية ويدلل على ذلك ازدياد الحراك في المشهد الإسرائيلي لاستجلاب وجوه جديدة في القوائم الحزبية وتتكثف الاتصالات فيما بينها للخروج بصيغ تسمح بتوحدها فيما تتبدى المواقف اكثر تطرفا ضد الفلسطينيين لكسب أصوات الجمهور الإسرائيلي المنحاز باستمرار الى اليمين.
حزب الليكود يواجه لأول مرة منذ تولي نتنياهو رئاسة الوزراء قبل عشرة اعوام تهديدا ملموسا بفقدانه هذا المنصب رغم تقدمه في استطلاعات الرأي في حال تشكيل ائتلاف لبعض احزاب الوسط خاصة حزبي غانتس ولبيد وهو يجتهد في محاولته تشويه الاحزاب المنافسة رغم انها تتوافق معه سياسيا وامنيا وبشكل خاص الموضوع الفلسطيني ففي آخر هجماته اصدر شريطا يتهم فيه غانتس بالمؤامرة مع الرئيس السابق باراك اوباما للانسحاب من معظم الضفة المحتلة واقامة دولة فلسطينية في حين ان غانتس كلف كرئيس للاركان من قبل نتنياهو بإقامة فريق عمل مع جنرال امريكي على خطة أمنية ترافق أي اتفاق سياسي مع الفلسطينيين.
معضلة أخرى يواجهها نتنياهو تتعلق بأحزاب اليمين الصغيرة البيت اليهودي والقوة اليهودية وحزب ايلي شاي المنشق عن شاس اذ لا تحصل أي منها على نسبة الحسم اللازمة لدخول الكنيست ما يعني ضياع مقاعد لكتلة اليمين تؤدي إلى عدم حصولها على الغالبية المطلوبة لتشكيل الحكومة وهي 61 مقعدا الأمر الذي دفعه الى تكثيف اتصالاته مع حاخامات اليمين الصهيوني للدفع في هذا الاتجاه بعدما فشلت اللقاءات بين قادة هذه الاحزاب في الاتفاق على تشكيل قائمة موحدة بسبب الخلاف على توزيع المقاعد فيها.
احزاب الوسط خاصة حزب حصانة اسرائيل ويوجد مستقبل فشلت حتى الآن في تشكيل قائمة موحدة تشير استطلاعات الرأي الى تفوقها على حزب الليكود لكن ذلك لا يعني اقفال الباب فالوقت متاح حتى نهاية يوم الخميس ويمكن ان تحدث تطورات في تجاه ائتلاف مشترك بين غانتس ولبيد ودون ذلك فان فرص أي منهما ستكون شبه متلاشية في منافسة نتنياهو على تشكيل الحكومة القادمة وهو ما سيكون السبب الرئيس إذا ما أعلن الاتحاد بينهما في آخر لحظة يوم غد، فيما نجح غانتس في ضم ارولي ليفي التي شكلت حزب غيشر لتتنافس في الانتخابات القادمة الى قائمته مع وعد بحصولها على حقيبة اجتماعية اذا ما شكل الحكومة بعد انتهاء الانتخابات وغير واضح مدى تأثير هذا الانضمام على عدد المقاعد التي سيحصل عليها حزب غانتس لكنه سيعزز فرصه بالفوز بمقاعد اكبر وربما يساهم في تسريع التوحد مع لبيد ما يحدث تحولا مهما في خارطة الاحزاب الاسرائيلية ويضاف الى ذلك انسحاب ليفني وحزبها «الحركة» من الحياة السياسية ما يعني انتقال اصوات مؤيديها الى احزاب الوسط.
حزبا العمل وميرتس انهيا انتخاباتهما الداخلية واختارا قائمتهما للكنيست القادمة مع فشل محاولة الدمج بينهما وبعد التراجع الكبير في قوة الحزبين فإن الانتخابات التمهيدية ادت الى انتعاش امالهما في تجاوز نسبة الحسم خاصة حزب ميرتس بينما اقترب العمل من تجاوز العشرة مقاعد لكن تبقى تهمة اليسار التي يروجها الليكود ضد الحزبين احد اهم العراقيل في تراجع الحزبين واقتراب العمل من مواقف اليمين الاسرائيلي في الموضوع الفلسطيني والتنصل مما يسمى حل الدولتين يؤشر الى ذلك وتبقى مقاعد العمل مرشحة للدخول الى أي حكومة سواء برئاسة نتنياهو او غانتس تماما كما حزب «كولانو» بقيادة وزير المالية موشيه كجلون بما يعني ان أي مرشح لن يجد صعوبة في تشكيل الحكومة وغانتس نفسه حال تشكيل نتيناهو للحكومة الجديدة مرشح للانضمام اليها والحصول على منصب وزير الحرب، وتبقى الاحزاب الحريدية «اغودات يسرائيل» و «شاس» رغم حسم الأخيرة خيارها مع نتنياهو مرشحة للانضمام الى أي حكومة برئاسة نتنياهو او غانتس.
تبقى السمة الرئيسية في التنافس الانتخابي الإسرائيلي متمركزة في البعد الشخصي لزعماء الأحزاب والقضايا الداخلية ولا تكاد تلمس أي فروق في مواقفها السياسية الخارجية على الصعيد الأمني والسياسي فالجميع يريد الحفاظ على المستوطنات والقدس موحدة عاصمة للاحتلال واقصاء الفلسطيني والتخلص منهم ككتلة ديمغرافية مع بقاء السيطرة على الارض أي استمرار الاحتلال وفي الموضوع الايراني تماثل غانتس مع نتنياهو في خطابه امام مؤتمر الامن في ميوينخ بل وتبدى اكثر تطرفا من نتنياهو حين تباهى بقتل مئات الفلسطينيين في عدوان 2014 ما يجعل أي تعويل فلسطيني على نتائج الانتخابات مضيعة للوقت الامر الذي يتطلب رؤية أخرى تواجه حالة الصلف والتوحش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني.