لمين هالفعالية؟ يعني بالعربي الفصيح: أيّ فصيل هو المسؤول عن تنظيمها؟ سألتني بصوت هامس الناشطة النسوية زينب الغنيمي لدى حضورها الفعالية الشبابية هنا في غزة.
قلت: «أنا هنا للتضامن مع اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك بسوريا». لكن السؤال، رغم بساطته التي لا تحتاج الإجابة عنه إلى أي فهلوة: «هذه الفعالية الفلسطينية لفصيل كذا». في النهاية، لم يكن إلا مشهداً من فعالية لتنظيم ما، أعقبتها في المكان ذاته فعالية أخرى بعنوان «قاوم»، لجهة أخرى من المنظمين.
أجواء التضامن المنقسمة في غزة، أعقبها الكثير من المسيرات والحملات التي دعت إلى تثبيت شعار «أنقذوا مخيم اليرموك» على بروفايلات صفحات الفايسبوك، إضافة إلى الكثير من البكائيات على حال اللاجئ الفلسطيني في الشتات. وبالطبع، عمد الجميع إلى نشر الصور الفظيعة للموتى من أهالي المخيم جوعاً، وبدأت المزايدات في الماكينة الإعلامية الفلسطينية. الأهم من كل ذلك حملات جمع التبرعات للمخيم، التي لاقت الكثير من الاعتراض من أهالي غزة. آخرها ستاتوس كتبه منظم حملة «أنا معاهم» الإعلامي يحيى سالم، يقول: «كيف يجرؤ البعض على إدراج صور ما لذّ وطاب من الطعام في هذه الجمعة؟»، فيعقّب أحد المتابعين: «عزيزي يحيى، خلينا منطقيين.
اليوم الجوامع بدأت تلم مصاري من الفقرا اللي هان عشان مخيم اليرموك. تانياً، إذا بغزة مش لاقين من وين نجيب مصاري عشان نشتري أكل إلنا؟ وخلقه إحنا محاصرين؟ وإذا بلدان عربية كتير مش قادرة تدخل أكل لمخيم اليرموك، كيف غزة بدها تدعم مخيم اليرموك؟». كلام صريح وجارح، لكنه للأسف حقيقي. الحديث ذاته تكرر حول «حملة تطوع لمصلحة أهل المخيم» في طولكرم. نهايته... السؤال المنطقي ذاته طرحناه على رئيس لجنة شؤون اللاجئين عصام عدوان، وردّ عليه صاحبنا بمنتهى الصدق والشفافية: «لو قمنا فعلاً بجمع تبرعات وحملنا شاحنة إغاثة، لما استطعنا دخول معبر رفح، ولو نجح الأمر لما استطعنا دخول الأردن منه إلى لبنان، ولو نجح الأمر لما استطعنا دخول سوريا»! حسناً. لكنّ سؤالاً بريئاً يطرح نفسه: «لم هذه الهبّة التضامنية، مع ترحيبنا بها، بعد أكثر من عام ونصف على بداية أزمة المخيم؟ ربما كانت أجواء المصالحة المبشّر بها هي التي تدفع باتجاه التعارك على «من يساند اللاجئ الفلسطيني في المخيم المنكوب أكثر من غيره؟ وربما كانت جدة الموت جوعاً، لشعب ذاق كل أنواع الموت. أسئلة بكل تأكيد لا تستخف بحالة التعاطف مع حال اللاجئ الفلسطيني هناك، بل تضعنا وجهاً لوجه أمام الدور الإعلامي البالغ الأهمية في تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية التي يعيشها المخيم بساكنيه الفلسطينيين والسوريين، وخصوصاً في ظل اختلاف الموقف الفلسطيني حيال الوضع السوري.