حماد صبح
اتفقت حركتا فتح وحماس في اجتماعهما في غزة على إقامة مهرجان وطني رفضا لصفقة القرن ومخطط الضم الإسرائيلي . والمنتظر أن تلقى في المهرجان كلمات لأبي مازن ولإسماعيل هنية رئيس مكتب حماس السياسي ، ولقيادات فلسطينية أخرى ، ولشخصيات عربية وعالمية . واختيرت غزة مكانا للمهرجان . ونرى أن يقام في الضفة ، في رام الله ، أو نابلس ، أو جنين . ومسوغات هذا الرأي :
أولا : معركة الصفقة والضم الفعلية في الضفة لا في غزة ، صحيح هي معركة وطنية واحدة إلا أن كونها جغرافيا في الضفة يجعل أي مشاركة فيها أشد فاعلية إذا كانت في الضفة ذاتها .
ثانيا : إقامة المهرجان في الضفة اختبار لصدق نوايا السلطة وجديتها في التقارب مع حماس لمواجهة الصفقة والضم . وحديثنا عن اختبار صدق السلطة وجديتها حوافزه كثيرة ، ومنها ما حدث بعد يوم من حوار جبريل الرجوب مع صالح العاروري حين قمع أمن السلطة استقبالا احتفاليا في جنين لمناسبة الإفراج عن أخي الوزير الحمساوي السابق وصفي قبها بعد 18 عاما من السجن في إسرائيل . وضرب أمن السلطة الوزير ، واستولى على الرايات واللافتات . وفي اختبار الصدق والجدية ستكون حرية أعضاء حماس وغيرها من الحركات في الاشتراك في المهرجان في الضفة دون أن يعترض جيش الاحتلال تحركهم ، ودون أن تعترض السلطة على ما سيقولون فيه . ورأينا ما حدث لممثل الجبهة الشعبية حين اعترض على طريقة إعداد البيان الذي أعلن فيه أبو مازن في 19 مايو الماضي ” التخلي ” عن كل التزامات السلطة تجاه إسرائيل وأميركا . قال له أبو مازن : ” بديش حدا ييجي يحكيلي ” .
ثالثا : ستكون إقامة المهرجان في الضفة مشاركة مباشرة في معركة مواطنيها اليومية مع المستوطنين الذين يستولون على أرضهم ويحرقون مزارعهم ويسرقون غلالها وثمارها ، ويقطعون أشجارها ، ومع قوات الاحتلال التي تضطهدهم وتذلهم على الحواجز ، وتعتقلهم وتقتلهم عشوائيا على الاشتباه والوهم .
رابعا : سيتضمن المهرجان مشاركات لشخصيات عربية وعالمية بكلمات عن بعد ، وإقامته في الضفة سيجعل مشاركة بعض هذه الشخصيات حية مباشرة ، والمتوقع أن يكون بينها شخصيات إسرائيلية وفلسطينية من أراضي 1948 ، ووصول هذه الشخصيات إلى الضفة سهل ، ومستحيل في حالة غزة .
خامسا : إقامة المهرجان في الضفة ستوجه خطابا مباشرا إلى مستوطنيها تذكرهم بأن الأمر لم يستقر لهم فيها ، وأن فيها شعبا يرفض وجودهم العدواني الاغتصابي ، وأن في العالم من يقف مع قضية هذا الشعب العادلة ولو بالكلمة الشريفة الصادقة المعبرة عن ضمير أخلاقي إنساني .
والرصاصة من قرب تزعج ولو لم تقتل . رب معترضين بأن إقامة المهرجان في غزة آمن صحيا لخلوها من كورونا بخلاف الضفة التي تتعرض منذ مدة لانتشار واسع مفاجىء للإصابة بها يبدو في سباق ماراثوني مع انتشارها في إسرائيل . هذا اعتراض قابل للنظر فيه وحل مشكلته بالطرق التي تراها وزارة الصحة الفلسطينية ملائمة والتي اختبرت فاعليتها من قبل . أن تكون المعركة في الضفة ويقام مهرجانها في غزة ، وأن يكون العرس في الضفة والغناء في غزة ؛ أمر ليس حكيما ولا فعالا في معارضة صفقة القرن المشئومة الظالمة وخطة الضم العدوانية الإجرامية . لنضع كل شيء في موضعه عسى أن يكون نجاحنا فيه متاحا مأمولا . ومن الجيد إقامة مهرجان وطني موازٍ لفلسطينيي الخارج ، وسيكون هذا المهرجان كبير التأثير لسهولة عالمية المشاركة فيه ، ولما فيه من دلالة على وحدة الشعب الفلسطيني ، وتمسكه بحقه الوطني في أرضه مهما طال إبعاده القسري عنها ، ومن الإيجابي إقامة مهرجان مماثل في غزة ، ولكن ليس بديلا لمهرجان الضفة .
كاتب فلسطيني