أقدم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اليوم الخميس، على فرض عقوبات على المحكمة الجنائيّة الدوليّة في لاهاي، بسبب "التحقيقات في جرائم حرب أميركيّة في أفغانستان" وقرارات المدعية الدولية ضد الاحتلال الصهيوني.
وستفرض عقوبات ماليّة على القضاة وقيود سفر على العاملين بالمحكمة المشاركين مباشرة في التحقيق مع قوات أميركية ومسؤولين استخباراتيين بسبب جرائم حرب محتملة في أفغانستان دون موافقة أميركية.
وقال مسؤول بارز بالإدارة الأميركيّة إن "تحقيق الجنائية الدولية ينتهك السيادة الوطنية الأميركية، وروسيا ربما تكون مُشَجِّعة للاتهامات ضد القوات الأميركية"، دون ذكر أيّة تفاصيل إضافية.
وأنشأت المحكمة ومقرها لاهاي في 2002 لمحاكمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في المناطق التي قد لا يواجه المعتدون فيها العدالة، ويشارك فيها 123 دولة تعترف باختصاصها القضائي.
وعلى العكس من تلك المعاهدات والاتفاقيات، لم تكن الولايات المتحدة أبدًا عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. وشعرت الإدارات من كلا الحزبين بالقلق بشأن المحاكمات السياسية المحتملة لقوات ومسؤولين أميركيين بسبب جرائم حرب أو فظائع أخرى مزعومة.
واستطاعت الولايات المتحدة الحصول على تعهدات من معظم أعضاء المحكمة بأنهم لن يسعوا لمثل هذه المحاكمات ويخاطرون بخسارة المساعدات العسكرية والمساعدات الأميركية الأخرى.
لكنّ ممثلي الادعاء في الجنائية الدولية أبدوا استعدادا للمضي قدما في تحقيقات مع قوات أميركية وشرعوا في تحقيق في بداية العام الجاري أثار إدانة أميركية فورية.
والأحد الماضي، وصف وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في "بودكاست" يصدر عن مركز أبحاث أميركي يُعرف بولائه للمحافظين، المحكمة الدولية بـ"الفاسدة"، وأضاف "نحن مصممون على حماية الجنود الأميركيين و حلفائنا في إسرائيل من ملاحقة المحكمة الدولية الفاسدة".
وأعرب بومبيو في المقابلة عن "قلقه الشديد" من المحاولة لمقاضاة الولايات المتحدة بسبب جرائم حرب ارتكبت عبر القوات الأميركية في أفغانستان، وقال إن المحكمة مصممة تلاحق "الجنود الأميركيين الذين حاربوا بموجب قانون الدولة الأكثر تحضرا في العالم"، على حد تعبيره.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد شنّت، يوم الجمعة الماضي، هجوما حادا على الجنائية الدولية، لنيّتها التحقيق في جرائم حرب إسرائيليّة في الضفة الغربية و القدس وقطاع غزّة.
وأشارت تقديرات إلى أن البيان الأميركي الحاد صدر حينها، بناء على طلب إسرائيلي خلال لقاء المسؤولين الإسرائيليين ببومبيو، الذي زار البلاد منتصف أيار/ مايو الماضي.
وجاء في بيان الخارجية الأميركية أن قرار الجنائية الدولية يثبت أنه "كيان سياسي، لا سلطة قضائية"، وأن المحكمة "لا تملك صلاحية قضائية للتحقيق مع إسرائيل، لأنها لم توقع على اتفاقية روما التي أسست المحكمة".
ونص البيان أنه "في 30 نيسان/ أبريل الماضي، قررت المحكمة فرض صلاحياتها على الضفة الغربية، قطاع غزة وشرقي القدس... الولايات المتحدة أوضحت أن الفلسطينيين لا يوفون شروط الانضمام لاتفاقية روما ولمنظمات دولية مثل المحكمة".
وأضاف البيان أن "الولايات المتحدة تنضم إلى الدول السبع التي تعارض التحقيق، وهي أستراليا والنمسا والبرازيل وتشيكيا وألمانيا وهنغاريا وأوغندا، وأوضحت أن للمحكمة العليا لا توجد صلاحيات الاستمرار في التحقيق ضد إسرائيل"، وأردف أن "محاولة المحكمة ممارسة صلاحياتها خارج مجالها القضائي هي مسار سياسي تسخر من القانون والإجراءات العادلة".
وفي آذار/مارس الماضي، أجرى وفد إسرائيلي رسمي "زيارة سرية" في واشنطن لتنسيق مواجهة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بحسب مسؤولين صهاينة، بعد قرار المحكمة فتح تحقيق في جرائم أميركية في أفغانستان، بعد أشهر معدودة من قرارها بفتح تحقيق ضد الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن المسؤولين الصهاينة أن وزير الطاقة، يوفال شطاينتس، يترأس الوفد الإسرائيلي، وذكرت أن الزيارة جاءت بالتزامن مع قرار المحكمة في لاهاي بالسماح للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، بإجراء تحقيق حول جرائم أميركية محتملة في أفغانستان.
وسمحَ قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية، في آذار الماضي، لمُمثلي الادعاء بفتح تحقيق في اتهام حركة طالبان والقوات الأفغانية والأميركية بارتكاب جرائم حرب ومُمارسات ضد الإنسانية في العقدين الأخيرين في أفغانستان، كما وصفها مُمثلو الادعاء.