Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

على وقع مشاريع "ضمّ" أراضٍ بالضفة.. انقسام "إسرائيلي" يلوح بالأفق

48234380_303.jpg
فضائية فلسطين اليوم_خاص - فلسطين المحتلة

مع بدء تطبيق خطة "الضمّ" في الأول من تموز المقبل وفق ما أعلن رئيس حكومة الاحتلال "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو، ظهرت بوادر انقسام جديدة خلال الأيام الماضية، في أوساط قادة المستوطنين حول موقفهم من خطة إدارة الرئيس الأميركي، "دونالد ترامب"، للتسوية في الشرق الأوسط، الأمر الذي ستشكل تحديًا لنتنياهو، الذي يسعى لتنفيذ "الضمّ" الذي يتعجله منذ نهاية العام 2017.

الخلافات الحادة نشبت بين قادة المستوطنين في الضفة الفلسطينية المحتلة والحكومة "الإسرائيلية" حول مشروع ضم المستوطنات والأغوار لـ"إسرائيل"، ركّز عليها الإعلام العبري وذكرت إذاعة جيش الاحتلال أن رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية "دافيد الحياني" هاجم "صفقة القرن"، قائلًا إن "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "قرر تعريض أمن إسرائيل للخطر بإقراره إقامة دولة فلسطينية".

تصريحات "الحياني"، قوبلت بانتقادات واسعة في معسكر اليمين ومن الرئيس "الإسرائيلي"، رؤوفين ريفلين، ورئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الذي أدان تصريحاته، ودعاه للاعتذار للإدارة الأمريكية.

في حين رفض "الحياني" الاعتذار، وأصرّ على تصريحاته السابقة، لافتًا إلى أنه "يُمثّل شريحة واسعة من اليمين الإسرائيلي وأن تخوفاته مشروعة من خلال تجارب الماضي".

كما كشف رئيس مجلس المستوطنات بالضفة، في تصريحات للإذاعة "الإسرائيلية" الرسمية "كان" عما وصفه بالشرط الأميركي، قائلا إن "الأميركيين اشترطوا إجماعا وطنيا واسعا كشرط لموافقتهم على تطبيق السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية".

ويستبعد إلحياني إمكانية الشروع في تنفيذ إجراءات الضم والسيادة بالموعد المعلن، قائلا "لن تكون هناك سيادة، ليس بسبب الأردن أو بسبب الفلسطينيين، وإنما بسبب الشرط الأميركي الجديد".

وعلى أثر الأزمة الناشبة، دعا ريفلين، للتهدئة في الجدل العام داخل الكيان حول مسألة الضمّ، واعتبر أن الخطاب حول الضم يأخذ في الأيام الأخيرة منحى فيه نزعة للانقسام، قائلاً: إن "مناقشة مسألة الضمّ بالتأكيد مسألة مصيرية، يجب أن تتم"، وأضاف أنه "الاختلاف ممكن، والنقاش مطلوب، لكن الخطاب العنيف والتصنيفات والسخرية والإزدراءات يجب أن تتوقف".

حديث "الحياني" يأتي في ظل انقسام في المواقف يشهده مجلس مستوطنات الضفة الغربية، إذ أيّد الكثير من أعضائه "صفقة القرن" بشكلها الحالي، بينما رفضها آخرون بحجة تعريضها أمنهم للخطر بمنح جزء من "أرض إسرائيل التاريخية للفلسطينيين ليؤسسها فيها دولة إرهاب"، على حد زعمهم.

أما صحيفة "يديعوت أحرنوت" نشرت في الأثناء صورة لخارطة الدولة الفلسطينية والمناطق التي ستُضم لكيان الاحتلال، وأشارت لخلافات عميقة داخل الحكومة "الإسرائيلية" وأوساط المستوطنين الذين يعارضون وجود كيان فلسطيني، فضلاً عن خروجهم في حملة ضد خطة "ترامب" وهو السبب الذي سيؤدي إلى إفشالها واستياء الإدارة الأمريكية وتراجعها عن دفع الخطة إلى الإمام، وبالتالي عدم تنفيذها أو تأجيلها على الأقل، ورجحت الصحيفة معركة سياسية حامية الوطيس، في المعسكر الاستيطاني، ما قد يسبب مزيدًا من الإزعاج لنتنياهو.

ويصر قادة المستوطنين الداعمين لخطة الإدارة الأميركية، على أنها "فرصة تاريخية"، كما يحلو للبعض وصفها، في حين يحاجج بعض أعضاء مجلس المستوطنات النافذين أن بنودا في خطة الإدارة الأميركية تشكل خطرا على المشروع الاستيطاني، في إشارة إلى رفضهم قيام دولة فلسطينية في الضفة، رغم أنها ستكون مقطعة الأوصال بحسب الخطة الأميركية المزعومة.

يذكر أن "صفقة القرن" تنص على الإبقاء على 15 بؤرة استيطانية كجيوب "إسرائيلية" من دون تواصل جغرافي، تكون في قلب "الدولة الفلسطينية" المنصوص في خطة ترامب، على أن تفرض حكومة الاحتلال قانونها على هذه الجيوب، بالإضافة إلى إجلاء 60 بؤرة استيطانية يعيش فيها اليوم نحو 3000 مستوطن.

وتخشى محافل "إسرائيلية" من أن تؤثر مواقف المستوطنين المناهضة للصفقة على حماسة الإدارة الأمريكية في تنفيذها، وبالتالي رفع يدها عن القضية، حيث نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" عن نتنياهو قوله لقادة المستوطنين "لا أريد التوسع في الحديث، لكن أميركا ليست في المكان الذي تواجدت فيه قبل خمسة أشهر عندما جرى الإعلان عن "صفقة القرن"، وذلك إثر الأزمات التي تواجهها الإدارة الأميركية والمتعلقة بأزمة انتشار فيروس "كورونا" والاحتجاجات ضد العنصرية تجاه الأميركيين من أصول إفريقية، تلك المستجدات تجعل ترامب يصرف النظر عن الانشغال بخطة التسوية".

وتشير أوساط سياسية متابعة للشأن "الإسرائيلي" أن غموضاً يكتنف الموقف الأمريكي من موضوع الضمّ الأحادي، وعزا الساسة ذلك لتصريحات نقلتها بعض وسائل الإعلام العبرية، عن مسؤولين أمريكيين - دون الإفصاح عن هويتهم – حيث قال مسؤول أمريكي كبير بأن "البيت الأبيض لم يعطِ ضوءًا أخضر للضم أو يشترط أن يكون الضم جزءًا من عملية سياسية كاملة".

وترى الأوساط، أن أيّ تغيير في الموقف الأمريكي على صيغة الطلب بالتأجيل أو نزع الدسم من قرار الضمّ، سيرتبط بشكل رئيسي بموقف "إسرائيلي" متراجع أو بحسابات أمريكية جديدة لها علاقة بالموقف العربي والأوروبي والفلسطيني. 

النوايا "الإسرائيلية" لضمّ المستوطنات تُشكل انعكاسات خطيرة على حقوق الفلسطينيّين، حيث سيتم بموجبها سرقة الأراضي وفصلها عن بعضها البعض وجعلها أشبه بـ "كانتونات صغيرة"، من خلال تقطيع أوصال مدن وقرى الضفة الفلسطينية والقدس، ووضع يد قوات الاحتلال عليها، ما سيحولها لسجنٍ كبير يسكنه الفلسطينيون تحت سطوة أمنية "إسرائيلية" وينتج عنها تقيد لحريّة الحركة والتنقّل وتعميق وتجذير نظام "الأبارتهايد" في الضفّة الغربيّة.

وتقترح خطة "صفقة القرن" الأمريكية ضم وسيطرة "إسرائيل" على جميع مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، بما فيها غور الأردن الواقع شرقي الضفة، والمحتل منذ عام 1967، كما تتضمن الخطة قيام دولة فلسطينية بصورة "أرخبيل" تربطها جسور وأنفاق، واعتبار مدينة القدس عاصمة مزعومة لــ"إسرائيل"، فضلاً عن إجبار الفلسطينيين على الاعتراف بـ"يهودية إسرائيل"، وهو ما يعني ضمنياً شطب حق عودة اللاجئين  لأراضيهم التي هجروا منها عام 1948.

وبحسب اتفاقية أوسلو الثانية 1995 تم تقسيم الضفة الغربية إلى 3 مناطق؛ هي "أ" و"ب" و"ج"، حيث تمثل المنطقة "أ" 18% من مساحة الضفة، وتقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية أمنياً وإدارياً، أما المنطقة "ب" فتمثل من مساحة الضفة 21%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية مشتركة، بينما المنطقة "ج"، تمثل 61% من مساحة الضفة تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية. 

مشروع ضم أرضٍ بالضفة والأغوار لـ"إسرائيل"، بمثابة تحديات جديدة تعصف بالفلسطينيين، عقب التحرك الأمريكي والإسرائيلي لرسم خرائط الضم للأراضي المحتلة والتي سَتغير الخريطة الجغرافية لفلسطين التاريخية بأكملها في خطوةٍ خطيرة ستؤثر ديموغرافياً وسياسياً واقتصادياً، وتقلص حجم الدولة الفلسطينية، عدا عن تحوّل الضفة إلى أشلاء متناثرة، وبذلك لن يمكن الفلسطينيون من إقامة أي دولة مستقبلية.

ويعتبر ضمّ أرضٍ بالضفّة انتهاكاً فظّاً من قبل "إسرائيل" للقانون الدوليّ، ومسّ بمكانة المؤسسات والجهات الدوليّة وهيبتها، بل ويُشكّل تحدياً واضحاً للمجتمع الدوليّ برمته والذي تضرب "إسرائيل" قراراته بعرض الحائط.

في المقابل تعمل وزارة الخارجية "الإسرائيلية" على تخفيف من وطأة الانتقادات الدولية المتصاعدة لا سيما من قبل بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وإسبانيا وإيرلندا والسويد وبلجيكا ولوكسمبورغ، التي تتبنى موقفا متشددا أكثر من غيرها تجاه عملية الضم 

تلك الانتقادات دفعت خارجية الاحتلال على استخدام مصطلح "فرض القانون الإسرائيلي" في الضفة، بدلاً من مصطلح "الضم"، وتعميمه دوليا باعتبار أنه أكثر قبولا لدى الغرب من مصطلحي "الضم" و"فرض السيادة".

ويعتبر المجتمع الدولي، بأغلبية ساحقة، المستوطنات غير شرعية، مستنداً لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع الاحتلال من نقل مستوطنين إلى الضفة، وبالرغم من ذلك يجهد الاحتلال لزرع المستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة حيث وصل عدد المستوطنات "الإسرائيلية" بالضفة الغربية ومدينة القدس إلى 322 مستوطنة، حتى نهاية عام 2019، وفق بيانات رسمية فلسطينية.