Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

نعم.. إسرائيل أوهن وبكثيرٍ من بين العنكبوت

وكالات

من نوافل القول والفصل أيضًا إنّه في زمن الذلّ والهوان العربيين، فإنّ دول الخليج العربيّ، تمكّنت بفضل المال من مُصادرة جامعة الدول العربيّة، والاستحواذ على قراراتها وتحويلها إلى جامعة التواطؤ على أمّة الناطقين بالضاد، فضلاً عن أنّ هذه الدول كانت وما زالت وستبقى محمياتٍ أمريكيّةٍ، ترقص على موسيقى النشاز التي يعزفها البيت الأبيض، وتُقيم علاقات وطيدة مع كيان الاحتلال الصهيونيّ، فبعدما كانت إسرائيل تُنعت بالكيان الغاصِب، باتت دولةً مرغوب فيها جدًا في العديد من الدول العربيّة، وأصبح أقطابها يحجّون إلى العواصم الخليجيّة، سرًا وعلانيّةً، مُضافًا لاستضافة الصهاينة في الأبواق الإعلاميّة التابِعة بشكلٍ أوْ بآخرٍ للأنظمة الخليجيّة، والتي لم تألُ جُهدًا منذ اندلاع الأزمة السوريّة في تأليب الرأي العام العربيّ على النظام السوريّ. وهذه المهمة، شيطنة بلاد الشّام قيادةً وشعبًا، تمّ استخدام الـ”ديمقراطيّة” السوريّة المنقوصة، وأدّت إلى تأجيج الصراع الدائر داخل سوريّة بين النظام الحاكم وبين الإرهابيين الوافدين من كلّ حدبٍ وصوبٍ بهدف تفتيت الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعيّ، وبين هذا وذاك، إسقاط نظام الرئيس د. بشار الأسد، هذا النظام الذي لم يبخل يومًا في دعم المُقاومة الفلسطينيّة واللبنانيّة، والأرشيف لا يكذِب.

***

المأساة الكُبرى أنّ دول الخليج، التي تعتبِر حزب الله تنظيمًا إرهابيًا، تمامًا مثل كيان الاحتلال الإسرائيليّ والولايات المُتحدّة الأمريكيّة، وفي الوقت عينه تقوم المملكة السعوديّة باعتقال وسجن مُجاهدين في حركة حماس على الأراضي السعوديّة بتهمة الـ”إرهاب”، المأساة العظمى أنّ هذا الدول وتحديدًا نخبها، ترى في الدولة العبريّة الدولة الأكثر ديمقراطيّةً، وتستغِّل وسائط التواصل الاجتماعيّ لترويج هذه الكذبة، وعندما تتكرّر الكذبة عدّة مرّاتٍ تُصبح حقيقةً، وهؤلاء العرب الذين يُسوِّقون لديمقراطيّة كيان الاحتلال، لا يعرِفون أنّ إسرائيل تبعد عن الديمقراطيّة ألف سنةٍ ضوئيةٍ، وتقوم بمُعاملة أصحاب الأرض الأصليين في الكيان بأبشع الصور، وتتخِّذ من التمييز العنصريّ سياسةً تنتهجها جهارًا نهارًا، ولا تتورّع عن استخدام قوانين الطوارئ التي ورثتها من الانتداب البريطاني قبل نكبة العام 1948 لتُطبّقها اليوم بعد أكثر من سبعين عامًا بهدف تحقيق أهدافها على الساحة الداخليّة، وبالتالي فإنّ إسرائيل تسير بخطىً حثيثةٍ نحول التحوّل إلى دولة شاباك، أيْ دولة تابِعة لجهاز الأمن العّام، وبذلك تتوقّف عن كونها دولةً تملك شاباك.

***

والشيء بالشيء يذكر: منذ اندلاع أزمة جائحة “كورونا” في كيان الاحتلال، لوحِظ أنّ مَنْ يقود المُواجهة ضدّ هذا الوباء الفتّاك هم جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة)، الشاباك (جهاز الأمن العّام)، بالإضافة إلى جهاز الأمن القوميّ برئاسة مائير بن شابات، الذي كان نائب رئيس الشباك قبل تعيينه في منصبه، إذن يُمكِن الجزم أنّ الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، التابِعة مُباشرةً لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، هي التي تتصدّر مُهّمة مُواجهة الـ”كورونا”، ولذا لم يكُن مفاجئًا انتقاد العميل السابق في وكالة الأمن القوميّ الأمريكيّ (NSA)، إدوارد سنودن، الذي كشف منظومة تعقب الإدارة الأمريكيّة لمواطنيها، انتقاده وبشدّةٍ الإسرائيليين لأنّهم لم يحتجوا بتاتًا على قرار رئيس حكومة تسيير الإسرائيليّة، بنيامين نتنياهو، قبل ثلاثة أسابيع، باستخدام مخزون معلومات بحوزة جهاز الأمن العام (الشاباك)، الذي يطلق عليه اسم “الأداة”، لتعقب الإسرائيليين، بادّعاء رصد مصابين بفيروس كورونا. وقال سنودن، في مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” أجراها في موسكو المُحلِّل المُختّص في الشؤون الأمنيّة والمُخابراتيّة، د. رونين بيرغمان، قال إنّه يصعب عليّ حقًا أنْ أفهم كيف لم يُثر لديكم هذا الأمر عاصفة كبيرة، وفاجأني أنّ الجمهور الإسرائيليّ لا يدرك مدى خطورة مخزون معلومات كهذا بأيدي الشباك، على حدّ قوله.

***

وختامًا: في الوقت الذي يستضيف فيه الإعلام الخليجيّ كبار المسؤولين الإسرائيليين ليتحدّثوا ويتشدّقوا عن ديمقراطيتهم المزعومة في “صحراء الديكتاتوريات العربيّة”، ويُروِّجون لرواياتٍ كاذبةٍ، في الوقت عينه تُطلِق حكومة نتنياهو الـ”ديمقراطيّة” (!) العنان لجهاز الأمن العّام (الشاباك) لمُلاحقة المُواطنين بداعي البحث عن مرضى الـ”كورونا”، وتُرسِل جهاز الـ”موساد” إلى مناطق مجهولةٍ في العالم لاستجلاب (أوْ سرقة) معدّاتٍ طبيّةٍ لعلاج الجائحة، فَعَنْ أيّ ديمقراطيّةٍ تتكلّمون؟ صحيفة (هآرتس) العبريّة، أشارت اليوم الجمعة (17.04.20) في افتتاحياتها إلى أنّه لا توجد أيّ دولةٍ في العالم تقوم باستخدام أجهزتها الأمنيّة في مكافحة وباءٍ صحيِّ مهما كانت خطورته، وبالإضافة إلى ذلك فإنّ “الشاباك” يتدّخل في تعيين المُعلِّمين والمُفتشِّين العرب في المدارس بحجة منع الـ”مُتطرِّفين” من دخول المدارس، وهو عذرٌ أقبح من ذنب، وشدّدّت (هآرتس) على أنّ الأمن لا يُمكِن أنْ يكون مُبرِّرًا للمُخابرات من أجل اقتحام الخصوصيّة، وأيضًا في كلّ ما يتعلّق بصحّة الإنسان، على حدّ تعبيرها.

***

وأخيرًا: في الماضي غيرُ البعيد كانت إسرائيل ديمقراطيّة لجميع اليهود، ودكتاتوريّة لكلّ العرب، الآن، على وقع التطورّات الأخيرة، وكشف وباء الـ”كورونا” أنّ هذا الكيان هو أوهن من بيت العنكبوت، فإنّ إسرائيل تسير بسرعة ما قبل الضوء أوْ بعده نحو الشموليّة بهدف الحفاظ على نفسها، فويلٌ لدولةٍ تخشى مُواطنيها وتتوّجس من سُكّانها؟