بقلم: صالح المصري
الوثائقي الذي عرضته الميادين - بيت العنكبوت - يحمل دلالاتٍ كبيرة على تطور قدرات المقاومة، وسرايا القدس على وجه الخصوص، ليس في الجانب العسكري فقط، بل في الجانب الأمني وصراع الأدمغة والعقول مع مخابرات العدو.
إسرائيل لم توقف عدوانها في يوم من الأيام ضد الشعب الفلسطيني، وبالتحديد في غزة، سواء من البر أو البحر أو الجو، مستغلة الحصار المتواصل على غزة، منذ أربعة عشر عاماً.
وجدت نفسي مشدوداً على مدار 36 دقيقة لمتابعة قصص العزة والفخار، وكيف تحولت أجهزة مخابرات الاحتلال إلى أضحوكة، وهي التي كانت ولا زالت تتباهي بمنظومتها الأمنية، وقدراتها العسكرية في المنطقة والعالم .
كيف استطاع المقاومون أن يكسروا كل الحصون، ويصلوا داخل مقر قيادة جيش الاحتلال ،وتضليل منظومته الأمنية، بل وحتى السيطرة على معلومات دقيقة، حول نوايا الاحتلال العدوانية تجاه جبهة المقاومة في غزة، وكشف ألاعيب المخابرات الصهيونية، التي تحاول النيل من المقاومة وقيادتها، وكيف استطاعت المقاومة استغلال الفرص المتاحة، والثغرات الأمنية بشكل سريع، وذكي، وفعال ،لتوجيه ضربة لعملائه وتفكيك شبكاته الأمنية.
كنت مبهوراً بقدرة رجال المقاومة، وهم يسجلون هذا النجاح الأمني، الأمر الذي يؤكد أنه ليس غزة ومقاومتها هي التي تقع تحت مجهر الاحتلال، بل على إسرائيل أن تقلق أنها باتت اليوم هي الأخرى تحت مجهر المقاومة، وما تم كشفه حتماً يدلل أن ما خفي أعظم، وأن الصفعة التي تلقاها جهاز المخابرات الإسرائيلي على مدار هذه السنوات، تؤكد أن هناك المزيد من النجاحات ،التي ربما تثبتها الأيام، طالما أن فيلم "بيت العنكوت" لم يغلق الحساب ،ويظهر المشهد الأخير أن هناك مزيدا من الصفعات للعدو الإسرائيلي ،وظل الحساب مفتوحاً، كما يؤكد أن صراع الأدمغة لا يزال في ذروته ،وأن المنهزم من سيفقد تركيزه ويُشل تفكيره أولاً.
التفاصيل الدقيقة لوثائقي بيت العنكبوت، تكشف المتابعة الدقيقة ،وملاحقة المعلومة لحظة بلحظة، من قبل رجال الله ،وهذا يعطي جمهور المقاومة الأمل، والثقة في هؤلاء المقاومين ،الذين يواصلون العمل ليل نهار لإفشال مخططات الاحتلال وجرائمه، ضد شعبنا الفلسطيني والمنطقة بأسرها .
ما كشفه جهاز أمن سرايا القدس في هذا الوقت والظرف الحساس ،يؤكد أن المقاومة الفلسطينية قوية، وراسخة، وقادرة على تسجيل انتصارات على جيش الاحتلال، ومنظومته الأمنية، وآلته العسكرية رغم امكانياتها المتواضعة ، كما أنه يدلل بما لا يدع مجالاً للشك، أنه في الوقت الذي يحاول فيه الاحتلال بث الإشاعة، والفتن في الشارع الفلسطيني، تفاجئه المقاومة بهذه الضربة الأمنية، لتؤكد أن المقاومة قادرة على حماية جبهتها الداخلية ،رغم ألاعيب الاحتلال ومكره .
يبدو واضحاً من خلال ما كشفته سرايا القدس ،أن المقاومة واثقة، وتعمل بصمت في كل المجالات والميادين، وتحقق نجاحات أمنية غير مسبوقة.
إن ما أظهرته مشاهد وثائقي الميادين يوضح كيف تعبث المخابرات الأمنية بكافة الساحات العربية، وهذا يزيد من قناعتنا أن الاحتلال سببٌ رئيسيٌ وراء الكثير من الويلات بحق شعبنا ،وأمتنا ،ما يتطلب الوعي الكامل، لمواجهة كافة ألاعيب الاحتلال ومخططاته، بحق جمهور المقاومة وعناصرها.
الملاحظ أن المقاومة تعمل بجهوزية عالية، فرغم الاحتياطات الأمنية، التي يسعى العدو ترويجها لعملائه، إلا أن المقاومة كانت أكثر ذكاءً وحرصاً، وهي تتحدى العدو الذي يمتلك أجهزة متطورة وطائرات استطلاع وتتبع، إلا أنها كانت له بالمرصاد لتوثق بالصوت والصورة ،وتحرز انتصارات مادية وعسكرية، فضلاً عن استثمارها للحدث سياسياً وإعلامياً ، وتدمير الروح المعنوية لضباط مخابرات العدو وهذا ما كان ليكون، لولا حالة الوحدة، والتلاحم، والتعاون، بين فصائل المقاومة العاملة في الميدان ،وتوفير البيئة الحاضنة للمقاومة، والرافضة للاحتلال بكافة اشكاله .
أكاد أجزم أن الحاضنة الشعبية للمقاومة في فلسطين ،والمنطقة اليوم ،تعيد ثقتها بمقاومتها الباسلة ،وهي تحقق نجاحات أمنية كبيرة في تضليل الاحتلال، وتحصين الجبهة الداخلية، وتكشف هشاشته أمام العالم، وتؤكد في كل مرة أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت.