Menu
فلسطين - غزة °-18 °-18
تردد القناة 10873 v
بنر أعلى الأخبار

كورونا بعين قانونية ..

فضائية فلسطين اليوم - فلسطين المحتلة

بقلم الحقوقي/ معين وليد الوحيدي

انتهجت بعض التشريعات القانونية الخاصة مبادئ وقائية للتعامل مع الأمراض المعدية والأوبئة التي تنتشر من حينٍ لآخر، وتفرض التزامات ميدانية يتوجب على حامل المرض ألا يبرحها، وأن يعمل بموجبها وإلا كان عُرضةً للمساءلة القانونية، وكل ذلك يخضع لجسامة المرض القائم ومدى تسارع تفشيه، والتساؤل القائم: هل هناك مسؤولية جزائية (جنائية) لمن يحمل مرض معدي أو وبائي، (كورونا نموذجاً)، ويتنقل به وهو يعلم خطورة مرضه على العامة؟

الإجابة على التساؤل تتطلب التعريف بماهية المرض المعدي والوبائي، وما القانون الفلسطيني الناظم في الأزمات الطبية ويضع الحلول الوقائية لها، حيث جاء قانون الصحة العامة رقم (20) لسنة 2004م، في بدايتهِ معرفاً *للمرض المعدي بأنه: كل مرض قابل للانتقال إلى الآخرين بأي طريقة كانت، وكذلك عرف المرض الوبائي بأنه: المرض المعدي الذي يتفشى بشكل غير عادي ويهدد الصحة العامة.

وباستقراء ما يحدثه فايروس كورونا، فبات من الواضح أنه مرض معدي ووبائي وأثره يتدرج وصولاً لوفاة مُصابه، لذلك أوجب القانون على وزارة الصحة أن تتعامل ميدانياً وبشكل صارم لمواجهة أي مرض معدي ووبائي من شأنه إلحاق الضرر بمصابه والمجتمع ككل، فأجاز لها في سبيل ذلك المعاينة الصحية على المنافذ والحدود، وفرض الحجر الصحي على المصابين والمشتبه بإصابتهم، وكذلك أوجب على كل من يعلم بوجود شخص مصاب أو مشتبه بإصابته أن يبلغ الجهات المختصة.

وما من شك أن حامل الفايروس هو مصدر للعدوى إن لم يلتزم بإجراءات الوقاية التي تفرضها عليه الوزارة، فيقع عليه الاختفاء عن أي تجمعٍ أو لقاءٍ أو مناسبةٍ يكثر فيها الناس، وكذلك يحظر عليه مخالطة الأفراد بأي شكل حتى التشافي والتعافي مما حل به، وعلى النقيض إن قام هذا المصاب بكسر حاجز الوقاية وخالط الناس بقصد نقل العدوى إليهم وإصابتهم، أو كان يعلم بأن مخالطته الناس ستجلب الضرر لهم، أو لم يبلغ عن إصابته أو امتنع عن أي اجراء طُلب لمنع تفشي العدوى، فيكون ارتكب جرماً يتوجب عقابه عليه.

وبالنظر إلى قانون الصحة العامة، نجد أنه نص صراحةً على أن مخالفة نصوصه تعد جريمة معاقب عليها، كما جاء في نص المادة (81) بأنه: " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تزيد على ألفي دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام هذا القانون", والمادة (82) التي شددت العقوبة حيث نصت بأنه: " *تكون عقوبة الحبس وجوبية، إذا ترتب على المخالفة خسارة في الأرواح أو أضرار جسيمة في الأموال".

وكذلك المادة (195) من قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936م والتي نصت على أنه: " كل من أتى بوجه غير مشروع أو بطريق الإهمال فعلاً يحتمل أن يؤدي إلى تفشي أي مرض خطر وهو يعلم أو لديه ما يدعوه إلى الاعتقاد بأن فعله قد يؤدي إلى تفشي عدوى هذا المرض، يعتبر أنه ارتكب جنحة"

وبالتوضيح، فإن كل من يخالف أحكام الحجر الصحي والذي يمثل بوابة التعافي يكون قد ارتكب جريمةً مشينة، ويستوجب إنفاذ القانون بحقه، سيما أن أرواح الأفراد هي محل تقديسٍ وحماية وأفرد المشرع لها حماية جنائية تصل للإعدام وذلك في حالة القتل العمد كمن يفتك بخصمه بما يحمل من مرض معدي ووبائي نتج عنه الوفاة.

ختاماً، فقد أُمرنا أن نأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء كما أُمرنا أن نتوكل على الله وكأن الأسباب ليست بشيء، والمرء يعتزم ويتيقن أن البلوى تُرَدُّ بالدعاء، ويشرع بأخذ الأسباب لمجابهتها بالطرق والأساليب والتعليمات من أهل الاختصاص، وهذا يحتم علينا أن نكون جميعاً على قدرٍ من المسؤولية والحكمة.