قرار المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أنها تعتزم إجراء تحقيق كامل في جرائم الحرب الإسرائيلية المرتكبة في الأراضي الفلسطينية, اصاب الادارة الامريكية والاحتلال الصهيوني بالهذيان, فقد أعلنت أمريكا معارضتها لقرار المحكمة الجنائية الدولية إجراء تحقيق كامل بجرائم الحرب الإسرائيلية المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، وفقا لبيان صادر عن وزير الخارجية مايك بومبيو الذي قال : «نحن نعارض بشدة هذا التحقيق وأية أعمال أخرى تهدف إلى «اضطهاد إسرائيل ظلما». وكما أوضحنا عندما اعتزم الفلسطينيون الانضمام إلى نظام روما الأساسي، فإننا لا نعتقد أنه يمكن اعتبار فلسطين دولة ذات سيادة، وبالتالي لا يحق لها الانضمام لنظام هذه المحكمة ونيل العضوية الكاملة أو المشاركة كدولة في المنظمات أو الكيانات أو المؤتمرات الدولية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية», بينما اعرب رئيس الوزراء الصهيوني المجرم بنيامين نتنياهو عن معارضته المطلقة لقرار التحقيق بالجرائم ارتكبتها اسرائيل، وقال إن قرار مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية «لا أساس له وشنيع» وسيسعى لمواجهته بالتعاون مع الادارة الامريكية.
صحيح ان هذا القرار تأخر لأكثر من خمس سنوات لأسباب كثيرة منها عدم جدية السلطة في ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة, والمساومة على دماء الضحايا باستجلاب تنازلات لصالحها من اسرائيل, لكن «اسرائيل» خيبت امال السلطة ولم تقدم لها شيئا, وتنكرت لكل الحقوق الفلسطينية, وتشددت في مواقفها المعادية للسلطة سواء باحتجاز اموال المقاصة, او اعتبار القدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني, واسقاط حل الدولتين, كذلك جاء التلكؤ في الملاحقة لمجرمي الحرب الصهاينة بسبب الضغوط التي مارستها الادارة الامريكية ودول اخرى جندتها «اسرائيل» لعدم اصدار مثل هذا القرار, وقرار المدعية العامة لمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا عام 2014 عدم ملاحقة إسرائيل، معتبرة أن الوقائع «ليست على درجة كافية من الخطورة»، ما يعني أنه يمكن اعتبار القضية غير مقبولة بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية, ويبدو ان بنسودا التي ستغادر منصبها في 2021 م وصلت الى قناعة انه لا يمكن تجاهل جرائم اسرائيل بهذا الموقف الفج, لان هذا سيفقد المحكمة الجنائية الدولية مصداقيتها, وانها خضعت للضغوط الامريكية والصهيونية الكبيرة التي تعرضت لها.
رغم دعمنا لقرار الجنائية الدولية واعتباره خطوة هامة لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة, لكن ما يشوب هذا القرار من تشويه ان فيه مساواة بين القاتل والضحية ويتهم فصائل المقاومة الفلسطينية وتحديدا حركتي حماس والجهاد الاسلامي بارتكاب جرائم تستدعي الملاحقة القانونية, وكأن الجنائية الدولية تريد ان تهدئ من روع «اسرائيل» بمثل هذا القرار, وتريد بموقف غريب وعجيب ان تساوي بين جرائم الاحتلال التي ادت لاستشهاد واصابة الاف الفلسطينيين, وموقف المقاومة الفلسطينية التي تدافع عن نفسها, فالجرائم التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني تمثلت في الهجمات على المباني السكنية والمدنيين , الهجمات العشوائية التي اوقعت ضحايا ابرياء, الهجمات على مدارس الأونروا وملاحقة اللاجئين اليها واستهدافهم بالصواريخ, الهجمات على الأحياء المدنية والبنى التحتية الأخرى والتي خلفت خسائر مادية واقتصادية كبيرة, أنشطة الاستيطان في القدس والضفة المحتلة والنقل القسري للسكان منها لتهويدها , إساءة المعاملة لفلسطينيين معتقلين لدى «اسرائيل» ويحاكمون بنظام المحاكم العسكرية الصهيونية, تصاعد العنف ضد الفلسطينيين ,
ووفقا للمتابعين لملف المسار الفلسطيني في المحكمة الجنائية الدولية الدائمة فقد فحصت المدعية العامة للمحكمة أثناء دراستها التمهيدية، عدد من الجرائم «الخطيرة» التي ارتكبها الفلسطينيون وذلك على النحو التالي:(الهجمات المزعومة على المدنيين أي سكان المستوطنات والمدن الكبرى، الاستخدام المزعوم للأشخاص المحميين كدروع بشرية, ادعاءات إساءة معاملة الأشخاص المتهمين بالتعاون مع إسرائيل – العملاء- ), ولا ادري كيف يمكن المساواة بين هذه وتلك, لكنها محاولة بائسة لإرضاء اسرائيل وامريكا .