اعتبر المُعلق الشهير في صحيفة "نيويورك تايمز" توماس فريدمان إن "الهجمات على منشآت النفط السعودية كشفت عن مكامن الضعف في المنطقة، وجعلت من بعض الدول تعيد حسابتها خاصة بعد الموقف الأميركي اللامبالي اتجاه الضربة".
ويتحدث الكاتب عن الأرضية التي قادت إلى إعادة حلفاء أمريكا في المنطقة للنظر في أولوياتهم. ففي الساعات الأولى من صباح 14 أيلول/ سبتمبر، أطلق 20 طائرة مسيرة وصاروخًا باتجاه واحد من حقول النفط السعودية ومنشأة أخرى لتكريره. وحلّقت الطائرات والصواريخ على علوٍ منخفض وبقوة بحيث لم يستطع لا الرادار الأمريكي ولا السعودي اكتشافها.
ولا يرى الكاتب مبالغة في وصف بعض الإستراتيجيين "الإسرائيليين" العملية بأنها "بيرل هاربر" الشرق الأوسط، ولم يكن هذا العمل الجريء ليحدث بطريقة كهذه لأنه أدى إلى حالة من الهلع في العواصم العربية و"إسرائيل" وأدى إلى ارتفاع صوت تسمعه دائمًا عندما تخطئ الطريق "إعادة حساب، إعادة حساب، إعادة حساب". فكل دولة في الشرق الأوسط تقوم بإعادة النظر في إستراتيجيتها الأمنية بدءًا من "إسرائيل".
دعوات لوقف العمليات في مفاعل ديمونة
النتيجة من هذا الهجوم كما تقول صحيفة هآرتس العبرية "يجب وقف العمليات في مفاعل ديمونة لأنه ليس بعيدًا عن الخطر، والضرر الذي سيحدث منه يتفوق على المنافع منه".
ترامب لدول الخليج: أخبركم أنني مهتم فقط ببيعكم أسلحتنا
ويعلق فريدمان ساخرًا "كان حمّاما باردًا تلقاه السعوديون الذين اتصلوا بواشنطن لمناقشة ما تخطط له الولايات المتحدة من رد إستراتيجي، ليكتشفوا أن الرئيس ترامب كان مشغولاً بالبحث عن رقم الهاتف النقال للرئيس الإيراني حسن روحاني".
ولو ترجمنا مواقف الرئيس إلى العربية، فقد كان ترامب يقول لقادة دول الخليج: "نسيت أن أخبركم أنني مهتم فقط ببيعكم أسلحتنا لا استخدامها للدفاع عنكم، ولكن لا تنسوا النزول في فندقي المرة التالية التي ستحلون فيها ضيوفًا على واشنطن، ومكاتب الحجز مفتوحة".
وفهم السعوديون والإماراتيون الرسالة، وانشغلوا مثل ترامب بالبحث عن رقم هاتف الرئيس الإيراني وهاتف أمير قطر أيضًا، المؤيد لإيران، فقد حان الوقت لتصحيح الأمر مع كل الجيران".
ترامب لا يريد الحرب
وبعد هجوم أرامكو في السعودية أعلن ترامب أنه "بالتأكيد يريد تجنب الحرب"، ومرة ثانية لو ترجمنا كلامه إلى العبرية "أمريكا سعيدة بالحفاظ على العقوبات ضد إيران ولكنها لن تشارك "إسرائيل" أو بعض العرب لتغيير النظام هناك أو تدمير القدرات العسكرية الإيرانية".
ويعتقد فريدمان أن نتنياهو أساء قراءة عقلية ترامب "نحن نعوم على بحر من النفط والغاز ولن نخوض حروب الآخرين في الشرق الأوسط". وقد فهم الإيرانيون الذين ليست لديهم سفارة في واشنطن عقلية ترامب أحسن من حلفائه بالمنطقة.
150 صاروخ دقيق لحزب الله قد تشلّ "اسرائيل"
وأضاف فريدمان إن "إيران ومنذ عام 2016 تقوم بنقل معدات إلى حزب الله لتحويل القنابل العادية إلى صواريخ دقيقة، مثل تلك التي خرقت المنشآت النفطية السعودية، ولا يعرف كم عدد الصواريخ التي يملكها حزب الله، ولو كان لديه 150 صاروخًا دقيقًا فبإمكانه ضرب كل المنشآت الحيوية الإسرائيلية، إذا كان لديه 150 فقط، فيمكنه ضرب جميع الأهداف الاقتصادية والعسكرية المهمة في "إسرائيل"، من موانئ ومطارات ومحطات الطاقة والمفاعل النووي ومصنع إنتل لشرائح الكمبيوتر وشبكتها من شركات البرمجيات والتكنولوجيا ويمكنه شل إسرائيل".
وختم المعلق "قد يبدو الشرق الأوسط هادئًا في الوقت الحالي ولكن ذلك وهم، فكل طرف فيه يعيد حساباته: الإيرانيون يشعرون بالجرأة والشجاعة والعرب بالخوف، و"إسرائيل" وإيران يبتعدان خطوة واحدة عن خطأ واحد بحال وجود سوء تقدير من حرب صاروخية دقيقة مكلفة للجانبين".