يترقب السودانيون الإعلان عن حكومته الأولى في مرحلة ما بعد عمر البشير، فيما تستمر المباحثات بشأن الوزراء الذين يفترض بهم إدارة مشاكل البلاد خلال المرحلة الانتقالية نحو حكم مدني.
وكان من المقرر أن يعلن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أمس الأربعاء، عن أسماء الوزراء الرئيسيين في حكومته. غير أن مصدرا مقربا من الخبير الاقتصادي أشار، اليوم الخميس، إلى أنه لم يحسم خياراته بعد.
وقال المصدر لوكالة فرانس برس إن "المداولات مستمرة وليس واضحا متى تنتهي".
ويفترض أن يختار رئيس الوزراء الذي اختاره المجلس السيادي في 21 آب/أغسطس، أعضاء حكومته من بين الأسماء التي اقترحتها قوى الحرية والتغيير، رأس حربة الحركة الاحتجاجية، وذلك بموجب الاتفاق التاريخي الموقع في 17 آب/أغسطس.
ويستثنى من الوزراء المختارين وزيرا الداخلية والدفاع اللذان سيعينهما عسكريو المجلس السيادي المكون من ستة مدنيين وخمسة عسكريين، وتقع عليه مسؤولية قيادة البلاد لثلاث سنوات ونيف، في مرحلة انتقالية نحو سلطة مدنية منتخبة.
وأكد حمدوك أنه سيختار للحكومة أعضاء من التكنوقراط بحسب "كفاءاتهم". وقال "نريد فريقا متجانسا على مستوى التحديات".
كما أكد حمدوك، وهو خبير اقتصادي وسبق أن عمل في الأمم المتحدة، تمسكه "بتمثيل عادل للنساء" في الحكومة.
من المقرر أن يعقد أول اجتماع للحكومة والمجلس في الأول من أيلول/سبتمبر. وقد يتم تأجيل هذا الموعد في حال تأخر تشكيل الحكومة.
والوضع الاقتصادي من التحديات الأولى التي ستكون على طاولة الحكومة، بعدما بدأ اقتصاد البلاد بالتداعي إثر انفصال الجنوب في 2011 ما حرم الخرطوم من ثلاثة أرباع احتياطاته النفطية.
وفاقمت عقوبات أميركية الأوضاع بعدما استمرت لنحو عقدين بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، ورفعت في 2017، فيما ترزح البلاد تحت نسب تضخم مرتفعة ونقص مزمن في سلع أساسية ونقصاً كبيراً في العملات الأجنبية.
وشكلت الأوضاع الاقتصادية الصعبة سبباً رئيساً للاحتجاجات التي بدأت في كانون الأول/ديسمبر 2018، خاصة بعد قرار الحكومة مضاعفة سعر الخبز ثلاث مرات.
وتحولت التظاهرات بسرعة إلى حركة احتجاج ضد البشير. وخلال الأشهر الثمانية لهذه التظاهرات قتل أكثر من 250 شخصا في عمليات قمع واستخدام القوة، حسب لجنة الأطباء المركزية القريبة من المحتجين.
وسيتعين على الحكومة المقبلة أيضاً التعامل مع تحد كبير آخر: التوصل في ستة أشهر إلى اتفاقات سلام مع المجموعات المسلحة في المناطق التي تشهد نزاعات، وخصوصا تلك التي رفضت اتفاق 17 آب/أغسطس.
وقاتلت مجموعات متمردة عدة في ولايات مهمشة وخصوصا دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، قوات عمر البشير لسنوات. ووعد حمدوك "بوقف الحرب وبناء سلام دائم".
وقتل مئات الآلاف من الأشخاص في النزاعات الثلاثة ونزح ملايين. وما زال مئات الآلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات.
وأثار تأجيل إعلان الحكومة قلقا بين السودانيين الخميس.
وقال الموظف حسن عبد المجيد (48 عاماً) لفرانس برس "هذا ليس أمرا جيدا، البلاد بلا حكومة منذ نحو خمسة أشهر". وأضاف أن "السودان يواجه تحديات كبيرة وبحاجة إلى تشكيل حكومة في أسرع وقت". وحاول آخرون، مثل سنية محمد، التهوين من الأمر.
وقالت الموظفة البالغة من لعمر 32 عاما "إذا كان ذلك لإتاحة الفرصة أمام اختيار كفاءات لمناصب الوزراء، فلا مشكلة".
ولكنها استدركت قائلة "أما إذا كان التأخير بسبب عدم الاتفاق على المرشحين، فهذا مثير للقلق". وقالت إن "البلاد لن تتحمل ذلك".
وخلال الشهر الماضي، جرى تأجيل انطلاق المسار الانتقالي لـ48 ساعة خلال تشكيل المجلس السيادي.