د. محمد مشتهى
المقاومة متاحة للفلسطيني في الداخل والخارج، وبكل تأكيد كلفة مقاومة أعلى من مقاومة، فالمقاومة المسلّحة من المعروف أن كلفتها مرتفعة، وأن ممارستها لا تصلح مثلاً لفلسطينيي الخارج (على الأقل في هذه المرحلة)، فصراعنا مع العدو الصهيوني هو صراع معقد ودام وصفري المعادلة وليس بسيطاً، ومطلوب أن يتم اختيار نوع المقاومة بكل دقة وحرص. والمقاومة مطلوب أن تكون في كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني ومطلوب ألا تنحصر بغزة والضفة فقط.
الفلسطيني بالشتات لديه مقاومة بطريقة معينة، وكذلك الفلسطيني في ال 48، هذه المقاومة تكون محكومة بالزمان والمكان وأيضا محكومة بظرف التحدّي.
من المعلوم أن مهمة تفجير طاقات ومقاومة الفلسطينيين في الساحات المختلفة منوطة بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبما أن دور المنظمة شبه معطّل في تفعيل المقاومة ضد الاحتلال، وحتى يعود هذا الدور من جديد، هنا نتساءل أين دور التنظيمات الفلسطينية في هذه الساحات؟
انت كتنظيم طليعي مقاوم من المهم أن يكون فكرك ودورك دوما خلاقاً، دورك هو أن تجترح المعجزات، دورك أن تصل للفلسطيني أينما كان، هذا دور فتح ودور حماس ودور الجهاد الإسلامي ودور الجبهة الشعبية ودور الجبهة الديمقراطية ودور كافة التنظيمات الفلسطينية كما أنه دور منظمة التحرير الفلسطينية، دورهم أن يطرحوا حلولاً نضالية لشعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، وان عدم طرح الحلول وعدم السعي إلى ترجمتها ميدانيا هو بمثابة تنصُّل من الشعب الفلسطيني في الخارج....فلا يجوز من التنظيم الطليعي المقاوم الاهتمام بالفلسطيني المتواجد بغزة والضفة فقط، هناك أكثر من 6 مليون فلسطيني بالخارج، مطلوب تفعيلهم ضمن دائرة النضال، الكل مطلوب أن يكون له دور في النضال سواء بالداخل أو بالخارج.
من الذي يحكم هذا الدور؟ كل الفصائل وليس فقط منظمة التحرير الفلسطينية، ولا يجوز عند عدم المقدرة للوصول إلى فلسطينيي الخارج، التذرع وإلقاء اللوم على منظمة التحرير الفلسطينية.... ثم لا ننسى بأن أسماء التنظيمات أُقترِنت انطلاقتها باسم فلسطين، هي انطلقت من أجل فلسطين ولأجل كل الفلسطينيين، ولا تخلو أنظمتها الداخلية وأهدافها الكفاحية من الإشارة إلى تفعيل الفلسطينيين في الداخل والخارج ضمن دائرة النضال ضد الاحتلال، إذن مطلوب من كل التنظيمات السعي الحقيقي إلى تفعيل فلسطينيي الخارج وفلسطينيي ال 48 لوضعهم ضمن استراتيجيات كفاحية نضالية ثم بذل الجهد الكافي لتطبيق تلك الاستراتيجيات.
أنت كسياسي من الضروري أن تكون لغتك السياسية النضالية شاملة لكل الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، وإن مَنْ يحدد ويساهم في تعزيز وتطوير هذه اللغة هم المثقفون والمفكرون وأبناء التنظيمات المقاومة التي يقع على عاتقهم تحرير فلسطين، وليس عامّة الناس.
شعور بالتيه واليُتم يتملك الأكثرية الفلسطينية، فالفلسطيني بالخارج يشعر بالتيه، والفلسطيني في ال 48 يشعر بالتيه، حتى وصل هذا الشعور للفلسطيني بالضفة الفلسطينية، جميعهم غير منضويين في استراتيجيات المقاومة، ربما هناك استراتيجيات لكنها تنحصر ضمن الدائرة اللفظية أو الكتابية، لكن على الأرض لا يوجد شيء ملموس، وكل ما نراه من مقاومة فلسطينية بالخارج هي جهد فردي غير منظم، وجزء منه خالص ونقي ومقاومة نضالية حقيقية ومحاولات جادة للنهوض بالحالة الفلسطينية الثورية، وجزء منه مختلق وصنيعة مخابرات أجنبية وليس له علاقة بالنضال الفلسطيني، كل هذا يحدث لأن الفلسطيني بالخارج غير مشمول في استراتيجيات المقاومة الفلسطينية.....الفلسطيني بالخارج توّاق للنضال، وهو يمتلك تضحية عالية وفريدة وقد أثبت في كثير من مراحل الصراع أنه جاهز للتضحية في أي وقت، لكن المطلوب من التنظيمات الفلسطينية هو الوصول إلى الفلسطينيين بالخارج وإدراجهم ضمن إستراتيجية مقاومة حقيقية عملية.