نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي هدم البيوت الفلسطينية في القدس.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن هدم المنازل الفلسطينية يعد من المحاور المركزية للسياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وهذا الأسبوع، دمرت المتفجرات والجرافات حوالي 70 منزلا في القدس، ما من شأنه أن يضاعف من مشكلة الاكتظاظ السكاني في القطاع الشرقي من المدينة المقدسة، حيث نادرا ما يحصل الفلسطينيون على تصريح للبناء.
وأوردت الصحيفة أن تسريع إسرائيل بهدم المباني الفلسطينية يرمي إلى إرسال رسالة واضحة مفادها أن الدعم غير المشروط الذي يتلقاه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من إدارة ترامب غير محدود ولن يضيع بأي شكل من الأشكال.
ففي الساعة الثانية من صباح يوم الاثنين، اقتحم مئات الجنود والشرطة منازل العائلات الفلسطينية في حي وادي حمص، الواقع في منطقة صور باهر، وطردوا سكانها وزرعوا متفجرات للشروع في عمليات الهدم، التي سبق أن أذنت بها المحكمة العليا في إسرائيل.
بعد فترة وجيزة، شرعت الحفارات في إكمال عملية هدم 11 مبنى حيث كان يوجد حوالي 70 منزلا، دون السماح للجيران بإزالة ممتلكاتهم ومنعهم من الوصول إلى المنطقة، التي أُعلن أنها "منطقة عسكرية مغلقة" لمدة ثلاثة أيام.
وقد كانت احتجاجات الفلسطينيين والناشطين الدوليين شديدة لكنهم لم يتمكنوا من إيقاف أعمال الجيش والشرطة.
وأوردت الصحيفة أنه قد جدت على خلفية ذلك احتجاجات دولية قبل الإجراء الذي يمهد، بلا شك، الطريق أمام عمليات أخرى مماثلة قد تدمر المئات أو الآلاف من المنازل التي هي في وضع مشابه لوضع منطقة صور باهر.
وبعد أن وافقت عليها المحكمة العليا، فإن احتمالات اضطرار الفلسطينيين إلى وقف تدمير منازلهم تكاد تكون منعدمة فعليا.
وأضافت الصحيفة أن خصوصية المنازل التي دُمّرت يوم الإثنين تكمن في أن وادي الحمص لا يقع على الجانب الآخر من الجدار الذي يبلغ ارتفاعه تسعة أمتار والذي بنته إسرائيل في بداية العقد السابق داخل الأراضي المحتلة، وإنما على الجانب المواجه لإسرائيل، على الرغم من أن المنطقة التي وقعت فيها عمليات الهدم هي المنطقة "أ" و"ب"، تعتمد نظريا على السلطة الفلسطينية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطة الفلسطينية سمحت ببناء هذه المنازل، لكن الجيش ادعى أمام المحكمة العليا أنها هذه المباني قريبة جدا من الجدار وتُعرّض حياة الجنود الذين يعملون، بشكل روتيني أو متقطع، في صور باهر للخطر.
ومن المرجح أن يتم تطبيق هذا القرار على العديد من المنازل الأخرى التي يمكن أن يرى الجيش أنها تعرض حياة جنوده للخطر.
ومرة أخرى، ساند قضاة المحكمة العليا الجيش، وهو أمر يحدث دائما تقريبا، باستثناء بعض الحالات المحددة للغاية. وهناك قادة وعسكريون يعملون في انسجام تام مع الطبقة السياسية الإسرائيلية من أجل تجريد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة من ممتلكاتهم، وهذا يحدث بشكل منهجي.
ونوهت الصحيفة بأن فرنسا أكدت أن هذه هي المرة الأولى التي تشن فيها إسرائيل عملية تدمير واسعة النطاق للمنازل التي أذنت السلطة الفلسطينية ببنائها في المنطقتين "أ" و"ب"، أي في مكان خاضع لولاية الرئيس محمود عباس.
ومن جهته، صرح متحدث رسمي باسم إسرائيل، بأن بلاده لديها كل الحق في هدم المنازل، وهو تعليق يفسر نفسه بنفسه إذا أخذنا بعين الاعتبار أن واشنطن تدعم كل ما تقوم به إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن اللوبي اليهودي يملي على ترامب ليس فقط كل ما يتعلق بإسرائيل وإنما كل ما يتعلق بالشرق الأوسط بشكل عام، من إيران إلى مصر.
وفي العالم العربي، وقع تسجيل بعض الشكاوى، التي لم تكن سوى شكلية. فقد طلب الأردن دعما دوليا لوقف الأعمال الإسرائيلية في القطاع المحتل بالقدس، ووصفت قطر عمليات الهدم بأنها "جريمة ضد الإنسانية". ومع ذلك، فضلت أهم الدول العربية، التي تعتمد سياسيا على إسرائيل، التزام الصمت.
وذكرت الصحيفة أن الفلسطينيين قد عاشوا لحظات من الرعب أثناء عمليات الهدم عبر وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية. وعلى ضوء ذلك، صرح رئيس الوزراء محمد شتية بأن تدمير عشرات المنازل يشكل "انتهاكا للقانون الدولي".
ودعا وزراء وقادة فلسطينيون آخرون المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في ما يحدث في الأراضي المحتلة.
وأكدت الصحيفة أن وضع الفلسطينيين مثير للشفقة كما هو الشأن بالنسبة لحالة الاتحاد الأوروبي، الذي لا يستطيع مواجهة واقع الاحتلال العسكري الوحشي، ويضع في الغالب بيانا تلو الآخر للإدانة، لكنه لا يتخذ أبدا قرارات فعالة ضد الانتهاكات الإسرائيلية والانتهاك المنهجي لتشريعات وقرارات مجلس الأمن.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن بعض مسؤولي الأمم المتحدة قد أعربوا عن استعدادهم لمساعدة الأسر المتضررة رغم تأكيدهم على أن المساعدات لن تكون قادرة على تعويض خسارة أصحابها، الذين استثمر بعضهم في هذه المنازل كل مدخرات حياتهم.
وقد ورد في بيان للأمم المتحدة أن "من بين الفلسطينيين الذين نزحوا قسرا والضحايا، لاجئون البعض منهم يواجهون اليوم حقيقة نزوح ثان".