صدرت وثيقة قانونية، اليوم الإثنين، تتهم الاتحاد الأوروبي باتباع سياسات تنتهك حقوق المهاجرين وتصل إلى حد ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في كيفية تعامله مع أزمة تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى شواطئ أوروبا.
وأوضحت الوثيقة المُقدمة لمحكمة الجنايات الدولية، أن أكثر من 40 ألف شخص مُنعوا من وصول أوروبا، بعد اعتراضهم في البحر المتوسط ونقلوا إلى معسكرات اعتقال ودور تعذيب في إطار سياسة أوروبية للهجرة.
وأشارت الوثيقة التي حصلت على معلوماتها من وثائق تابعة للاتحاد الأوروبي وبيانات الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية وغيرهما من كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، إلى أن مسؤولي الاتحاد مسؤولون عن حالات وفاة لمهاجرين في البر والبحر، وجرائم اغتصاب وتعذيب على نطاق واسع على أيدي خفر السواحل الليبي الممول والمدرب على حساب دافعي الضرائب الأوروبيين.
لم تذكر الوثيقة اسم أي مسؤول من الاتحاد الأوروبي، لكنها أشارت لتحقيق مستمر للمحكمة الجنائية الدولية في مصير مهاجرين ب ليبيا .
وقال المحامي الذي شارك في كتابة الوثيقة، خوان برانكو: "نترك الأمر للمدعي العام، إذا تجرأ، على الذهاب إلى كيانات السلطة والتحقيق في قلب بروكسل وباريس وبرلين وروما والبحث في أرشيف الاجتماعات والمفاوضات التي كانت وراء الكواليس لدفع هذه السياسات التي تسببت في وفاة أكثر من 14 ألف شخص".
ووفقا للوثيقة، كانت الجريمة الأولى هي قرار إنهاء عملية إنقاذ "مير نوستروم" قرب نهاية عام 2014، وهي التي أُنقذ تحت إطارها، وفي عام واحد فقط، نحو 150 ألف مهاجر في البحر المتوسط حيث كان مئات الآلاف يعبرون. وكانت تكلفة العملية أكثر من 9 ملايين يورو شهريًا، دفعت إيطاليا جميعها تقريبًا.
لكنها استبدلت بعملية أطلق عليها "تريتون" بتمويل من جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ28 وتكلفة بسيطة، وخلافا للعملية السابقة، لم تقم سفن "تريتون" بدوريات مباشرة قبالة الساحل الليبي، منشأ معظم القوارب التي كانت تتجه إلى أوروبا.
وارتفع عدد الوفيات في البحر المتوسط. ففي عام 2014، توفي حوالي 3200 مهاجر في البحر. وفي العام التالي، ارتفع العدد إلى أكثر من أربعة آلاف، وفي عام 2016 وصل إلى ذروته لأكثر من 5100 حالة وفاة واختفاء، وفقًا لأرقام المنظمة الدولية للهجرة.
ووفقًا للشكوى فإن "الهدف من هذه السياسة الجديدة هو التضحية بأرواح الكثيرين من أجل التأثير على سلوك عدد أكبر من المهاجرين. لكنها فشلت أيضًا، إذ لم تنخفض أعداد المهاجرين كما كان متوقعًا، لأن تأثير الخطر على أولئك الذين لم يكن لديهم الكثير ليخسروه في البداية كان ضعيفا".
في تلك المرحلة، تحولت دول الاتحاد الأوروبي إلى خفر السواحل الليبي، وأرسلت الأموال والقوارب ووفرت قدرا من التدريب لوحدات من القوات الموالية لمختلف فصائل الميليشيات الليبية. كان القرار بالنسبة إلى ألفا كابا، غيني تم احتجازه في ظروف ترقى إلى مستوى العبودية في ليبيا قبل أن يعبر في نهاية المطاف عام 2016، أمرا لا بد منه.
وأنقذت إحدى السفن التي تديرها المنظمات الإنسانية كابا. هذه السفن اختفت في الوقت الراهن من البحر الأبيض المتوسط، بعد رفض الدول الساحلية مرارًا السماح لهم بالدخول إلى موانيها حاملة مهاجرين على متنها.
وخلال العامين الماضيين، انخفضت الهجرة إلى أوروبا بشكل ملحوظ، حيث بلغ عدد المهاجرين خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2019 حوالي 24200 مهاجر غير نظامي، أي أقل بنسبة 27 بالمائة عن العام الماضي، وفقًا لوكالة "فرونتكس" الحدودية تابعة للاتحاد الأوروبي.
وقال كابا، الذي طلب اللجوء في فرنسا: "نعم، هناك المزيد من الهجرة، لكن أين كل هؤلاء الشباب الذين التقطتهم هذه السفن. إنهم في السجون الآن. هناك في ليبيا وفي السجون وجميعهم يخضعون للتعذيب هناك. وإن لم يسمح لهم بدخول أوروبا، فدعوهم يعودون إلى بلدانهم سريعا في أوضاع جيدة. لكن لا أحد يدخل أو يخرج".
وأقر الاتحاد الأوروبي مرارًا أن معاملة المهاجرين في ليبيا تثير قلقًا كبيرًا، رغم رفضه التخلي عن دعمه لخفر السواحل الليبي.
وستشكل المحكمة الجنائية الدولية الملاذ الأخير للتعامل مع قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية عندما تكون الدول الأخرى غير راغبة أو غير قادرة على مقاضاة مرتكبي هذه الجرائم.